رئيس التحرير
عصام كامل

الأعلاف وتوافر رغيف الخبز


من القرارات الصائبة بشدة التي صدرت مؤخرًا ما أصدره طارق قابيل، وزير التجارة والصناعة، بفرض رسم صادر 900 جنيه على الطن من صادرات بعض أصناف مكونات الأعلاف بدلا من 600 جنيه للطن لمدة عام من تاريخ نشر القرار بالوقائع المصرية. 

وقد نص القرار على عدم سريان هذه الرسوم على الرسائل المصدرة إلى المشروعات الإنتاجية المقامة في المناطق الحرة داخل مصر وفي حدود الكميات التي توافق عليها الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة.. وذكر الوزير أن هذا القرار يأتي في إطار حرص الوزارة على توفير احتياجات السوق المحلية من مكونات الأعلاف، في ظل تزايد الكميات المصدرة منها خلال السنوات الماضية، مما أسهم في تقليل الكميات المعروضة، وبالتالي زيادة الأسعار بطريقة مضطردة، مشيرًا إلى أن هذا الأمر استلزم تعديل رسم الصادر ليتلاءم مع هذه التطورات من 600 جنيه على الطن إلى 900 جنيه.

وأوضح الوزير أن هذا التعديل الذي جاء بعد دراسة متأنية واستطلاع لآراء الجهات المعنية سيسهم في الحد من تصدير هذه الأصناف وتوفيرها للسوق المحلية، ومن ثم استقرار الأسعار، لافتًا إلى أن هذا القرار يتماشى مع قرار المجموعة الاقتصادية في هذا الشأن.

وقد جاء قرار الوزير بعد دراسة مستفيضة قامت بها وزارته أوضحت أن الأصناف التي يشملها القرار هي بقايا طحن ومعالجة الحبوب والبقول (عدا سرسة الأرز)، والبرسيم وقش وقشور الحبوب، والمنتجات العلفية، ومنتجات نباتية مستخدمة في تغذية الحيوانات (عدا قوالح وسيلاج وحطب الذرة) قد شهدت الكميات المصدرة منها ارتفاعًا ملحوظا، حيث سجلت 52 ألف طن عام 2016 ثم ارتفعت إلى 121 ألف طن حتى نهاية نوفمبر 2017 انعكس ذلك على أسعار مكونات الأعلاف، حيث تراوح سعر الطن بين 350 و3300 جنيه للطن في عام 2016، ثم ارتفع إلى ما بين 400 و3800 جنيه للطن في عام 2017.

كما أن الوزير قد نوه إلى أنه سبق أن طالبت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، ومنتجي الثروات الحيوانية والألبان بتدخل وزارة التجارة والصناعة لإعادة الاستقرار في أسعار هذه السلع، والحد من تصديرها والذي يمثل أهم أسباب ارتفاع أسعارها بالسوق المحلية، حيث تم إصدار القرار رقم 59 لسنة 2009 وتعديلاته بشأن فرض رسم صادر على بعض مكونات الأعلاف بواقع 300 جنيه للطن لمدة عام، كما استمر فرض هذا الرسم بموجب قرار وزاري يصدر كل عام انتهاءً بالقرار الوزاري رقم 1320 لسنة 2016، والذي تضمن تعديل رسم الصادر، حيث تم زيادته من 300 جنيه للطن إلى 600 جنيه للطن، وذلك نظرًا لزيادة الكميات المصدرة بنسبة بلغت 150% مقارنة بعام 2015.

وتأتي قيمة وأهمية هذا القرار –والذي كنت أتمنى أن يكون رسم الصادر 1200 جنيه على الطن– من أنه يؤدي مباشرة إلى التأثير بالإيجاب فى الأسعار الخاصة باللحوم والدواجن وغير ذلك من الطيور، حيث تنخفض وتستقر، وذلك أن أهم ما أدى إلى ارتفاع أسعارها هو ارتفاع أسعار الأعلاف بصورة مبالغ فيها نتيجة لتصدير مكونات الأعلاف، واستيراد بعض هذه المكونات بأسعار دولارية مرتفعة، فإذا ما توقفت حركة تصدير مكونات الأعلاف فإن هذه المكونات ستدخل السوق المحلية بأسعار معتدلة؛ مما يؤدي في النهاية إلى انخفاض في سعر الأعلاف، وهذا الأمر يؤدي إلى انخفاض في سعر اللحوم والدواجن، كما أنه يؤدي إلى أمر غاية في الأهمية، وهو توفير الدقيق ورغيف الخبز؛ لأن ارتفاع أسعار الأعلاف يجعل ربات البيوت التي تربي الدواجن تضطر إلى أخذ حصتها من الرغيف كاملة، وتجعل معظمها غذاء للدواجن والطيور، فيتزايد التكالب على رغيف الخبز، وبالتالي على الدقيق، وبالتالي أزمة رغيف الخبز، لكن مع انخفاض أسعار الأعلاف تعود ربة المنزل إليها، وتأخذ حاجتها فقط من الرغيف لتترك ما بقي لتصرفه كنقاط في التموين؛ مما يوفر ميزانية ضخمة تنفق للدقيق، ويسهم في تقليل فاتورة الاستيراد بالدولار والعملة الصعبة.

ويؤدي ذلك الأمر –أي تربية ربات البيوت للدواجن وغيرها– إلى انخفاض أسعار اللحوم بانخفاض الإقبال عليها.. ومن المعلوم أن مصر تستورد جزءا كبيرا من الأعلاف من الخارج، مما يشكل ضغطًا على العملة الصعبة، الأمر الذي يجعلنا نطالب بشدة بالتوسع في زراعة الأعلاف وتقليل الاستيراد من الخارج، والعمل على تغطية احتياجات السوق المحلية من مكونات الأعلاف، حيث يعتبر نقص الأعلاف وخاصة الأعلاف المركزة إحدى العقبات الرئيسية التي تواجه تنمية قطاع الثروة الحيوانية في مصر ودوره في تحقيق الأمن الغذائي، وتشير الإحصائيات إلى عدم كفاية المعروض من الأعلاف للوفاء بالاحتياجات الغذائية، وما يترتب على ذلك من عدم قدرة قطاع الإنتاج الحيواني على الوفاء باحتياجات السكان من البروتين الحيواني، وتزداد حدة المشكلة إذا ما أخذ في الاعتبار الفجوة الحقيقية من الاحتياجات من البروتين الحيواني للفرد، وذلك عند مقارنة متوسط نصيب الفرد من البروتين الحيواني بنظيره العالمي.
الجريدة الرسمية