رئيس التحرير
عصام كامل

التوريث فى البنك الأهلى


نعم، فقد أعلن البنك الأهلي عن حاجته إلى 60 موظفا وموظفة جدد، حجز منهم 43 لأبناء العاملين، والباقي 17 وبذات المنطق الفاسد، فسيكونون من المعارف والأحباء .. فما معنى هذا؟


الحقيقة أن معناه كارثي لأنه ينتهك مبدأ أساسيا وهو تكافؤ الفرص.. وينتهك ما هو أكثر من ذلك، وهو المساواة بين المواطنين في الحصول على عمل.. وانتهاك قاعدة أن الفرصة يجب أن تكون للأكفأ، وليس لصاحب الواسطة والمحسوبية.

الغريب في الأمر أن البنك "العريق" يتعامل مع الأمر عادي، أي أن هذه المحسوبية أمر طبيعي، لذلك يعلنونها في البنك وفروعه.. ومن ثم تتضافر جهود أغلبية العاملين من أول رئيس البنك مروراً بأصغر موظف في التواطؤ الجماعي على هذه الجريمة .. فإذا حدث وصدقت وذهبت لتقدم أوراقك، فستجد من "يتوهك" من على الباب، يقول لك مثلاً ارسل طلب الوظيفة علي الإميل، في حين أنهم لا ينظرون أصلاً للإميلات.. أو تجد من يقول لك آسفين فقد انتهى موعد التقديم، وهو بالطبع كاذب.

أرجو ألا تقع في فخ التبرير بالقول أن هذا هو الحال البلد كلها، أو "اشمعنى البنك الأهلي".. اعرف أن أبناء القضاة أصبحوا قضاة وأبناء ضباط الشرطة وأساتذة الجامعة وغيرهم، فلم يكن الرئيس السابق مبارك وحده الذي يريد توريث ابنه.. لكن ليس معنى أن هناك سرقات "مالية البلد"، أن نرحب بوجود سرقة جديدة.

كما أرجو ألا تنسى أن هذا البنك ليس قطاعاً خاصاً، ولكنه قطاع عام، أي ملك لكل المصريين.. ولا يحق لقياداته أن تمنح أبناء العاملين وأبناءهم فرصة عمل وتحرم منها باقي المصريين.. ثم إن الدول المحترمة تحرم التمييز في الوظائف على القطاع الخاص، فهي لا تقبل أن يتم التميير بين مواطنيها في حق الحصول على العمل، ولا في أي حق من الحقوق.. وتضع القوانين الصارمة التي تعاقب من يفعل ذلك.

أضف على ذلك أن إدارة هذا البنك إذا كانت تعين الناس بالمحسوبية والواسطة، فهذا يعني أنهم غير أكفاء، ولا يستطيعون دخول منافسة عادلة بينهم وبين غيرهم من المواطنين., فليقل لنا رئيس مجلس إدارة البنك وأعضاؤه وقياداته، كيف سيديرون العمل بموظفين فشلة، أم أنهم يريدون إفشال البنك، ولا يهمهم فهو في النهاية قطاع عام .. "يعني مال سايب".. ثم كيف يمكن للعملاء أن يثقوا في مثل هذا البنك، أو أي بنك يدار بذات الطريقة؟!!

أرجو من المسئولين في البنك ألا يسارعوا بالنفي بكلام إنشائي.. وأتمنى أن يعلنوا للرأي العام أسماء المتقدمين، وما هي معايير اختيارهم ومن الذي سيختارهم.. وإذا ثبت أنني مخطأ فسوف أقدم اعتذارا علنياً.. وإذا صحت الوقائع التي وصلتني، فلابد من وقف هذه المهزلة فوراً ويعتذرون للرأي العام ويعدون دافعي الضرائب بألا يفعلوا ذلك مرة أخرى.

الجريدة الرسمية