رئيس التحرير
عصام كامل

الورق ورقنا والدفاتر دفاترنا.. امضي يا عبد الباسط!


بعد إلقاء هيئة الرقابة الإدارية القبض على محافظ المنوفية هشام عبد الباسط، بتهمة قبول رشوة قيمتها تبلغ مليوني جنيه (113 ألف دولار) من رجل أعمال هدفها تسهيل تقنين وضع قطعة أرض استولى عليها رجل الأعمال وشريك له بمدينة السادات، وبدأت نيابة أمن الدولة العليا التحقيق مع عبد الباسط بتهم فساد، بعد أن تحفظت الرقابة الإدارية على مستندات بمكتبه، فكان هناك سؤال حائر وهو أن عبد الباسط ظل في منصب المحافظ ثلاث سنوات، وكان يدعي الشرف والأمانة والنزاهة، وقد حاز على ثقة المسئولين فتركوه في منصبه في حركة تغيير المحافظين السابقة، فكيف تم الإيقاع به؟!


للأسف هناك من يقول إنه تم القبض على "هشام عبد الباسط" نتيجة ضيق زوجته الثانية منه بعد زواجه من الثالثة، فكانت هذه الضرة هي سبب الإبلاغ عنه للجهات الرقابية، فأفشت أسرار عبد الباسط وفساده لتلك الجهات نكاية فيه منذ خمسة أشهر، وبالتالي بدأت الرقابة الإدارية وضع عبد الباسط تحت الرقابة، وتم تسجيل مكالمات صوتية تخص وقائع القضية التي ألقى القبض عليه بسببها.

وفي هذا السياق أثمن بالفعل كل جهود الرقابة الإدارية وأي جهاز رقابي آخر، لكن لا يمكن أبدا أن ننتظر حتى تبلغ زوجة عن فساد زوجها صاحب المنصب لاكتشاف الفساد، فهذه ليست الطريقة المناسبة لمحاربة الفساد، لكن الطريقة المثلى -من وجهة نظري- تبدأ من الأجهزة الرقابية والأمنية المنوط بها إبداء رأيها في المرشح للمنصب، فلو دققت هذه الأجهزة بداية في ذلك المرشح وسيرته الذاتية، وركزت على كفاءته وقدرته الفائقة على إدارة المنصب مع طهارة تلك السيرة والنزاهة المتوافرة لكان ذلك بداية محاربة الفساد؛ لأننا في البداية سنضمن مسئولا نزيهًا، ولو كان هذا ما حدث مع عبد الباسط لما تم اختياره في أي منصب منذ البداية.

فقد نقلت المصادر بعضًا من تاريخ عبد الباسط الشخصي الذي ولد بمحافظة المنيا، وكان والده يعمل بوزارة الصحة فاستطاع ذلك الوالد بالتحايل على القانون أن يعين ابنه "هشام" بالشهادة الإعدادية كعامل بوزارة الصحة، وكان هشام في ذلك الوقت يدرس بالجامعة، فضمن له والده وظيفة، وترقى هشام من عامل إلى ملاحظ ثم بعد أن حصل على مؤهله تم تسوية وضعه بالمؤهل، ثم تم تعيينه نائبا لرئيس مدينة ملوي –إزاي ماعرفش- ثم عضوا للرقابة والمتابعة بمحافظة المنيا عام 2002، حيث رقي بعد ذلك ليكون مديرا للرقابة والمتابعة (المصيبة تعظم وتزداد فيصبح الفاسد مدير الرقابة والمتابعة).

وبعدها تم نقله إلى محافظة المنوفية، وهناك تدرج في المناصب حتى أصبح رئيسا للوحدة المحلية لمدينة بركة السبع، ثم رئيسا لمدينة السادات، وبقدرة قادر صار العامل البسيط هشام عبد الباسط محافظا في واقعة لا تحدث سوى في جزر الموز..

وهو ما يدفعنا إلى السؤال عمن رشح هشام عبد الباسط لهذا المنصب؟! ولماذا لم يتم تغييره في حركة المحافظين السابقة؟! من المسئول عن ذلك؟! في اعتقادى أنه يجب محاسبة ذلك المسئول لتقصيره في أداء واجبه في وقت نحن في أشد الحاجة فيه إلى العمل بإخلاص لنهضة بلدنا بعد سنوات من الفساد والتدهور الاقتصادى.

لذا من المهم في المرحلة الحالية لمحاربة الفساد أن تختار الأجهزة الأمنية والرقابية المرشح لشغل الوظيفة القيادية على أسس النزاهة والقدرة والكفاءة، بداية من وظيفة مدير عام، وتضعه تحت المنظار، وتراقب أعماله وسلوكياته وإلخ، حتى يتم اكتشاف المنحرف أو الفاسد بسهولة وسرعة، أما المستقيم فلن يضيق بتلك المتابعة أو الرقابة، فنحن في مرحلة فارقة ومهمة من عمر الوطن نحتاج فيه إلى كل مخلص من أجل أبنائنا.
الجريدة الرسمية