رئيس التحرير
عصام كامل

ثقافة الاختلاف


كلما شاهدت برامجنا الحوارية ومدى ضيق الأفق وانعدام المرونة بين المتحاورين واللجوء إلى المفردات الجاهزة مثل الخيانة والعمالة والكفر وأحيانًا التشابك بالأيدي، أدرك تمامًا أننا لم ننضج بعد، لم نتعلم كيف نتحاور وكيف نختلف في الآراء للوصول إلى أفضل الطرق لحل مشاكلنا.


الديانات تتحاور وأعداء الأمس الذين اقتتلوا لقرون وقتلوا عشرات الملايين من البشر، يتحاورون ويتقاسمون المصالح والاتفاقيات إلا نحن في الوطن العربي.

يقيني أن التعليم النمطي التقليدي المبنى على الحفظ والتلقين في الوطن العربي خلال القرن الماضي، قد لعب دورًا كبيرًا في اضمحلال ثقافة الاختلاف وتقبل الرأي الآخر وتحكيم العقل والمنطق على الأيديولوجيات الجامدة والموروثات البالية.. أتذكر وأنا في إنجلترا منذ أكثر من عشرين سنة، أن جاء ابني وكان عمره خمس سنوات، بطلب من مديرة المدرسة تطلب منه إعداد معلومات وصور عن الحضارة المصرية القديمة ضمن جدول الدراسة عن الحضارات القديمة.

وفي الفصل الدراسي التالي طلبت المدرسة أن تستضيفني أنا أو زوجتي للتحدث للأطفال عن الديانة الإسلامية حيث إن الأديان السماوية كانت محور الفصل الدراسي.. ولاحظت أن المدرسة حريصة على تعميق مفهوم الاحترام لجميع الأديان وجميع الثقافات وتربي الأطفال على ثقافة تقبل الآخر والاختلاف والحوار وبناء جسور الثقة بين مختلف الثقافات والجنسيات والأديان.

منذ عدة أيام شاهدت زعماء روسيا الشيوعية وإيران الشيعية وتركيا العلمانية التي تدعي أنها إسلامية سنية، وهم يجتمعون في تركيا لتقسيم التورتة والنفوذ في سوريا العربية.

لو كان العرب يجيدون لغة الحوار لاجتمعوا من أول يوم للحرب السورية، واتفقوا على المبدأ وهو الحفاظ على وحدة الأرض السورية، وإجراء انتخابات؛ ولو حتى إعطاء نوع من الحكم الذاتي لبعض المناطق مثل وضع الأكراد في العراق، هل كنا وصلنا إلى هذا الوضع في سوريا.. حزين جدا على ما وصل به الحال في المنطقة العربية.
الجريدة الرسمية