رئيس التحرير
عصام كامل

الهجوم على بنك العريش.. الجماعات الإرهابية تعيد سيناريو التسعينات

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

تمكنت المؤسسات الأمنية في مصر خلال السنوات الأربعة الماضية من تقويض حركة الجماعات التكفيرية التي عاثت فسادًا في البلاد، وضبطت عددا كبيرا من عناصرها المخربة عبر سلسلة مداهمات شنتها على الأوكار الإرهابية ومخابئ السلاح الخاصة بهم، وعمدت إلى تجفيف منابع التمويل والتسليح.


ونجح الأمن في إطباق الحصار على تلك الحركات مما استدعى تغييرا في طريقة عملها، خاصة بعد وقف الدعم اللوجيستي وحجب أي مساعدات تصل لتلك الجماعات، لذا اتجهت الجماعات إلى السرقة من البنوك من أجل سد حاجتها من الأسلحة والمال.

في أواخر التسعينات من القرن الماضي، كانت الجماعة الإسلامية تحمل على عاتقها رفع راية الجهاد، مستندة إلى سيرة ذاتية مليئة بالعمليات الإرهابية الناجحة التي أسفرت عن قتلى وفوضى.

ولعل العملية صاحبة الأثر الأكبر في تاريخ الجماعة الإسلامية اغتيال الرئيس محمد أنور السادات في مشهد أقرب إلى مشاهد السينما العالمية.

وساهم تأييد عدد من كبار الشيوخ المعروف عنهم تأييدهم للعنف وموافقتهم لرفع السلاح في مواجهة مؤسسات الدولة لنشاطات الجماعة الإسلامية في تعاظم دورها، إذ حرصوا أن يكون على رأسهم أحد كبار الشيوخ المعروف إعلاميا بالشيخ الضرير «عمر عبد الرحمن» وأحد منظري الجماعات الجهادية، إذ مثل في تلك المرحلة أسطورة دعوية تمشي على أقدامها على مرأى ومسمع من مريديه!. 

نجحت المؤسسات الأمنية في مصر في تحجيم التيار الإسلامي التكفيري وعلى رأسهم الجماعة الإسلامية التي حملت على عاتقها رفع راية الجهاد، وأجبرتها على التخلي عن السلاح بعد مواجهات استمرت لسنوات، تمكن الأمن من حسم نتيجتها برفع الجماعات الإرهابية الراية البيضاء.

تنبه الأمن إلى ضرورة تجفيف منابع تمويل تلك الجماعات والتي تُسهل لها شراء الأسلحة وتأجير المخابئ للإعداد والتخطيط وتنفيذ المزيد من العمليات الإرهابية.

لما نجح الأمن في مهمته، وحجب سبل التمويل عن الجماعة، وجفف منابع الدعم اللوجيستي، عكف قيادات الجماعة الإسلامية على البحث عن مصادر جديدة للتمويل، وقد كان.

«لا يوجد مانع شرعي من سرقة أموال الأقباط ويحبذ لو كانت ذهبا لسهولة تصريفه ومقايضته بالسلاح».. يقول على الشريف قائد الجناح المسلح للجماعة الإسلامية في مذكراته، متابعا: «تخصصت إحدى المجموعات المسلحة التابعة للجناح العسكري في سرقة محال الذهب بغرض شراء الأسلحة لتنفيذ عمليات إرهابية وشراء المخابئ لتكون مأوى لهم بعيدا عن أعين الشرطة بعد أن نجحت قوات الأمن في منع وصول الإمدادات».

بعد مرور ما يزيد عن عشرين عاما، تكرر ذات المشهد.. استيقظ أهالي العريش، صباح اليوم، على معركة وصل صداها القاهرة.. طلقات نارية وأسلحة ثقيلة تستهدف قوات الأمن في محيط أحد فروع البنك الأهلي.. فيما كانت تلعب مجموعة مسلحة أخرى دورا بعيدا عن المواجهات المباشرة مع قوات الأمن

تركز دور المجموعة المسلحة الأخرى في الهجوم على فرع البنك الأهلي بوسط سيناء، وزرع 5 عبوات ناسفة بمحيط الفرع.. بيد أن خطة الجماعة الإرهابية التي عملت على تنفيذ المخطط اعتمدت على أكثر من مجموعة أحدهما لعب دور الإلهاء، وآخر الاشتباك مع قوات الأمن بهجوم بالأسلحة الثقيلة فيما كانت مجموعة ثالثة تسرق الأموال.

ما حدث من تغيير في فكر واستراتيجيات الجماعات التكفيرية في شمال سيناء يؤكد أنها تواجه مقاومة كبيرة من قوات الأمن التي نجحت في منع وصول أي تمويل إليها، وحصر تحركاتها، وتضييق الخناق عليها، مما أجبر تلك الجماعات في تغيير استراتيجيتها والبدء في سرقة أموال المدنيين بهدف توفير الدعم المالي المطلوب لاستمراريتهم.
الجريدة الرسمية