رئيس التحرير
عصام كامل

الحملة الانتخابية في النمسا.. فوبيا الإسلام والهجرة

فيتو

ركزت الأحزاب المتنافسة في النمسا في حملاتها الانتخابية على قضايا الهجرة واللاجئين والإسلام.

ويستخدم الحزبان الشعبويان المتنافسان هذه القضايا كفزاعة لكسب المزيد من الأصوات.كل يوم، ترافق حكيمة ر. ابنها طارق إلى المدرسة. يمران في طريقهما عبر شارع (كستناآلي) الذي تضيئه شمس الخريف. إنها نزهة ممتعة، ولكن منذ عدة أسابيع ولافتات الدعاية الانتخابية معلقة في هذا الشارع، ويعود بعضها لحزب الحرية اليميني الشعبوي في النمسا (FPÖ).

إحدى اللافتات تقول: "يجب أن تتوقف الهجرة والأسلمة". تقول حكيمة إن ذلك يعكر مزاجها حتى في يوم جميل كهذا، وتضيف: "بحسب ما فهمت، أن رجلًا يتهم رجلًا آخر بأنه قال في إحدى المرات أن الإسلام ينتمي للنمسا، وبأنه يريد إيقاف الأسلمة. نحن مسلمون من سوريا، ولذلك نشعر أنهم يقصدوننا بذلك".

وتعيش حكيمة مع عائلتها في النمسا منذ ثلاث سنوات، ويدرس ابنها في الصف الأول في إحدى المدارس الواقعة في يوهان هوفمان بلاتس التابع للحي الثاني عشر في النمسا. الكثير من الأطفال ذوي الأصول المهاجرة يدرسون هنا، ففي هذه المنطقة توجد العديد من الشقق الحكومية مناسبة السعر، ولذلك يستقر العديد من اللاجئين في هذا الحي، لكن في الوقت نفسه فإن لافتات حزب الحرية اليميني الشعبوي توجد هنا بشكل أكثر مقارنة بالأحياء الأخرى في المدينة.

وتقول حكيمة: "أنا مندهشة بالفعل، لأننا كنا نعتقد أن النمسا هي دولة ديمقراطية منفتحة، لكنني أشعر بالانزعاج عندما أرى هذه اللافتات".

منافسة يمينية
وصلت الحملة الانتخابية في النمسا إلى نهايتها، وركزت فيها الأحزاب المتنافسة على قضايا الهجرة واللاجئين والإسلام وحماية الحدود.

وحول ذلك يتنافس في المقام الأول كل من حزب الشعب النمساوي المشارك في الحكومة وحزب الحرية المعارض.

ويقول المرشح الأساسي لحزب الشعب سيباستيان كورتس أنه يريد أن يحمي حدود بلاده بشكل أفضل، ويكافح الإسلام السياسي ويقوم بتقليص الهجرة غير الشرعية. وهذه الأمور هي ذاتها التي يروج لها حزب الحرية، لكنه يعتبر أن حزب الشعب يخدع الناس من خلال هذه القضايا.

وتركز الحملة الانتخابية للمرشح الأساسي لحزب الحرية هاينتس كريستيان شتراخه على انتقاد منافسه سيباستيان كورتس، الذي يشغل منصب وزير الهجرة والاندماج، وتقول بأن الأخير تأخر في طرح هذه الأمور، بل وطرحها بعد سنة من حزب الحرية.

يقول الموظف الاجتماعي محمد أميني - الذي ينحدر من إيران- بأن كلا الطرفين متساويان من الناحية الشعبوية، ولكن ما يزعجه في النقاش أنه يتم ربط موضوع الأسلمة باللاجئين والناس الذين جاؤوا إلى البلاد في السنوات الأخيرة فقط.

ويتابع: "يحتاج الشعبويون الآن إلى فزاعة، وهذه الفزاعة هي الإسلام في الوقت الحاضر. غالبًا ما يتم ربط الأسلمة باللاجئين فقط، رغم أنها أكثر شيوعًا بين الأشخاص الذين يعيشون في البلاد منذ فترة طويلة، والذين يعانون من التمييز في سوق العمل أو في قطاع الإسكان، ورغم جهودهم فإنهم لا يستطيعون أن يحصلوا على أي شيء".

سطحية في التعميم
في الحملة الانتخابية، يتم التعامل مع المواضيع بشكل سطحي وشعبوي فقط. فقد نشرت إحدى الدراسات في الأسبوع الماضي بأن ثلث المساجد في فيينا تعمل ضد الاندماج الناجح. إلا أن تلك الدراسة شملت 16 مسجدًا فقط من نحو 400 مسجد في فيينا، وكانت الدراسة بتكليف من قبل مرشح حزب الشعب سيباستيان كورز، الذي عرض نتائجها.

لكن الجماعة الإسلامية في النمسا (IGGiÖ) ردت عليه بسرعة وبنقد غير معتاد، وقالت: "نحن نعتقد أن هذه الدراسة التكليفية تسعى لتحقيق أهداف سياسية هي الاتهام العلني للمؤسسات الإسلامية والتشكيك في مصداقية تعاليمها"، وتابعت: "هذه الدراسة التكليفية تبتعد كل البعد عن الاخلاقيات العلمية".

تعميم الاتهامات يزعج فيلدانا أرنوتوفيج من البوسنة والهرسك أيضًا. وهي معلمة في إحدى المدارس المهنية في فيينا.

كانت أرنوتوفيج جزءًا من فريق سيباستيان كورتس كـ"سفيرة اندماج" ضمن حملة "النمسا معًا". كان كورتس يجعل المهاجرين المندمجين بنجاح يقومون بجولات على مدارس فيينا ليقدموا مثالًا جيدًا للأطفال المهاجرين.

لكن أرنوتوفيج تركت المشروع، وحول السبب تقول:" لأن كورتس لم تبقى له شرعية بالنسبة لي كي يقوم بتمثيل المشروع. سابقًا كان المشروع يعني أن الاندماج يكون من خلال الخدمة، ويعتبر الإسلام جزءًا من النمسا، وانه لا يجوز التمييز بين الناس بسبب لون البشرة أو العقيدة. أما اليوم فهو يتحدث بشكل مغاير تمامًا، فهو يدّعي أن المسلمين لا يريدون أن يندمجوا، ويعتبر اللاجئين دخلاء".

وتضيف المعلمة: "بالتأكيد توجد بعض المشكلات والتي يجب أن يتم معالجتها، ولكن لا يجب أن يقال بأن جميع الذين يأتون إلى النمسا وحوش، ويجب أن يتم تعليمهم كيف يعيشون بمدنية".

وتستمر الإستراتيجية
حاليًا يتصدر سيباستيان كورتس استطلاعات الرأي، وقد ينجح في الحصول على أصوات العديد من الناخبين السابقين لحزب الحرية لصالح حزبه، كي يستمر في الحكم.

ويتفق الجميع في فيينا أن المواضيع المتعلقة بالخطط الضريبية والنمو الاقتصادي بالإضافة إلى السياسات التعليمية لا تلعب سوى دورا ثانويًا في الانتخابات.

ويظهر تعليق من بيتر فلتسماير -أحد أشهر المحللين السياسيين في النمسا- جانبًا من الأبعاد السخيفة للحملات الانتخابية في البلاد. حيث كتب بعد مناظرة تليفزيونية مع سيباستيان كورتس: "كورتس محظوظ، لأنه لم يناقش مسألة المواصلات اليوم... ربما كان سيقول بأن مشكلة المواصلات السياسية في النمسا تكمن في النساء اللواتي يرتدين النقاب، واللواتي يقمن بصف سياراتهن في المسار الثاني أمام دور الحضانة الإسلامية".

يقول الموظف الاجتماعي محمد أميني إن هذه المسألة ليست مضحكة أبدًا وخاصة للناس الذين عانوا من الحروب، ويضيف: "على أية حال، سيتضح للناس أنهم غير مرحب بهم هنا".

وحول ما إن كان هذا الموضوع مضحكًا بالنسبة لها، أو إن كانت اللافتات الانتخابية تسبب لها الخوف، قالت كريمة ر. :"لا تسبب لي الخوف، لكنني أتساءل، كيف سيستمر هذه الموضوع، وعما إذا يجب على أن أغادر قريبًا لكي تعيش عائلتي حياة بدون تمييز".

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل


الجريدة الرسمية