رئيس التحرير
عصام كامل

دنيا دوارة.. «رفراندوم- إينه شعار مردم»


إيران تشتعل والعالم يترقب بين مؤيد ومعارض، غاضب وشامت، رافض وداعم، لكن تبقى حقيقة أن "الدنيا دوارة" وإيران زرعت الشر والإرهاب في منطقتنا سعيًا للسيطرة ونشر التشيع، وآن لها أن تحصد ما زرعته منذ تولي "الملالي" الحكم بعد نجاح الخميني في إطاحة شاه إيران محمد رضا بهلوي العام 1979.


انفجار المدن الإيرانية ليس وليد الصدفة وهناك من سعى إليه أو انتظر حدوثه، لكن عجل به الخلافات الإيرانية الأمريكية الأخيرة وإعادة فرض عقوبات جديدة عليها، إلى جانب التدخلات العسكرية الإيرانية في عدد من الدول العربية، التي تستنزف الكثير من مواردها وتزيد معاناة شعبها، الذي أن صبر على فساد "الملالي" وتضخم ثرواتهم ومعهم "الموالون ومن في السلطة"، فلن يصبر على الفقر والجوع والغلاء.

إنذار مبكر لتحرك الشارع الإيراني حدث قبل نحو ستة أسابيع مع نشر فيديو لأمين عام "حزب الله" اللبناني حسن نصرالله يعترف فيه بشفافية ووضوح أن "موازنة ومعاشات ومصاريف وأكل وشرب وأسلحة وصواريخ حزب الله من إيران، وطالما إيران فيها فلوس فـحزب الله عنده فلوس"!! وردًا على استفزازات وتدخلات إيران و"حزب الله" في الشأن العربي جرى تداول الفيديو على نطاق واسع، كما ترجم إلى الفارسية ليعرف الشعب الإيراني أين تذهب خيراته وأمواله خلافًا لفساد "الملالي" والسلطة!! من هنا أدرك الشعب أن المليارات تهدر على "حزب الله" اللبناني و"الحوثيين" في اليمن، ويقتل بها العرب في البحرين، العراق، اليمن، سوريا، مثلما دعموا الاحتجاجات في مصر ودفعوا الكثير لنشر التشيع فيها والسيطرة عليها بعدما سيطروا على لبنان والعراق.

عندما بدأت الاحتجاجات الإيرانية، هتف الشعب "رفراندوم، رفراندوم، اينه شعار مردم"، أي "استفتاء استفتاء... هذا شعار الشعب"، وهو بذلك يرغب بالاستفتاء على الدستور وولاية الفقيه، من هنا ترجم الغضب إلى حرق صور الولي الفقيه علي خامنئي صاحب أعلى سلطة في إيران وكذلك صور رئيس الجمهورية حسن روحاني، وقاسم سليماني قائد فيلق القدس، المشرف على المعارك خارج إيران في سورية والعراق وغيرهما.

شعار الاستفتاء ليس بجديد على إيران، فهو نفسه الذي نادى به الخميني عندما بدأ الاحتجاج الشعبي ضد الشاه نهاية السبعينيات، حينها انبرى الخميني في المنفى مطالبًا بالاستفتاء على الدستور ونظام الحكم وتخيير الشعب بين الملكية والحكم الإسلامي؟ اعتمادا على أن الأجداد الذين اختاروا الحكم الملكي قبل عشرات السنين، لم يعد اختيارهم ملزمًا للشعب الإيراني ومن حقه الاستفتاء مجددًا، وبمجرد وصول الخميني إلى إيران كان الشاه بهلوي غادرها، فأجرى الاستفتاء واختار الشعب حكم الجمهورية الإسلامية عام 1979.

الآن دارت الدنيا واكتوى الشعب عشرات السنين بحكم "الملالي" ووجد أن فسادهم ومساوئ حكمهم تفوق فساد ومساوئ حكم الشاه، فرفع الشعار نفسه داعيا إلى الاستفتاء على الدستور ونظام الحكم، لأن الجيل الحالي أغلبه ولد بعد ثورة الخميني وغير مقتنع بما اختاره آباؤهم من عشرات السنين!!

تزامن مع شعار الاستفتاء، شعار آخر لا يقل أهمية هتف به الشعب الإيراني هو "رضا شاه... روحَتْ شاد" أي "رضا شاه... طابَتْ روحُك"، ورضا شاه هو مؤسس إيران الحديثة ووالد شاه إيران الذي أطاحه الخميني.. وأبرز ما يذكره التاريخ عن رضا شاه كان أمره بخلع الحجاب والعمامة، وعندما يهتف الشارع الإيراني باسمه يعني أن الشعب ضاق بحكم ولاية الفقيه، ويريد دولة عصرية كبقية دول العالم.

أدرك "الملالي" ما يريده الشارع، ولمعرفتهم بأن الموافقة على "الاستفتاء" تعني خروجهم من الحكم، بل محاكمتهم على جرائم وفساد بلا حدود، لذا حاول الرئيس روحاني استمالة الشعب بكلمة متلفزة، لكنه فشل تمامًا، فغير لهجته الهادئة إلى التهديد والوعيد، وأن ملايين الشعب ستنزل إلى الشارع دفاعًا عن الثورة الإسلامية.. بدوره اتهم الولي الفقيه على خامنئي أمريكا وإسرائيل والسعودية بتحريض الشارع الإيراني ضد الحكومة، وأنه لن يصمت. 

وعلى المنوال ذاته هدد وزير الداخلية، ولم تلجأ السلطة حتى الآن إلى القوة المفرطة التي استخدمتها مع اضطرابات العام 2009 في أعقاب إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد، لكنها في المقابل عجزت عن تقديم حلول سريعة تلبي بها مطالب الشعب لمواجهة الغلاء ووضع نهاية للفساد المتفشي في السلطة، وزيادة رواتب الشعب، وإيقاف تمويل التنظيمات الموالية في الخارج، خصوصًا "حزب الله"، "حماس" و"الحوثيين".
الجريدة الرسمية