رئيس التحرير
عصام كامل

مستقبل الكارو!


تنويه مرفق بالصور على الصفحة الرسمية لأحد الأحياء في مدينة القاهرة، يقول: "بناء على تعليمات السيد /....... رئيس حي......، وفى إطار حملة "قاهرة بلا كارو" تم اليوم الموافق 2018/3/9، "القبض" على عربة كارو بشارع.....، وتم تكسيرها بمعرفة إدارة الإشغالات والمتابعة الميدانية بالحى".


إلى هنا انتهى هذا التنويه، وكانت الصور المرفقة، تحمل معانى الغل والقسوة والعشوائية، عبارة عن كارو صغيرة أسفل لودر ضخم، يهرسها بشراسة، وكأن كل مشكلات هذا الحي تلخصت في تلك الكارو وصاحبها وحمارها.

من الثابت أنه قبل اتخاذ أي إجراء فعلى تجاه تلك العربات، فلا بد أن توفر المحافظة، فرصا بديلة حضارية، مثل التروسيكل أو سيارات ربع أو نصف نقل، وبالفعل أعلنت المحافظة مساهمتها في تحمل تكلفة تقسيط ثمن البدائل على أطول فترة بأقل فائدة بالتعاون مع البنوك.

إلا أن التحطيم الفورى دون انتظار، والتكسير والهرس، كان سيد الموقف، لمصدر دخل أساسى لعدد كبير من الأسر محدودة الدخل، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة الذي يمثل تدبير مورد مالى بها عبء كبير على الطبقة الفقيرة.

نؤمن جميعا بضرورة محاربة العشوائية والفوضي في كل صورها من أجل شوارع آمنة نظيفة، بلا أي مظهر غير حضارى.

ولكن..
ماذا لو رأى صاحب الكارو، مصدر دخل أسرته يتحطم أمامه بهذا الشكل، ربما يدفعه هذا إلى ارتكاب الجرائم، لتدبير احتياجات أسرته، وأيضا في سبيل الانتقام لمصدر دخله.

هوى رؤساء الأحياء بمطارق من حديد على رءوس أصحاب تلك العربات، دون النظر للبعد الاجتماعى والإنسانى لهم.

نعم، هناك أصحاب "كارو" ربما يستحقون أن يعلقوا على "المشانق" فعليا، وهم من "يستسهلون" بإلقاء مخلفات البناء والقمامة على مطالع ومنازل الكبارى وفى عرض الشارع، ما قد يؤدى لوقوع الحوادث المميتة، وهؤلاء فعليا يجب الأخذ بالشدة البالغة معهم.

وهناك آخرون، أرباب أسر بسيطة، كل رأس مالهم في هذه الدنيا "حمار" قد يكون مؤجرًا، وقليل من الخضراوات أعلى "كارو"، يقتات منها عيش أولاده.

وفى بعض نماذج نشرتها الصحافة المصرية قريبا، يقول عبد الله، صاحب إحدى العربات إنه يسعى بعربته لنقل الخضراوات، ويطمع في العودة لمنزله آخر اليوم بما يسد جوع أولاده.

نرى صدق نوايا الحكومة في تدبير وسائل نظيفة آمنة بديلة، عن طريق توفير سيارات نقل بأقساط عن طرق البنوك لهؤلاء، ولكن إلى أن يأتى هذا التنفيذ، كان لا بد من الإحلال التدريجي، فسائق التاكسي الأبيض على سبيل المثال لم يلق بسيارته القديمة إلى مقبرة السيارات "والتخريد"، إلا عندما تسلم سيارة جديدة.
فقط عين الرحمة، ومزيد من الصبر.
الجريدة الرسمية