رئيس التحرير
عصام كامل

عندما غاب العقل والوعي (٨)


صرح أحمد المغير- المعروف بفتى الشاطر- أنه كان هناك سلاح في اعتصام "رابعة"، وأن هذا السلاح كان كفيلا بصد أي هجوم من الشرطة، إلا أنه وقعت خيانة -حسب قوله- من البعض الذين قاموا بتهريب الجزء الأكبر منه خارج الاعتصام.. لم يكن هناك شك في أن الاعتصام كان مخترقا من قبل الأجهزة الأمنية.. وبغض النظر عن هذا التصريح، فإن هذه الأجهزة كانت تعلم يقينا بوجود سلاح، وأنه سوف يستخدم أثناء عملية الفض، خاصة أن الاعتصام استمر لمدة ٤٨ يوما..


والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يمكن اعتبار حمل السلاح وسيلة للوصول إلى السلطة، أو حتى استعادتها، بعد أن قامت ثورة شعبية لإزاحتها؟ وألا يعطى ذلك حقًا أو مشروعية لكل من يمتلك السلاح أن يثب على السلطة؟ لقد ظل العقلاء والحكماء يقدمون النصح والتحذير بترك الاعتصام والخروج الآمن، لكن للأسف، قد أسمعت إذ ناديت حيا.. فهل كان الهدف من وراء الصدام الدموى هو أحداث "كربلائية" للتغطية على فشل قيادات الإخوان في حكم مصر وعدم مساءلتها عنه، وجذب انتباه القريب والبعيد نحو اتهام السلطة بفض الاعتصام بالقوة؟ إن المسئولية الكبرى تقع على عاتق هذه القيادات، وسوف يبقى ذنب الضحايا، من قتلى وجرحى ومصابين، معلقا في رقابها إلى يوم القيامة..

تبقى نقطة مهمة، وهى أن الحشود التي ملأت ميدان "رابعة" في تلك الفترة لم تجتمع دفعة واحدة ولم تملأه بين يوم وليلة.. ومن الواضح أن حكومة الدكتور حازم الببلاوى- رئيس الوزراء آنذاك- تركت الحبل على غاربه ولم تتخذ من الوسائل والسبل التي تحول دون تجمع هذا العدد.. وكان واضحا أيضا تذبذبها حيال فض الاعتصام من عدمه.. وقد أدى هذا التذبذب إلى تضخم وزيادة الحشود إلى هذا الحد الذي وصل إليه..

وكانت عملية نقل أكياس الرمل وعمل الدشم والمتاريس تتم جهارا نهارا.. فلماذا ترك هؤلاء يفعلون ذلك؟ وهل كانت الأجهزة الأمنية غير قادرة على منعه، أم كانت لها فلسفة في تركها تفعل ما تريد؟ لقد كان اعتصام رابعة يضم عشرات الآلاف.. مات منهم بضع مئات، وجرح وأصيب آلاف.. فأين ذهب الباقون؟ هل دخلوا نفقا، أم تسربوا إلى سيناء، أم اختفوا تحت السطح، أم هذه جميعا؟ وما هو نتاج عمليات شحن الصدور بالكراهية والعداوة والأحقاد التي تمت خلال الـ٤٨ يوما، والتي برزت في مختلف الأعمال الإرهابية منذ فض الاعتصام وحتى الآن؟
الجريدة الرسمية