رئيس التحرير
عصام كامل

رحيل مؤسس إخوان السودان.. أول متمرد على «خط سير» الجماعة

صادق عبد الله عبد
صادق عبد الله عبد الماج

شيع الإخوان اليوم، شيخهم الأول في السودان، صادق عبد الله عبد الماجد، عميد الإسلاميين، ومؤسس الجماعة، وكما كانت حياته بلا صخب، انتهت المسيرة في هدوء، لدرجة أن موقع الجماعة الرسمي، والأذرع الإلكترونية والإعلامية الرسمية التابعة لها، نسيته تماما أو تناسته، رغم حجم الاهتمام اليومي لكل ما يدور في فلك الجماعة، وينتمى إليها ويخص ذكرها في العالم.


تخرج «عبد الماجد» المولود في مدينة الرهد عام 1926، من جامعة القاهرة المصرية، ودرس الحقوق، التقى حسن البنا، مؤسس الإخوان الأول، واعتنق فكر الجماعة، وحملها معه إلى السودان، ليزرعها في التربة التي ترتاح إلى الدين، وتراه مركز الحياة والآخرة، لذا كانت انطلاقة الإخوان السريعة هناك.

ﻇﻞ «ﺻﺎﺩق» طوال العقود الماضية، أيقونة ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ؛ ﻛﺎﻥ لاﺳﻤﻪ مفعول السحر ﻓﻲ ﻧﻔوﺲ ﺃﺑﻨاء ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ الإسلامية، ﺣﺘﻰ هذه اللحظة، فالرجل كانت يتمتع بمسحة ديمقراطية، جعلته يمتنع عن فرض أرائه التي حملت بعض التشدد تجاه العلاقة مع السلطة، وكان يتسامح مع مخالفيه وينزل على رأيهم سريعا، وهو ما جنب الإخوان الوقوع في أتون الأزمات السياسية، التي خاضتها في بلدان مجاورة.

"المسحة الديمقراطية" هذه كانت أيضا أهم ما كان يميز «صادق» عن ﺣﺴﻦ ﺍﻟﺘﺮﺍﺑﻲ، الذي اصطدم كثيرًا بالسلطة، وجر خلفه التيار الذي يؤيده، لذا ﻟﻢ ﻳﻜﻦ هناك أي إمكانية ﻟﻠﺘﻌﺎﻭﻥ ﺑﻴﻨن الرجلين اللذين ينتميان لـ «الإخوان».

لعب شيخ الإخوان الراحل على المساحة التي لا تخافها الدولة؛ فهو من ناحية لا ينفى مرجعية إخوان السودان لـ«حسن البنا»، ويتمرد في الوقت نفسه على المدرسة الصدامية، والتصلب في المواقف، التي تتبعها الجماعة الام، وانتهت بها إلى الانزواء في صفوف الجماعات الإرهابية، والمحظور التعامل معها حاليًا في غالبية الدول العربية والإسلامية.

انتخب صادق مراقبًا عامًا للإخوان في السودان من عام 1991 وحتى 2008، وأثر السلامة والابتعاد عن الصورة الكاملة، وترك الفرصة لغيره وهي السنة التي زرعها في إخوان السودان، بعكس إخوان مصر، التي عرفت تداول منصب المرشد لأول مرة عام 2010 وبرغبة شخصية من مهدي عاكف المرشد الأسبق للجماعة، ولم تعرفها مرة أخرى، مما تسبب في أزمات تنظيمية خطيرة تعيش فيها الجماعة منذ أربع سنوات، ليختتم الرجل حياته بعيدا عن أزمات السودان، وانفصاله، ورحل فجر اليوم، وترك سيرته لم يرغب في التحرى عنها، بما لها، وما عليها.
الجريدة الرسمية