رئيس التحرير
عصام كامل

الضابط الفصيح «ياسر وهبة».. والضمير الغائب


هلْ أتاكَ حديثُ العميدِ "ياسر وهبة"؟ لا بدَّ أنكَ تعرفُهُ صوتًا إنْ لمْ تعلمْه شكلًا. إنَّهُ صوتُ الجيشِ المصرىِّ في لحظاتِ الشدِّةِ وفى ساعاتِ الرخاءِ. ارتبطَ صوتُه بالأحداثِ المُهمةِ والفاصلةِ في حياةِ المصريينَ، خلالَ السنواتِ الخمسةِ الماضيةِ، فهوَ منْ تلا بياناتِ القواتِ المُسلحةِ في نهايةِ حُكمِ الإخوانِ، وفى أعقابِ العملياتِ الإرهابيةِ في سيناء..


وأبهجَ قلوبَ المصريينَ عندما زفَّ إليهم نبأ الضربةِ الجويةِ الناجحةِ لمعقلِ الدواعشِ في ليبيا بعدَ واقعةِ نحرِ مصريين أقباط، مُختتمًا هذا البيانَ التاريخىَّ بقولِه: "وليعلمْ القاصي والداني أنَّ للمصريينَ درعًا يحمي ويصونُ أرضَ البلادِ، وسيفًا يبترُ الإرهابَ والتطرفَ"، كما أنه منْ يقرأ بياناتِ العمليةِ الشاملةِ لمجابهة الإرهابِ "سيناء 2018".

في الأسبوعِ الماضى كانَ "وهبة" حاضرًا، كعادتهِ، بصوتِه الشجىِّ العذبِ، وأدائِه الرصينِ البليغِ، في الندوةِ التثقيفيةِ السابعةِ والعشرينَ للقواتِ المسلحةِ. وفى كلِّ مناسبةٍ.. يثبتُ "وهبة" قدراتٍ لُغويةً فائقةً، ويقدمُ أداءً مُبهرًا، لا يجاريه فيه مذيعو "ماسبيرو" الذين تسللوا إليهِ في غفلةِ من الزمنِ، تحتَ وطأة الواسطةِ والمحسوبيةِ، وبندِ "أبناء العاملينَ والعاملات"، الذي لم تُسقطْه ثورتانِ متعاقبتانِ، وليسَ مذيعو برنامجِ "صباح الخير يا مصر"، في نسختِه الجديدةِ، عنكمْ ببعيدٍ.

لا يمتلكُ الضابطُ الفصيحُ صوتًا رائعًا، ولا حضورًا مُدهشًا فحسبْ، لكنَّه يمتلكُ ناصيةَ اللغةِ العربيةِ، فلا يكادُ يُخطئ أبدًا، يتحكمُ في مخارجِ الحروفِ، وفنونِ النحوِ، فلا يفلتُ منه حرفٌ، ولا يضلُّ منه إعرابٌ، يتلو أبياتِ الشعرِ، وكأنه منْ صاغَها، يستدعى آياتِ القرآنِ الكريمِ فلا يكادُ يُلحنُ في حرفٍ أو كلمةٍ، يُضفى على الحدثِ، أيًا كانتْ طبيعتُه، لمسةً إبداعيةً تخطفُ القلوبَ، وتأسرُ الآذانَ.

لم يدرسْ ابنُ محافظةِ الغربيةِ، في كلياتِ اللغةِ العربيةِ ولا ما يُسمى "معهدَ الإذاعةِ والتليفزيونِ"، الذي يُخرِّجُ مذيعينَ بـ "نصفِ لسانٍ"، ولكنَّه أكثر فصاحةً وبلاغةً ممن حفظوا المُعلَّقاتِ، ودرسوا موسيقى الشعرِ.

إنَّ تلكَ الحالةَ الإبداعيةَ التي يُجسِّدُها العميدُ "ياسر وهبة"، في كلَّ إطلالةٍ لهُ، لا تُحسبُ لهُ وحدَهُ، بلْ تعكسُ مبادئ الانضباط والإتقان والالتزام داخلَ الجيشِ المصرىَّ، فلا عملَ ولا مهمةَ دون إخلاصٍ وتفانٍ، وهى مُفرداتٌ لا تزالُ غائبةً طوعًا أو قسْرًا، عن معظمِ مؤسساتنِا الحكوميةِ والخاصةِ.. وهذا هوَ الفارقُ.
الجريدة الرسمية