رئيس التحرير
عصام كامل

نائب وزير المالية: الفترة القاسية انتهت.. و«وهتشوفوا إنتاج وفرص عمل بعد عامين»

فيتو


  •  نمتلك خطة لخفض الدين العام إلى 60% بحلول 2022
  •  60 مليار جنيه حجم الأموال الموجودة في الصناديق الخاصة
  •  الحديث عن أزمة بين «المالية» و«المركزي» غير صحيح
  •  برنامج الإصلاح الاقتصادى أنقذنا من كارثة
  •  على الجميع أن يعمل لكى تصبح مصر كما نتمناها

لا يعترف الدكتور محمد معيط، نائب وزير المالية لشئون الخزانة، سوى بلغة الأرقام، يتقنها جيدًا، وإجاباته لا تخلو من رقم أو نسبة، فالوعود بالنسبة له لا تخرج عن خانة “الرقم المستهدف” و”النسبة المتوقعة”.

ما بين الحديث عن الموازنة الجديدة، التي لا تزال وزارة المالية تعمل عليها، والخطط المستقبلية التي وضعتها الوزارة فيما يتعلق بـ”الإيرادات والمصروفات”، وترشيد الإنفاق، دار الحوار مع “د.معيط”، الذي كان – بقدر تفاؤله - واقعيًا إلى درجة كبيرة، حيث أكد صعوبة المرحلة التي مرت بها مصر في السنوات القليلة الماضية، وتحديدًا بعد البدء في تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي، كما شدد على أن الفترة المقبلة ستشهد ما يمكن وصفه بـ”تعويض المواطن” عن الأزمات الطاحنة التي واجهها جراء تطبيق القرارات الصعبة.. وكان الحوار التالي:


> بداية.. بعد مرور ما يزيد على 15 شهرًا من بدء تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى.. كيف تقيم الوضع الحالى؟
من المؤشرات، أستطيع القول إن العجز بدأ في النزول والعجز الأولى بدأ يتحرك إلى الانخفاض بشكل كبير، وفى الموازنة الجديدة نتوقع أن يكون هناك فائض، كما أن الدين كان 108% وهو الآخر بدأ في الانخفاض حتى وصل 97%، ونسعى إلى تقليصه في الفترة المقبلة، والعجز الأولى انخفض من 3% إلى 1.1%، كما انخفض العجز الكلى من 5% إلى 4.4%.
وإضافة إلى ما سبق.. هناك مؤشرات إيجابية للغاية فيما يخص ارتفاع الإيرادات، التي أصبحت في الآونة الأخيرة أكبر من المصروفات، واحتياطي النقد الأجنبى لدى البنك المركزى وصل إلى مستوى تاريخى غير مسبوق ليسجل نحو 42.5 مليار دولار أمريكى.

> ماذا عن معدلات التضخم والبطالة؟
التضخم بدأ يتقلص في الفترة الأخيرة، وحسبما أعلن البنك المركزى فإن مؤشرات التضخم هبطت على أساس سنوى إلى 11،8 %، وذلك خلال فبراير الماضى مقابل 14،35 % في يناير الماضي، وذلك نتيجة السياسة الرشيدة التي يتبعها البنك المركزى للسيطرة على معدلات التضخم، والأمر ذاته ينطبق على البطالة، حيث بدأت هي الأخرى في الانخفاض، ناهيك عن ارتفاع معدلات النمو.

> التطورات الإيجابية تلك لا يشعر بها المواطن العادى.. ما السبب؟
على مستوى المواطن كانت هناك إشكالية كبيرة تتمثل في ارتفاع جميع أسعار السلع، لكن يجب توضيح أن هناك إشكالية أكبر، تتمثل في كيفية تدبير السلع ولو لم نتخذ تلك الإجراءات لاختفت نسبة كبيرة من السلع وهنا تكمن المعادلة وهى “توافر السلع بأسعار مرتفعة أم اختفائها نهائيا”، وأريد التنويه هنا إلى أن الأسعار التي ارتفعت في فترة ما، بدأت في التراجع مؤخرًا بشكل ملحوظ، والسلع حاليا متوافرة، وعلى مستوى الخدمات فهى مستقرة، فعلى سبيل المثال مصر دخلت مرحلة الاكتفاء الذاتى من الغاز، كما أن أسعار استهلاك الكهرباء في استقرار أيضا.
ويجب التأكيد هنا أن المواطن المصرى هو البطل الحقيقى وتحمل صعوبات كبيرة للغاية جراء الإصلاحات الاقتصادية التي قامت بها الحكومة، وأقول له إننا لجأنا إلى اتخاذ تلك الخطوة حتى لا يتعرض الاقتصاد إلى كارثة تؤدى إلى الهلاك، ونضع في اعتبارنا تعويض المواطنين عن المعاناة التي تكبدوها خلال الفترة الماضية.
كما أن الوضع القائم يحتم علينا الاستمرار في الإصلاح حتى لا نترك للأجيال القادمة حملا ثقيلا، والفترة القاسية انتهت، ورسالتى للجميع “انتظروا سنتين وهنشوف إنتاج وفرص عمل”.

> لكن هناك أقاويل وسط قطاع عريض من الشباب بأن الدولة لا تولى ملف التوظيف والتصدي للبطالة الاهتمام الكافى؟
على العكس تماما معدلات البطالة بدأت في الانخفاض، والمشروعات القومية التي يتم تدشينها ساهمت في تشغيل مئات الآلاف من الشباب، وعلى الجميع أن يعمل لكى تصبح مصر كما نتمناها.

ولأن الشيء بالشيء يذكر، فأريد الإشارة هنا إلى أن التشغيل مرتبط بالاستثمار والنمو لخلق فرص عمل حقيقية وهذا الاتجاه تعمل عليه الدولة في الفترة الأخيرة لخلق فرص عمل ونحتاج إلى أكثر من ذلك بكثير لأن النمو السكانى 2.5% ونحتاج معدلات نمو تقترب من 8% واليوم مع كل الذي حدث نقترب من 5 إلى 5.5% ونحتاج إلى 2.5% لخلق فرص عمل حقيقية للباحثين عن وظائف أو الخريجين الجدد.

> بعيدًا عن المؤشرات الإيجابية التي سبق أن تحدثت عنها.. ماذا عن التحديات التي تواجه خطط التنمية التي أشرت إليها؟
بالفعل.. هناك تحديات كبيرة نعمل على اجتيازها منها “ العجز “ حيث نستهدف في المدى القريب خفض عجز الموازنة إلى ما دون 5%، كما أن الدين العام يبلغ نحو ٩٧٪ وهى نسبة عالية للغاية، ونستهدف خفضها إلى مستويات كبيرة في الفترة المقبلة لأن جزءا كبيرا من موارد الدولة يذهب إلى سداد فوائد ديون وأقساط.

> بالحديث عن الدين.. ما المستويات الطبيعية بالنسبة للدين العام؟
المستويات غير المزعجة تتراوح ما بين 60% إلى 65% ونستهدف الوصول إلى تلك النسب.

> وكيف يتم الوصول إلى هذه النسب؟
لا بد أن يكون هناك كل عام فائض أولى وليس عجزا أوليا، كما أن إيرادات الدولة تكون أعلى من المصروفات وهذا ما تقوم به الدولة في الفترة الأخيرة، إضافة إلى وجود استثمارات ومعدلات نمو عالية تخلق إيرادات إضافية للدولة وتخلق فرص عمل حقيقية، والعجز يتراجع كل عام وذلك يؤدى إلى خفض معدلات السلف مع سداد الديون المستحقة فيكون الدين في تراجع والناتج المحلى في ارتفاع.

> وهل هناك خطة معتمدة لتحقيق هذه الخطوات؟
بالفعل هناك خطة متوسطة الأجل لتحقيق كل ذلك حتى عام 2022 أي خلال 4 سنوات نصل إلى أقل من 70%.

> في بداية الحديث أشرت إلى الموازنة العامة الجديدة 2018/ 2019.. إلى أين وصلت في الوقت الحالى؟
مشروع الموازنة الجديدة لا يزال داخل وزارة المالية ونضع الرتوش الأخيرة، ومن المقرر أن يصل إلى مجلس النواب نهاية مارس الجارى للبدء في مناقشته.

> ما المستهدف من الإيرادات في الموازنة الجديدة؟
بند الإيرادات لا يزال محل نقاش داخل وزارة المالية، فالإيرادات والمصروفات لم ننته من مناقشتهما، وسنظل نعمل عليهما خلال الفترة المقبلة.

> ما حقيقة الزيادة التي ستتم إضافتها للرواتب والمعاشات في الموازنة الجديدة؟
بالفعل.. هناك زيادة في المرتبات والمعاشات سيتم إقرارها في الموازنة الجديدة، لكننا لم نحدد نسبة الزيادة حتى الآن، ومن المقرر إعلانها في موعدها.

> كم تبلغ رواتب العاملين بأجهزة الدولة المختلفة في الموازنة الجديدة؟
يبلغ إجمالى رواتب الموظفين والعاملين بأجهزة الدولة في الموازنة الجديدة نحو 240 مليار جنيه مصرى.

> حدثنا عن خططكم فيما يخص الإنفاق الحكومى؟
نحن نقوم بالترشيد في اتجاهين، الأول متعلق بمعرفة المصروفات والإيرادات ومتابعتها لحظة بلحظة، والثاني يتعلق بإجراءات يتم اتخاذها منها – على سبيل المثال- تخفيض نسبة مشتريات المكاتب وخفض مكاتب التمثيل وعدم شراء سيارات جديدة.

> ماذا عن معدلات النمو؟
معدل النمو في الإيرادات بالنصف الأول وصل إلى 38%، وتم تحقيق 302.5 مليار جنيه في النصف الأول من العام الحالي، مقارنة بـ219.8 مليار جنيه العام المالى السابق.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن معدل النمو السكانى يصل إلى 2.5 مليون نسمة سنويا، وإذا لم يحدث نمو اقتصادى بمعدل من 7 إلى 8% سنويًا سيحدث تدهور في مستوى معيشة المواطنين، كما أننا نستهدف رفع معدلات النمو الاقتصادى إلى ٦٪ في النصف الثانى من العام المالى الحالي، والنصف الأول من 2018/2019.

> كيف تتم تسوية المديونيات بين المؤسسات الحكومية؟
هناك جهات علاقتها فقط ببنك الاستثمار القومى مثل شركات الكهرباء وتلك الجهات تعمل تسوياتها مباشرة مع بنك الاستثمار القومى، وهناك جهات علاقتها ببنك الاستثمار القومى وتقوم بالتسوية مع وزارة المالية وكل ذلك حسب الجهة، ونحاول بقدر المستطاع التحرك لفك بعض التشابكات.

> بعيدًا عن الموازنة.. من المسئول عن ملف طروحات الشركات العامة بالبورصة؟
لجنة وزارية تضم ممثلين من وزارتى المالية والاستثمار، ومجموعة أخرى ويرأسها وزير المالية.

> هل هناك أسباب تفسر تأجيل قرار الطرح؟
المتطلبات الإجرائية والقانونية عملية ليست بالسهلة وتحتاج إلى وقت حتى يتم استيفاؤها، وإلا سيكون الإجراء غير صحيح، ولا بد أن تتم الأمور بشكل قوى.

> هل تمتلك الحكومة خططا واضحة لجذب الاستثمارات الأجنبية خلال الفترة المقبلة؟
الحكومة تستهدف جذب استثمارات أجنبية مباشرة بنحو 12 مليار دولار خلال العام المالى المقبل، وذلك يأتى في ضوء برنامج الإصلاح الاقتصادى الذي أشاد به العالم.

> وسط كل هذا.. كيف ستتعاملون مع ملف الحماية الاجتماعية في الموازنة المقبلة ؟
نضع في اعتبارنا عند وضع البنود ما تحمله المواطن من صعوبات جراء الإصلاحات الاقتصادية، لذلك نراعى إيجاد حزمة اجتماعية لدعم الفئات الأولى بالرعاية، وقد نفذنا خلال العام المالى الحالى حزمة متنوعة تبلغ قيمتها 85 مليار جنيه تمثلت في زيادة بطاقات التموين وبرنامج تكافل وكرامة، إلى جانب زيادة المرتبات والمعاشات.

> ماذا عن الاشتباكات بين المالية والصناديق الخاصة؟
لا توجد أي اشتباكات.. كل ما في الأمر أنه كان هناك طلب من مجلس النواب يريد من خلاله التعرف على حجم الأموال الموجودة في الصناديق، ومن جانبنا خاطبنا البنك المركزى لحصر الحسابات وتقديم رقم واضح.

> وهل قدم البنك المركزى هذا الحصر؟
الأموال الموجودة في الصناديق الخاصة يبلغ حجمها نحو 60 مليار جنيه من ضمنها أموال الهيئات الاقتصادية، ومن حق تلك الهيئات بالقانون أن تحصل على أموالها في أي وقت، ولو حذفنا أموال الهيئات تلك من الـ 60 مليار جنيه، فسيكون حجم المبلغ الموجود في الصناديق الخاصة 29 مليار جنيه.

> كيف ستتعامل الموازنة الجديدة مع قطاعى “التعليم والصحة”.. هل تم تحديد نسبة إنفاق معينة لكل منهما أم لا يزال الأمر في إطار المناقشات؟
لم نصل حتى الآن إلى نسبة معينة، لكن لدينا رؤية محددة في زيادة نسبة المخصصات كل عام، ولا أستطيع ذكر رقم معين أو تحديد نسبة في الوقت الحالى.

> ما حقيقة ما أثير حول وجود خلافات بين وزارة المالية وبعض الوزارات والبنك المركزى؟
لا صحة مطلقا لما تردد حول ذلك فهناك تنسيق وتعاون بين وزارة المالية والبنك المركزى وبقية الوزارات، وهناك تواصل مستمر مع البنك المركزى.

> بالنسبة للمشكلات التي تتعرض لها السكك الحديدية كيف تقرأ ذلك المشهد وهل من الممكن أن تلعب وزارة المالية دورًا في إصلاح الوضع القائم؟
السكك الحديدية تتعرض لمشكلات عديدة، وتحتاج إلى تطوير كبير، وهذا التطوير يحتاج إلى ما يقرب من 200 مليار جنيه.

> ما إجمالى مديونيات مصر منذ ثورة 25 يناير؟
مصر استمرت منذ ثورة يناير وما قبلها في الاستدانة وقد بلغ حجم هذه الاستدانة منذ يناير 2011 حتى الآن تريليونى جنيه إضافة إلى الفوائد، ويجب أن يتحسن ذلك مع الاستثمار وزيادة الناتج المحلى.


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
الجريدة الرسمية