رئيس التحرير
عصام كامل

«بسمة وهبة» وأخطاء الأطباء ومحاربة الفساد!


الإعلام دوره مهم جدًا في مناقشة قضايا المجتمع، خاصة حينما يتناول السلبيات للقضاء عليها، والإيجابيات لتعظيمها والإشادة بأصحابها حتى يواصلوا العمل والنجاح ويكونوا قدوة في تشجيع غيرهم على الإنجاز، الإعلامية بسمة وهبة مقدمة برنامج "هنا القاهرة" في قناة "القاهرة والناس" أعلنت من خلال صفحتها على "فيس بوك" أنها سوف تفتح برنامجها لمناقشة أخطاء الأطباء في مستشفيات جامعة المنصورة، وطالبت أهالي المدينة بالتواصل معها لعرض شكواهم من المستشفيات، وعللت ذلك بأنه إعمالا لمبدأ تبني الإعلام لمحاربة الفساد والقضاء على الفاسدين..


وبصرف النظر عن أن هذا الإعلان يُعتبر سبًا وقذفًا لمؤسسة محترمة يستوجب المساءلة القانونية، فإنه يحسب للإعلامية مناقشة وفتح هذا الملف المهم، وحتى تنجح في مهمتها وتحقق النتيجة التي تريدها يجب أن يكون لديها معلومات كافية عن الموضوع الذي تطرحه، وتعلم أن مستشفيات جامعة المنصورة هي "عاصمة الطب في مصر"، حيث يتردد عليها سنويًا نحو 4 ملايين مريض فقير من محافظات الدلتا.

هؤلاء المرضى يلقون خدمة طبية مجانية في حدود الإمكانيات المادية المحدودة جدًا للدولة وبعض التبرعات الضئيلة لأهل الخير، كما يجب أن تعلم بأن المستشفيات الجامعية بشكل عام ليست مهتمها العلاج بل التعليم، ولكن للاسف ولأن الأوضاع كلها مقلوبة في مصر، تخلت وزارة الصحة عن مهامها، كما أن المريض يثق أكثر في المستشفيات الجامعية فأصبحت تتحمل العبء الأكبر في العلاج والتعليم وكذلك مشكلات الإعلام.

"بسمة وهبة" قد لا تعلم أن مستشفيات جامعة المنصورة تتحمل عشرة اضعاف طاقتها، ومن الطبيعي أن تكون هناك أخطاء في ظل الظروف القاسية التي تعمل فيها، والإمكانيات المحدودة، ورغم ذلك فإنها تحتل المركز الأول محليًا في زراعة الكلى والكبد والثالث عالميًا في زراعة الكبد بين الأحياء، ولأنها مؤسسة حكومية فإنها الأقل تكلفة، بل معظم الحالات مجانية في عمليات تُجرى في مستشفيات القاهرة بمئات الآلاف، كل هذه إيجابيات يتناسها الإعلام عمدًا لأنها لم ولن تحقق له الإثارة المطلوبة والتي تشوه سمعة مؤسساتنا المحترمة أمام المواطن في الداخل والعالم في الخارج.

يحسب للإعلامية الجريئة فتح هذا الملف المهم، ولكن هناك ملف أهم لو استطاعت تناوله فسوف تحقق للبلد خدمة جليلة، وهو برامج النصب الطبي التي تتسبب في كوارث ووفيات يومية للمواطنين واستنزاف أموالهم.

تلك البرامج مدفوعة الأجر التي تستضيف بعض عديمي الخبرة والكفاءة والمهنية والأخلاق وأيضًا الدجالين الذي ينصبون على المشاهدين تحت زعم العلاج وأصبحت مثل السرطان ينهش في جسد الأمة.

أنا أعلم أن "بسمة وهبة" هي المنتجة لبرنامجها، وأنها تشتري الوقت من القناة، ولذلك هي المتحكمة في المحتوى ولا سلطة للقناة عليها، ولذلك اتمنى أن تبدأ بمناقشة البرنامج الطبي المُعلن في قناة القاهرة والناس، حتى يكون لديها مصداقية عند مشاهديها، وأنها جادة فعلا في علاج أخطاء الأطباء ومحاربة الفاسدين وأولهم برامج النصب الطبي مدفوعة الأجر.

لا أحد يوافق إطلاقًا على أخطاء الأطباء لأنها تساوي حياة المواطن، ولكن تناول الموضوع من أجل التشهير أو على أنه ظاهرة فهذا مرفوض تمامًا؛ لأن النتيجة هي عزوف الأطباء عن علاج المرضى خوفًا من المسئولية، وبالتالي يكون الثمن غاليًا جدًا على الوطن والمواطن، فضلا عن الإساءة إلى سمعة الطب المصري التي لا تشغل بال الكثير من الإعلاميين لأنهم يُعالجون دائمًا في الخارج.

الأطباء بشر فيهم الصالح والطالح مثل الإعلاميين والضباط والقضاة وغيرهم من فئات المجتمع، فيجب التعامل مع السلبيات من منطلق النقد البناء الذي يسهم في حل المشكلات وليس التشهير والإثارة، وقبل ذلك يجب تناول الإيجابيات حتى نمنح المواطن طاقة أمل وتفاؤل في مستقبل أفضل لمقاومة اليأس والإحباط الذي يحاصره من كل اتجاه.. وتحيا مصر.
egypt1967@yahoo.com
الجريدة الرسمية