رئيس التحرير
عصام كامل

وما تخفي قلوبهم أكبر


في كل زمن وكل جيل تتكرر قصة عبد الله بن سلام، وتتكرر خصال اليهود، فهم قومٌ بُهت، وقد انتقلت خصالهم الإبليسية إلى أناسٍ من بلادنا، فكانوا أسرع الناس انقلابًا وتقلبًا، يحبون أناسًا ثم يكرهونهم إذا ما اختلفت مصالحهم، فوالله ما أحبوا الناس ولكن أحبوا مصالحهم، ولم يكرهوا الناس إلا لأنهم وقفوا ضد مصالحهم، ولنا فيما حدث في مصر في السنوات الأخيرة أكبر مثل، فقد رأينا أناسًا أظهروا حبهم للرئيس السيسي بشكل مفرط، وبالغوا في مدحه، ثم عندما لم يحصلوا على مصالحهم انقلبوا عليه وخاصموه بل خاصموا مصر كلها!


نعم أن تعارض الرئيس هذا حق، ولكن أن تعارض مصر فهذا إثم، أن تبغض الرئيس فهذه مشاعرك وأنت حر فيها، ولكن أن تبغض مصر فهذه خطيئة تخرجك من مصر مثلما خرج آدم من الجنة بسبب خطيئته، ورغم أن قلوب الناس تتغير، ولا تثريب عليها إن تغيرت، فكما يقول العارفون إن القلوب بين يدي الرحمن يقلبها كيف يشاء، إلا أنها أيضا بين يدي الشيطان يقلبها كيف يشاء، فانظر لحالك، إذا انتقلت من الكُرْه للحب فقلبك كان بين يدي الرحمن، وإذا انتقلت من الحب للكُرْه فقلبك كان بين يدي الشيطان، فالله لا يعرف إلا الحب..

الله لم يبغض أحدا من خلقه، ولكن كَرهَ أفعالهم التي تُخرجهم من التقوى إلى الفجور، والشيطان لا يعرف إلا الكُرْه، يكره كل بني آدم وتوعدهم بأن يُخرجهم من التقوى إلى الفجور، فإذا رأيتَ الرجُلَ كَرهَ من كان يُحبه وانقلب عليه فاعلم أن الشيطان كان سبيله، وإذا رأيتَ الرجلَ أحب من كان يكرهه فاعلم أن قلبه كان بين يدي الرحمن، وأنا الآن أمامي حالات وحالات من الكُرْه، أطلقتُ عليها "الكُرْه البغيض" لأنها جاءت بعد "حب ومديح وإشادة" ولكننا إذا استبصرناها حق الاستبصار لعرفنا أنها كانت "مشاعر نرجسية" كان المُحبون فيها يحبون أنفسهم، ولا يرون إلا ذواتهم، ينظرون لمن يُحبونهم من خلال مرآة فلا يرون إلا أنفسهم، ولنا في الحالة النفسية للنخب السياسية المعارضة أكبر مثل وما تخفي قلوبهم أكبر.
الجريدة الرسمية