رئيس التحرير
عصام كامل

كسوة الأضرحة «نسيج في حب آل البيت».. سعر الواحدة يصل إلى 50 ألف جنيه.. وشروط خاصة لتمويلها.. صناديق المساجد الخاصة كلمة السر في الإنجاز.. والأوقاف «لا نقبل التبرعات»

فيتو


على مدار عقود طويلة وكسوة أضرحة آل البيت من الأشياء التي تحظى باهتمام كبير من جانب وزارة الأوقاف والطرق الصوفية المصرية وورش الخيامية، خاصة مع وجود ما يزيد على 6 آلاف ضريح في مصر، وتتكون تلك الكسوة من الحرير الخالص المطرز بالآيات القرآنية، وبعض الأقوال الصوفية التي يتم اختيارها بعناية.


اللون الأخضر
وكانت كسوة الأضرحة تختار من اللون الأسود حتى قرر وزير الأوقاف الأسبق الدكتور محمود حمدى زقزوق تغييرها إلى اللون الأخضر، وكانت البداية بضريح الإمام على زين العابدين ابن الإمام الحسين حفيد الرسول صلى الله عليه وسلم، والتي تكلفت 50 ألف جنيه.

الشيخ جابر طايع، رئيس القطاع الدينى بوزارة الأوقاف أكد أن الكسوة توجد في مساجد آل البيت كالسيدة زينب ومسجد السيدة نفيسة ومسجد على زين العابدين، مشيرا إلى أنه يتم تجديدها كل فترة معينة من خلال المتبرعين أو صناديق النذور قائلا: “كل فترة يتبرع أحد الأشخاص بكسوة جديدة نجدد بها الكسوة القديمة”.

لا نقبل تبرعات
وعن شرط التبرع بتلك الكسوة للأضرحة أوضح “طايع” لـ”فيتو”: الأوقاف لا تقبل تبرعات الأموال في كسوة الأضرحة وإنما نتفق مع الشخص المتبرع بشراء المادة الخام وتجهيزها، وتعتبر عهدة مثلها مثل أي شيء يوجد داخل المسجد.

وعن تمويل كسوة الأضرحة والمزارات الصوفية أوضح الدكتور محمد أبو السعود إمام وخطيب بالأوقاف وعضو بالطريقة الصوفية الجريرية، أن تكلفة الكسوة تكون عن طريق الصناديق الخاصة الموجودة بداخل المساجد خاصة المساجد الكبرى ويوجد مساجد أخرى تكون كسوتها من المحبين والمريدين في المنطقة، وما أن ينتهى تطريز الكسوة، والتي تتكلف ما بين 3 آلاف جنيه وحتى 40 و50 ألف جنيه بعد التعويم وزيادة الأسعار، فإنه يتم تجهيز زفة للكسوة قبل دخولها إلى المسجد يحضرها أتباع الطرق الصوفية مرددين أناشيد البردة والابتهالات في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم أثناء الطريق حتى تستقر في المكان الذي خصصت له.

وعن أهم المواصفات في الكسوة قال أبو السعود: لابد من رسمها بخطوط خاصة، وأخذ مقاسات الضريح من الكسوة القديمة بالتنسيق مع وزارة الأوقاف، ووفقا للشروط التي يتم تحديدها بين الطرفين، خاصة وأن المتبرع لابد وأن يقدم مادة عينية وخامات.

التصدير
ولما كانت صناعة كسوة الأضرحة من أحد أهم المنسوجات وأعمال التطريز التي يقوم بها المصرى فقد تم تصديرها إلى العديد من الدول العربية، فيما يتم أحيانا استيراد الخام الخاص بتلك الأضرحة من بعض الدول خاصة الهند وماليزيا وأندونيسيا لاسيما وأن منهم من يتربون على الطرق الصوفية المختلفة، فمنهم من يتبعون محيى الدين ابن عربى منصور الحلاج وهم يرسلون تلك المواد الخام في صناعة الأضرحة من باب اتباع الأمر الإلهي، حسبما أكد أبو السعود.

من المعروف أن صناعة الكسوة كانت واحدة من المهن المهمة في مصر، وكان لشارع الغورية سمعته في تلك الصناعة، حيث تتواجد هناك العديد من الورش المتخصصة فقط في صناعة الكسوة، وتحديدا في منطقة “الخيامية”.

ويتحدث محمد فوزى نونو 38 سنة، الوريث الوحيد لمهنة والده، التي دفعتها سنوات ما بعد ثورة يناير إلى الاندثار والبكاء على “أطلال” الأيام الخوالي، قائلا: “ كان تحت يدى نحو عشرة صنايعية”، أما الآن فأصبح محمد وحده من يقف طوال اليوم في ورشته الصغيرة، بالكاد ما يصله “أوردر” واحد أو اثنين كل فترة، لاسيما وأن ارتفاع الأسعار والحاجة إلى توفير كل جنيه لسد ما يحتاجه الفرد من مصروفات للمأكل والمشرب، جعل المصريين يعزفون عن التبرع لتجديد ضريح هذا الشيخ أو ذاك، إلا أن أبناء الصعيد مازالوا على العهد رغم كل شيء، “أغلب زبائنى من الصعيد، الكسوة اللى في أيدي دى للشيخ أحمد أبو عامر، تبع ناس في محافظة المنيا”، يشير محمد إلى كسوة يصل طولها إلى نحو متر ونصف المتر، خضراء تتوسطها خيوط ذهبية، تحمل اسم صاحب المقام وآيات قرآنية، والشهادة.

40 عاما وراثة
عم حسن يعمل بمهنة الخيامية -صناعة كسوة الأضرحة- منذ 40 عاما وراثة من الأجداد لعائلته، وعن صناعة كسوة الأضرحة يقول: “صناعة قماش أضرحة الأولياء تنقسم إلى جزئين أول جزء بخياطة القماش الذي يكون في العادة مقاسه مترا ونصف في مترين أو وفق مقاس ومساحة الضريح، الجزء الثانى يتعلق بتطريز آيات القرآن واسم المقام أو أسماء الصحابة”.

وعن وقت صناعة كسوة الأضرحة قال: “ليس لها وقت في السنة وصناعتها تكون وفق طلبات الزبون ورغبته في تجديد قماش الضريح، وتوجد أنواع من الأقمشة المستخدمة في صناعة كسوة الضريح، فهناك قماش الستان وهو نوع لا أفضله ويوجد الحرير والقطن”، مؤكدا أن أهالي الصعيد هم الأكثر طلبا للكسوة.

يقول عم حسن: “أسعار كسوة الأضرحة تختلف حسب نوع القماش المستخدم، فالنوع السادة يبدأ سعره من 120 أو200 جنيه، أما الكسوة التي تحتاج إلى خياطة ويوجد عليها كتابة فيتعدى سعرها الآن 1000 جنيه.

أما عن أغلى أنواع الكسوة التي تعامل معها فقال: ”كسوة من قماش الحرير يصل سعرها إلى 4 آلاف جنيه”.
الجريدة الرسمية