رئيس التحرير
عصام كامل

البحث عن منافس للرئيس!


باقي عدة أيام على إغلاق باب الترشح على منصب الرئيس، ولم يظهر حتى الآن رسميا منافس للرئيس السيسي، بما يجعل الانتخابات الراهنة أقرب للاستفتاءات منها للانتخابات، حتى ولو نزل الفريق سامي عنان كمرشح احتياطي في الوقت الضائع، وهي إحدي الفرص المجانية الضائعة للتسويق السياسي لثورة ٣٠ يونيو، وكانت نقطة البدء لترسيخ التغيير السلمي عبر صناديق الانتخابات.


والمشكلة ليست من صناعة الدولة فقط، ولكن الجميع مشارك مع سبق الإصرار، فقد بدا وكأنهم فوجئوا بموعد الانتخابات الرئاسية، وكأنها لم تكن معلومة منذ عام ٢٠١٤، وقت إقرار الدستور، ورغم صداع فلول المعارضة الثورية والنشطاء والذي منه حول التغيير وآلياته اختفت أو كادت تتلاشي كعادتهم عند لحظات الاختبار الحقيقية، وإذا كان صحيحا إن ائتلاف الدببة حاول اغتيال أي شخص فكر في الترشح، ظنا منهم أن ذلك يخدم الرئيس، فإن الصحيح أيضا أن كل الأحزاب والقوى السياسية لم تستعد بجدية، واكتفت بالتنديد وظهر ما يسمى بمبادرة الفريق الرئاسي، التي أصدرت بيان مماحكة يرفض المشاركة بزعم ما أسمته الشروط التعجيزية للترشح..

بحثت عن هذه الشروط فلم يكن هناك أي شيء غير عادي، وكأن المعارضة باتت وظيفة لا يغادرونها من المهد إلى اللحد إلى الدرجة التي أصبح المرء يحث الدولة على أن تستعد من الآن لانتخابات الرئاسة في ٢٠٢٢، وإعداد أكثر من مرشح وتأهيلهم لهذا المنصب الحساس والمؤثر والخطير، حتى لا نفاجئ بوجود رئيس غير مؤهل يجلس على كرسي الحكم، نتيجة إحجام المؤهلين للنأي بأنفسهم عن تلك المعارك غير المتكافئة..

ومرة أخرى أخطأت الأجهزة الرسمية ولم تتصد لمناورة البعض في عدم ترشح أحد، والرد على الشعار الذي رفعوه (سيبوه لوحده)، وأخشي من الآن ألا ينزل الناخبون للصناديق، ظنا منهم أن النتيجة محسومة سلفا لصالح الرئيس، ذلك أن العدد الضخم من نواب البرلمان الذين حرروا توكيلات للسيسي والحملات التي تعمل منذ أربعة شهور وتجمع استمارات تأييد للرجل، جعلت المنافسة تكاد تكون مستحيلة، وبالتالي فإن أي عاقل لن يخاطر بالترشح، لأنها مغامرة محفوفة بكل أنواع المخاطر، ولهذا فإن ما قام به الإعلام في التعامل مع الفريق أحمد شفيق لم يكن ناضجا سياسيا، بالتحسب لهذا اليوم الذي يعيد للأذهان سنوات الاستفتاء، وكأننا نعيد عقارب الزمن للماضي، ولنقطة الصفر السياسية..

وأغرب ما في المشهد أن نفس المذيعين الذين قادوا حملات الاغتيال للمرشحين المحتملين هم الذين يدعون الناس للنزول، ظنا منهم أن لديهم تأثيرا في صياغة الوعي، أو تحريك الجماهير، وهم لايدركون أنهم يكرّسون الوعي الارتجالي المستهتر بالمزاج العام للشعب، والتدني في إخراج المشهد الانتخابي للعالم، لأن الأمر بصراحة في الهواة الذين يقودون المشهد برمته بعقلية الموظف وليس السياسي، وإزاء تلك الورطة أخشي أن نعيد سيناريو الحاج أحمد الصباحي الذي ترشح أمام مبارك وأعطي صوته لمنافسه..

وأظن أن البحث الآن عن المرشح المنافس أصبح ضرورة قصوي ليكتمل المشهد، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وإن كنت أتمني ألا تفاجئنا الأجهزة بمرشح يهين العملية الانتخابية، وتجعل الناس تكفر بالديمقراطية والتغيير عبر الصندوق.

وفِي كل الأحوال فقد بدت الممارسة الراهنة أن التعدد الحزبي والتعددية إما إنها لا تناسبنا أو أننا غير مؤهلين لها، أو أننا لم نبرأ بعد من زمن الحزب الواحد، وعلينا التعافي من ذلك، والانتظار سنوات كفترة انتقالية للشفاء من الاستبداد، فما سكن الجسد المصري في ستين عاما لا يمكن انتزاعه في ست سنوات، وليس عيبا أن نبدأ من الآن، بأن تقف الدولة لتدعيم المعارضة الوطنية، بل والعمل على تدشين حزب للأغلبية، لأن الوضع الراهن أن الحياة السياسية باتت بلا معارضة أو موالاة، وهو وضع شديد العجب بعد حدثين زلزلا الحياة، أو هكذا كنا نظن..

وحين أطالب الدولة بتنظيم الحياة السياسية والعمل على دعم المعارضة الوطنية واحتضانها، فقد سبق وقدمت النموذج، حينما قام السادات بتحويل المنابر لثلاثة أحزاب، وكان مطلوبا لحزب العمل برئاسة إبراهيم شكري تأييد ٢٠ نائبا فطلب السادات من النواب تدعيم التجربة، وبالفعل وقع عشرون نائبا ممن انضموا للحزب الوطني لحزب العمل، خاصة وأن تكتل دعم مصر هو ائتلاف مؤقت، وألف باء الحياة السياسية التعددية وجود حزبين متنافسين، حتى تستقيم المعادلة السياسية، ذلك إن كنا جادين بالفعل في احترام التعددية كما وردت بالدستور.

الجريدة الرسمية