رئيس التحرير
عصام كامل

«مفوضي الدولة» ترفض حكم «كاتب رابع» بالنيابة الإدارية.. فايز شكري: حكم القضاء الإداري بعودة الموظفين خالف الدستور والقانون وأحكام الإدارية العليا.. والقانون حدد سبيلا وحيدا للتعيين

المستشار فايز شكري
المستشار فايز شكري حنين

على مدار أكثر من عامين، شغلت تعيينات هيئة النيابة الإدارية في وظيفة كاتب رابع، قطاعا كبيرا من المصريين، خصوصا أن عدد المتقدمين لها تجاوز المائة ألف شخص من كافة محافظات الجمهورية.


وخلال تلك الفترة شهدت تلك التعيينات أحداثا مثيرة للغاية، لعل أبرزها إلغاء قرار رئيس هيئة النيابة الإدارية الأسبق المستشار سامح كمال، بتعيين نحو 1600 موظف، إلغاء مجرد، وإعادة إجراءات المسابقة مرة أخرى.

وتقدم للمسابقة الجديدة التي أجريت في 2016، عشرات الآلاف، خضع جميعهم لاختبارات تحريرية، ومقابلات شخصية، بعد أن دفعوا الرسوم التي حددتها النيابة، ومع إعلان نتيجة المسابقة الجديدة في عهد رئيس النيابة الأسبق المستشار علي رزق، ازدادت الأمور تعقيدا، خصوصا بعد اكتشاف ملاحظات مهمة فيها مثل تعيين الأزواج والأشقاء وعدد كبير من أقارب ومعارف مستشاري وموظفي هيئة النيابة الإدارية، وهو ما اضطر المسئولون وقتها إلى إصدار عدة قرارات وتشكيل لجان لتصويب تلك الملاحظات.

إلغاء حكم أول درجة
أما أكبر أهم المحطات والأحداث التي شهدتها تلك المسابقة، فكانت عندما أصدرت محكمة القضاء الإداري، حكما بإلغاء حكم أول درجة، وإعادة المعينين القدامى إلى عملهم، وهو الحكم الذي تجاهل المسابقة الجديدة تماما واعتبارها كأن لم تكن.

ظن الجميع أن الأمر قد حسم عند هذه المرحلة، لكن المفاجأة الكبرى كانت عندما قررت هيئة المفوضين بمجلس الدولة، الطعن مجددا على الحكم الأخير أمام المحكمة الإدارية العليا، مطالبة بإلغائه مجددا.. محقق "فيتو" حصل على نص مذكرة الطعن، وفي السطور التالية يرصد أهم ما جاء فيها.

المستشار فايز شكري
أكد المستشار فايز شكري حنين، عضو المجلس الخاص بمجلس الدولة ورئيس هيئة مفوضي الدولة أن حكم الدائرة 16 بمحكمة القضاء الإداري فيما تضمنه من عودة 1591 "كاتب رابع" للعمل بالنيابة الإدارية مخالف للدستور والقانون وأحكام المحكمة الإدارية العليا وفتاوى الجمعية العمومية للفتوى والتشريع وقرر الطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا لإلغائه والقضاء مجددًا بإلغاء قرار رئيس هيئة النيابة الإدارية رقم 125 لسنة 2016 بتعيين هؤلاء الموظفين إلغاءً مجردًا مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام النيابة الإدارية بالمصروفات.

تقرير الطعن
وتضمن تقرير الطعن الذي أعده المستشاران محمد حسن شلال وأحمد عمر سالم، عضوا المكتب الفني لهيئة مفوضي الدولة في الحكم الصادر من الدائرة 16 بمحكمة القضاء الإداري، أن وقائع القضية بدأت في 6 مارس 2016 حيث أقام عاطف فاروق على بصفته وليًا طبيعيًا على ابنته القاصر ياسمين عاطف فاروق الدعوى أمام المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية لوقف تنفيذ إجراءات نتيجة المسابقة الصادر بشأنها الإعلان رقم 1 لسنة 2015 من هيئة النيابة الإدارية.

إلغاء نتيجة المسابقة
وفي الموضوع بإلغاء إجراءات إعلان نتيجة المسابقة استنادًا إلى أنه بتاريخ 26 ديسمبر 2015 صدر عن هيئة النيابة الإدارية إعلانًا عن حاجتها لشغل وظائف شاغرة لديها بطريق التعيين ومن ضمن تلك الوظائف وظيفة "كاتب رابع" أعمال سكرتارية عامة، حيث تقدمت ابنته لشغل تلك الوظيفة إلا أن هذا الإعلان حدد شروطا لشغل تلك الوظيفة يشوبها العوار لتضمينها منطقة محددة وهي منطقة شبرا الخيمة، الأمر الذي حدا به لإقامة الدعوى.

وبجلسة 25 يونيو 2016 قضت المحكمة الإدارية بإلغاء قرار رئيس هيئة النيابة الإدارية بالتعيين في وظيفة كاتب رابع إلغاءً مجردًا، بعد استعراض نصوص دستور جمهورية مصر العربية ومواد قانون الخدمة المدنية الصادر برقم 18 لسنة 2015 " المعمول به آنذاك" على أن النيابة الإدارية عندما اشترطت في الإعلان إقامة المتقدمين لشغل وظيفة "كاتب رابع" في محافظات بذاتها قد خالفت بذلك قانون الخدمة المدنية ولائحته التنفيذية لإخلالها بمبدأ تكافؤ الفرص والمساواة بين المواطنين وانطوى تصرفها على إحدى صور التميز المنهي عنها دستوريًا.

ولم يلق هذا القضاء قبولًا لدى النيابة الإدارية حيث بادرت بالطعن عليه أمام محكمة القضاء الإداري التي قضت بإلغاء حكم المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية والقضاء مجددًا برفض الدعوى، استنادًا إلى أن الشروط التي تضمنها الإعلان متفقا وصحيح حكم القانون وأن الأوراق خلت من دليل يفيد أن الإعلان أو القرار المشار إليهما شابهما ما يخالف القانون أو أن النيابة الإدارية أساءت استعمال سلطتها في إصدار القرار.

وجاء بتقرير الطعن أن حكم القضاء الإداري لم يلق قبولًا لدى عاطف فاروق "صاحب الدعوى الأصلية" بصفته ولي طبيعي على ابنته القاصر "ياسمين" فتقدم الدكتور محمد إبراهيم أحمد المحامي بالنقض وكيلًا عنه بطلب إلى رئيس هيئة مفوضي الدولة للطعن في حكم القضاء الإداري لصدوره معيبًا بعيب الخطأ في تطبيق القانون.

المساواة وتكافؤ الفرص
كما أكد تقرير الطعن أن المشرع الدستوري كفل المساواة وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين وحظر التمييز بينهم في الوظيفة العامة، حيث اعتبرها حقا للمواطنين على أساس الكفاءة وحدها وصدر قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 18 لسنة 2015 بإصدار قانون الخدمة المدنية "المعمول به حال صدور الإعلان محل النزاع" متخذًا ذات النهج الدستوري في مجال تولي الوظيفة العامة بأن يكون التعيين على أساس الكفاءة والجدارة دون محاباة أو وساطة، من خلال إعلان مركزي على موقع بوابة الحكومة المصرية متضمنًا البيانات المتعلقة بالوظيفة وشروط شغلها على نحو يكفل تكافؤ الفرص والمساواة بين المواطنين.

وجاء في التقرير أيضا أن سلوك النيابة الإدارية بداية من الإعلان وما تلاه من إجراءات حتى صدور قرار رئيس هيئة النيابة الإدارية بتعيين بعض المتقدمين في وظيفة كاتب رابع خالف مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين وانطوى على تمييز بينهم على أساس جغرافي وهو ما نهى عنه الدستور والقانون، ومن ثم يكون ما شابه من عوار قانوني ينحدر به لمستوى الانعدام ويكون جديرًا بإلغائه إلغاءً مجردًا.

المحكمة الإدارية العليا
وانتهت هيئة مفوضي الدولة إلى أن حكم القضاء الإداري المطعون فيه قضى بخلاف ما تقدم وبالمخالفة لما جرت عليه أحكام المحكمة الإدارية العليا مستوجبًا القضاء بإلغائه وطلبت من المحكمة الإدارية العليا إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا بإلغاء قرار رئيس هيئة النيابة الإدارية رقم 125 لسنة 2016 إلغاءً مجردًا مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام النيابة الإدارية بالمصروفات.

وكان الدكتور محمد إبراهيم أحمد، المحامي بالنقض أكد في طلب الطعن أن حكم القضاء الإداري شابه العوار القانوني الجسيم الذي يستوجب إلغاؤه، مشيرًا إلى وجود عيوب جسيمة في أسبابه تثير شبهة بطلانه المطلق لإغفاله مناقشة قانون الخدمة المدنية رقم 18 لسنة 2015 الذي كان ساريًا ومعمولًا به ومنتجًا لآثاره وقت الإعلان عن وظيفة كاتب رابع ومستوفيًا لكل شرائطه أثناء السير في إجراءاتها.

وذكر أن المحكمة عولت دون أي مبرر قانوني على قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة (الملغي) والمنسوخ بالقانون رقم 18 لسنة 2015 الواجب التطبيق والساري حينذاك الذي حدد سبيلًا وحيدًا وواحدًا للتعيين بالوظائف الحكومية من خلال إعلان مركزي على موقع بوابة الحكومة المصرية – وأنه لا يتم التعيين إلا من خلال الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة طبقًا لنص المادة 13 من ذلك القانون.

قانون الخدمة المدنية
وأضاف أن إعلان النيابة الإدارية صدر في ظل العمل بقانون الخدمة المدنية، ومن ثم فالإعلان يكون مخالفًا للقانون، ولا يتوافق مع بحث وافق عليه رئيس هيئة النيابة الإدارية الذي انتهى إلى سريان أحكام قانون الخدمة المدنية على العاملين بالنيابة الإدارية وقرار صادر عن مدير إدارة النيابات برقم 229 لسنة 2015 في اليوم التالي للإعلان بشأن تنظيم العمل بإدارة النيابات وفقًا لقانون الخدمة المدنية.

وتابع: "كما شاب الحكم قصور في التسبيب حاصله عدم مناقشة رفض النيابة الإدارية تقديم البيان المقارن ما بين درجات المطعون ضدها ياسمين عاطف فاروق ــ وآخر المعينين في وظيفة كاتب رابع الذي سبق للمحكمة في الجلسة السابقة على جلسة النطق بالحكم، وأن طلبت موافاتها بهذا البيان خاصة لأن المئات ممن عينوا في الوظيفة حصلوا على مجموع درجات أقل مما حصلت عليه".

وأضاف أن ذلك يخل بمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص بزعم أنه لم يستدل على أوراق الناجحين في وظيفة كاتب رابع في مخالفة صريحة لنص لائحة المخازن ــ حيث يعد التخلص من الأوراق الخاصة بالناجحين التفافًا وسترًا لمخالفة جسيمة ارتكبتها، كما يعد تفويتًا على من لم يتم اختيارهم لفرصة الطعن على القرار وتقديم الأدلة المستندية التي تثبت أحقيتهم في التعيين.
الجريدة الرسمية