رئيس التحرير
عصام كامل

عنان وجون ماكين.. أسئلة مشروعة


قد لا تروق قراءة هذه السطور للبعض، خاصة أنها تطال قرار الفريق سامي عنان بخوض الانتخابات الرئاسية، وقد تروق لآخرين، فالاختلاف أصبح ضمن مفردات حياتنا اليومية، ليس من قبيل التحضر.. ولكن من قبيل التخوين والتآمر في أغلب الأحيان، وتلك نتيجة طبيعية لأحداث يناير التي تفوح رائحة ذكراها هذه الأيام.


من حق الفريق عنان أن يترشح للرئاسة، ومن حقه علينا أن نحترم رغبته، وألا نشكك في نواياه، فالرجل يتمتع بخلفية تجعله محصنًا من أي اتهام ينال من وطنيته، ومن حقه أن يختار معاونيه حتى لو كانوا من جماعة الإخوان الذين لم تتلوث أياديهم بالدماء، أو من كان هواهم إخواني، ومن حقه أيضًا أن يختار من بين نوابه من دعوا لأحداث يناير أو ساندوها وهتفوا ضد الجيش وأسقطوا الشرطة وعادوا بمصر عشرات السنوات إلى الخلف، ومن حقه أن يستقطب حركة ٦ أبريل والاشتراكيين الثوريين وكل من استجابوا وشاركوا في فوضى ظنوها خلاقة كما أوهمهم من دعوا إليها ومولوها..

ومن حق الفريق عنان أن يفتح قنوات اتصال مع من يريد حتى لو كان أيمن نور الذي لم ينكر وجود الفريق عنان معه في جروب على (الواتس آب) هو وآخرين من الذين وجدوا ضالتهم فيه.

من حق الفريق عنان أن يستخدم كل الأدوات المشروعة والحيل الانتخابية وأن يوجه إتهاماته للنظام الحالي والنظامين السابق والأسبق، فتلك أسلحة مشروعة في العملية الانتخابية، وعادة ما تتوج بمناظرة مثلما يحدث في كل الأنظمة الديمقراطية، وإذا كان للفريق عنان الحق في كل ذلك.. فلنا نحن الناخبون حقوق عليه كمرشح رئاسي أوجزها في عدة تساؤلات:

هل حصل الفريق عنان على الضوء الأخضر من أمريكا فأعلن ترشيحه في توقيت تم اختياره بعناية شديدة؟ فما يتوفر لدى من معلومات يؤكد أن السفارة الأمريكية في القاهرة أرسلت إلى عدد من الذين يترددون عليها إيميلات تدعوهم من خلالها إلى مساندة الفريق عنان في الانتخابات الرئاسية، كان ذلك في الانتخابات السابقة التي انسحب منها الفريق، ثم عاودت إرسالها في الأسابيع القليلة الماضية.

ماذا عن طبيعة العلاقة التي تربط الفريق عنان بالسيناتور الأمريكي جون ماكين؟ فالمعلومات المؤكدة أن ماكين صرح في فبراير ٢٠١١ عندما بدأت فوضى يناير أن الفريق عنان هو الرئيس القادم لمصر، وماكين ثابت ضلوعه في الفوضى التي اجتاحت المنطقة تحت مسمى الربيع العربي، كما أن صوره مع أبو بكر البغدادي وقيادات الإرهاب في العراق وسوريا والتي بثتها شبكة (السي إن إن) فضحت توجهه، ومجموعة الهاكرز الروسية (سايبر بيركوت) كشفت أيضًا عن إشرافه على الأفلام التي بثتها داعش، وهي أفلام تم تصويرها وتنفيذها داخل استوديوهات هوليود، وكانت موجودة على الحساب الخاص بمساعد جون ماكين.

كما أن ماكين هو من أمد كل التيارات المتناحرة في سوريا بالسلاح وهذا ثابت ومعلوم، ولابد هنا من الربط بين دفاع نيويورك تايمز المستمر عن جون ماكين ومحاولة تبرئته من صوره مع قادة الإرهاب.. والتسريبات الأخيرة التي نشرتها نفس الجريدة وزعمت أنها لضابط مخابرات مصري مع عدد من الإعلاميين، فهل كانت هذه التسريبات التي سعت إلى الوقيعة بين أجهزة الدولة بتعليمات من جون ماكين وتم بثها في هذا التوقيت لخدمة الفريق عنان؟ أم أنه استنتاج خاطئ؟

ماذا عن مستقبل العلاقات المصرية الأمريكية إذا أصبح الفريق عنان رئيسًا؟ هل ستكون علاقة تبعية كما كانت في العهود السابقة أم أن القرار المصري سيكون مستقلًا؟ وماذا عن مستقبل العلاقات المصرية الروسية، خاصة أن جون ماكين يرى أن بوتين أخطر على أمريكا من تنظيم داعش؟ وماذا عن مستقبل العلاقات المصرية السعودية إذا ما أصبح الفريق عنان رئيسًا؟ وكيف سيتم التعاطي مع أزمة سد النهضة الذي بدأ بناؤه عندما كان الفريق عنان رئيسًا لأركان القوات المسلحة؟

كيف سيتم القضاء على الإرهاب وهل سيتم الاستعانة بجون ماكين باعتباره أحد صناعه؟ هل يعلم الفريق عنان أن مصر فتحت قنوات اتصال ووطدت علاقاتها مع دول أخرى لتتخلص من التبعية الأمريكية؟ هل يعلم أن مصر مستهدفة من أمريكا وأن الرئيس السيسي أصبح شوكة في حلق إدارتها بسبب سعيه لاستقلال القرار المصري؟

من حق الفريق عنان أن يترشح للرئاسة، ومن حقه علينا أن نحترم قراره، فمقام رئاسة مصر كبير، وبترشحه سوف نضمن منافسة تفرز تجربة ديمقراطية حقيقية، لكن.. من حقنا كناخبين أن يجيب عما طرحناه من تساؤلات، وما قد نطرحه في الأيام المقبلة.
basher_hassan@hotmail.com
الجريدة الرسمية