رئيس التحرير
عصام كامل

قرار المركزي ومؤشرات تعافي الاقتصاد


أمس الأول أصدر البنك المركزي قرارًا بفتح الحدود القصوى للإيداع والسحب النقدي بالعملة الأجنبية للأشخاص الاعتبارية العاملة في مجال استيراد السلع غير الأساسية (الشركات) لأول مرة منذ عام 2012، حيث كان حدود الإيداع للشركات بواقع 10 آلاف دولار خلال اليوم، وبحد أقصى 50 ألف دولار خلال الشهر للإيداع، و30 ألف دولار هو الحد الأقصى للسحب يوميًا.


في عام 2016 وتحديدًا في شهر مارس تم إلغاء الحدود الخاصة بالأفراد تشجيعًا لهم على عدم الاحتفاظ بالعملة الصعبة وهو ما كان له التأثير الإيجابي ورجع للسوق المصرفية كثيرًا من العملات الصعبة التي تم تخزينها من قبل.

كان قرار تحديد الحدود القصوى للسحب والإيداع حفاظًا على مستويات الأسعار للعملة الصعبة وخوفًا من تدهور الاحتياطي النقدي لمصر، حينما كان هناك فارق بين سعر الدولار في البنوك (السوق الرسمية) وسعر الدولار في السوق الموازية (غير الرسمية)، حيث كان الفارق يمثل اختلالا هيكليا يتطلب من البنوك تدبير الموارد اللازمة للاستيراد، ونظرا لأن سعر البنك كان لا يلائم الواقع فإن من يملك الدولار لا يمكنه البيع للبنوك لانخفاض السعر إنما يتم البيع للسوق الموازية بالسعر المرتفع، وبالتالي لم تتوفر العملة الصعبة بالبنوك، بل أصبح العمل كله خارج السوق المصرفية واستغلها الآخرون في رفع سعر العملة بلا مبرر، وهو ما انعكس على رفع أسعار السلع والخدمات على المواطن أيضًا بلا مبرر، إلى أن وصلنا لدرجة أنه لم يتمكن صاحب المال من تحديد الأسعار مستقبلا وأقدم الأغلبية على إغلاق مصانعهم لحين الاستقرار الذي كنا ننشده.

وعندما صدر قرار تعويم الجنيه المصري هاجم القرار البعض دون علم للأسف بحجة أن ذلك يمثل مشكلة، ولم يدركوا أن نتائج استمرار الاقتصاد بوجود خلل بين أسعار صرف العملة كانت لها تأثيرات سلبية.. والآن بعد وصول الاحتياطي النقدي إلى 36.7 مليار دولار فإن ذلك يمثل ضمانًا لقدرة مصر على تأمين المشتريات خلال الشهور القادمة، وهو ما يعطى أيضًا تقديرًا أفضل لمؤسسات التقييم العالمية، والتي يترتب عليها قدرة السوق المصرية على جذب الاستثمارات الأجنبية، حيث تضمن تلك الشركات القدرة على تحويل ناتج الأرباح للخارج دون حدوث اختناقات.

إننا أمام تقدم في الوضع الاقتصادي مع ما تحملته مصر خلال السنوات السابقة، وما تحرزه من تحقيق وضع أفضل، وكلنا أمل أن نرى معًا مستقبلًا يليق بأبنائنا، يشهدون أن الجيل الحالي قد تحمل الكثير من التحديات من أجل أن يرى أبناءه يعيشون حياة أفضل، وهو الأمل الذي نتفق عليه جميعًا دون استثناء.
الجريدة الرسمية