رئيس التحرير
عصام كامل

الفرص الضائعة

فيتو

أصدر الدكتور مرسى "الإعلان الدستوري" فى ٢١ نوفمبر، فقامت الدنيا ولم تقعد.. ظهر أن الرجل لم يستشر أحدا إلا القليل، والقليل جداً، وهو ما دفع بعض مستشاريه للاستقالة من مواقعهم، خاصة بعد أن تأزمت الأمور إثر مجزرة قصر الاتحادية التى جرت فى الفترة من مساء الأربعاء ٥ ديسمبر حتى صبيحة اليوم التالى.. ما يهمنا هنا بالدرجة الأولى، بغض النظر عن مدى دستورية أو قانونية هذا الإعلان، هو كيفية اتخاذ القرارات، خاصة المصيرية منها، والتى تستلزم درجة عالية من الحوار والتشاور، وما يتطلبه ذلك من شفافية وتريث واستعانة بأهل العلم والاختصاص وأصحاب الخبرات والتجارب، وأظن أن لدينا كفاءات متميزة فى كل ميدان.. ناهينا عن عدد من يتم التشاور معهم، إذ كلما اتسعت دائرة الشورى والاستشارة، كلما أدى ذلك إلى توافر مزيد من التنوع المطلوب فى الأفكار والرؤى والأطروحات، فتخرج القرارات الأكثر نضجا وثراء وفائدة.. من الواضح أن إصدار "الإعلان الدستوري" لم يتم على هذا النحو، لذا أثار الكثير من الرفض والاحتجاج والاستهجان، حتى ممن أيدوا الدكتور مرسى فى جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة.. هذا ما يخيفنا. كان من الممكن أن يخرج الدكتور مرسى إلى الجماهير عقب تظاهرة ميدان التحرير يوم الثلاثاء ٢٧ نوفمبر، ليعتذر ويسحب "الإعلان"، وينتهى كل شيء.. ولو أنه فعل ذلك لفوَّت الفرصة على الجميع، ولنزع فتيل الأزمة من بدايتها ووأد الفتنة فى مهدها، ولحظى بتأييد جماهيرى كبير، ولأثبت أن لدينا رئيساً على قدر من المرونة والإيجابية والاستجابة لقطاع مهم من الجماهير.. لكنه فعل العكس.. تجمعت له فصائل التيار الإسلامي أمام قصر الاتحادية يوم الخميس ٢٩ نوفمبر، وخرج يخطب فيهم.. كان الخطاب غير موفق بالمرة، وبدلا من أن يكون حلا، كان مشكلة.. تحدث الرئيس عن مؤامرة، وأنها السبب وراء إصداره للإعلان.. وكانت الأسئلة التى تطرح نفسها: ما طبيعة تلك المؤامرة؟ من الذى يقف وراءها؟ ولماذا لم يتم القبض عليهم وتقديمهم لجهات التحقيق؟ ولا إجابة.. المشكلة أن الدكتور مرسى لا يتعامل مع الشعب المصرى كرئيس للجميع.. هو غير منبت بشكل واضح وصريح عن الجماعة، وعن فصائل التيار الإسلامي التى رشحته ودعمته وأيدته.. لكنه ينسى شيئا مهما هو أنه لولا القوى الثورية وعموم الجماهير ما فاز فى جولة الإعادة.. ثم أن ٥٠٪ ممن لهم حق التصويت قاطعوا الانتخابات، وبالتالى لم يحظ الدكتور مرسى إلا على ٢٦٪ فقط، ومنافسه على ٢٤٪ من الإجمالي العام. كانت تظاهرة القوى السياسية أمام قصر الاتحادية يوم الثلاثاء ٤ ديسمبر والتى أطلق عليها "الإنذار الأخير" فرصة ثانية للتراجع عن "الإعلان الدستوري" وتجميد قرار الاستفتاء على الدستور.. لكن شيئا من ذلك لم يحدث.. بل أعلن الإخوان أنهم ذاهبون لإظهار تأييدهم أمام قصر الاتحادية من بعد عصر يوم الأربعاء الدامى ٥ ديسمبر، رغم وجود عدد هزيل من معتصمى القوى الثورية.. وكانت الكارثة والمأساة.. ٥ شهداء وأكثر من ١٠٠٠ جريح ومصاب.. الاتهامات وجهت للإخوان ومن معهم، والإخوان بدورهم وجهوا الاتهامات للمعتصمين ومن جاء يدعمهم من "البلطجية" التابعين للفلول.. موقف الداخلية كان بعيدا.. لكن من أطلق الخرطوش والرصاص الحى؟ كانت لدى الدكتور مرسى فرصة كبيرة عقب تظاهرة "الكارت الأحمر" أمام قصر الاتحادية وميدان التحرير يوم الجمعة ٧ نوفمبر، كى يسحب إعلانه ويجمد قرار الاستفتاء.. لكنه لم يفعل، ودعا إلى حوار أو اجتماع، رفضته القوى السياسية.. نتائج الحوار تلخصت فى إعلان دستوري جديد خال من المادتين ٢و٦.. وعدم تأجيل موعد الاستفتاء.. ما الذى سوف تأتى به الأيام القليلة المقبلة؟ دعونا ننتظر ثم نرى!
الجريدة الرسمية