رئيس التحرير
عصام كامل

كيف يحمي الصوفيون مساجدهم من الدواعش؟.. رئيس الطرق الصوفية يجيب

 عبد الهادي القصبي
عبد الهادي القصبي رئيس المجلس الأعلى للطرق الصوفية

قبل عشرات السنين وبالتحديد نهايات القرن الماضي، شد الشيخ الصوفي أبو أحمد الغزاوي الرحال من غزة ليستقر به الحال في مصر، بالتحديد في سيناء، ليقيم بجانب صديقه، والذي تحول لاحقًا إلى تلميذه عيد أبو جرير، شيخ عشيرة الجرارات من قبيلة السواركة.


بعد ذلك اللقاء الذي جمع بين شيخ وتلميذه الذي سيصير فيما بعد أحد أهم رموز التصوف في سيناء، تمكن "أبو جرير" بعد محاولات عدة وانصهار في أوساط المجتمع السيناوي، أن ينجح في إنشاء أول مقر للطريقة العلوية الدارقوية الشاذلية في سيناء ما بين عامي 1953 – 1954.

سعى أبو جرير إلى نشر أفكاره في المجتمع السيناوي، ولما كان واحدا منهم، لم يكن بالأمر العسير أن ينتشر بين أوساط المجتمع، وراح ينشر الزوايا والمساجد بداية من جورة الشيخ زويد إلى العريش، حتى بلغ قرية الروضة بين العريش وبئر العبد".. يقول المؤرخ اللبناني نعوم شقير في كتابه "تاريخ سيناء القديم والحديث".

بعد تلك الرحلة الشاقة التي تحملها أبو جرير جاءت حرب السويس 1956 لتمثل اختبارا حقيقيا لأهالي سيناء، ليظهروا شجاعة واستبسال ووطنية خالصة.. نجحوا خلال تلك الحرب في توطيد علاقتهم بالقوات المسلحة، وعملوا على التنسيق ما بين مصر وغزة خلال الحرب، حمل أبو جرير على عاتقه مسئولية شحن وحشد مريديه وأعوانه وقبيلته للجهاد ضد الاحتلال، وتنتهي الحرب ويتجدد الوعد ويظهر الصوفيون انحيازهم الواضح والصريح للوطن.

خلال السنوات الماضية، عبر الصوفيون المحن التي واجهت الدولة المصرية جنبا إلى جنب في مواجهة كل عدو غاشم، يهدف لتهديد استقرار الوطن وأمنه وسلامته، وفشلت الاختبارات التي تارة على قوات الاحتلال وتارة على يد أصحاب الأفكار التكفيرية.

خلال الساعات الماضية وقع حادث إرهابي في قرية الروضة غرب العريش، يصل صداه إلى العاصمة، حيث استهدف إرهابيون مسجد الروضة غرب مدينة العريش، أثناء أداء المصلين صلاة الجمعة، ما أسفر عن استشهاد 235 من المصلين، وإصابة 109 آخرين، حسب آخر الإحصائيات الرسمية.

تقع قرية الروضة، غرب العريش على بعد 20 كيلو مترا من المدينة، أغلب قاطنوها من قبيلة السواركة، والبالغ عددهم التقريبي 2500 نسمة، على بعد النظر من القرية ترى مئذنة مرتفعة لمسجد الروضة الرئيسي في القرية، والتابع للطريقة الصوفية الجريرية ذات التواجد الأكبر في شمال سيناء.

"تعتبر قرية الروضة من معاقل الطريقة الصوفية الجريرية الأحمدية، حيث توجد زاوية للطريقة بجوار المسجد الكبير، وكلاهما يخلوان من الأضرحة"..

 يقول عبد الهادي القصبي رئيس المجلس الأعلى للطرق الصوفية: هناك العديد من الطرق الصوفية المتواجدة في شمال سيناء ومتمركزة في العديد من القرى، ويعود تاريخ التصوف إلى ما يزيد على سبعة عقود من الزمان، يقول القصبي "التواجد الصوفي يقف حائلا أمام انتشار الأفكار التكفيرية في سيناء، وهناك العديد من الطرق المنتشرة في كافة أنحاء سيناء، منها الطرق "الرفاعية والشاذلية والجريرية والعلوية الدرقاوية والتيجانية ذات التواجد التاريخي" وغيرها من أصحاب التوجه الصوفي القوى الذي يصل إلى معظم أبناء سيناء.

يستعد الشعب المصري، وخاصة الطرق الصوفية للاحتفال بالمولد النبوي، إلا أن تخوفات وأصواتا تعالت تطالب بترك الاحتفال حدادا على شهداء الحادث الإرهابي.

كشف القصبي عن عقده صباح غدا السبت اجتماعا طارئ للمجلس الأعلى للطرق الصوفية ومناقشة الأمر: "الطرق الصوفية ستقف صفا واحدا أمام تحديات الوطن، وأهل التصوف لديهم حكمة وذكاء في التصرف، ولا شك في حرصهم على نسيج الشعب المصري.. ولا يمكن أن نفعل ما ليس في صالح الوطن في المقام الأول".

الحادث الإرهابي هدفه الأول زعزعة استقرار البلاد وبث الفتنة داخل النسيج الواحد، ورسالتي لأصحاب الأفكار التكفيرية "لن تمسوا وحدتنا ولن نكون ورقة للضغط على بلادنا".

سألنا القصبي كيف يحمي الصوفيين مساجدهم.. قال بالإيمان.
الجريدة الرسمية