رئيس التحرير
عصام كامل

كفاهم ساس ويسوس


بعد أن خرجت المليونيات الإسلامية فى حالة استعراض قوة وقوى وفرد عضلات يرفعون شعارات الحكم وتحكيم القرآن، أظنك وقتها ستعود بذاكرتك لوقت أن رفع الخوارج القرآن فى وجه على بن أبى طالب يطلبون تحكيم كتاب الله، كأنهم هم الإسلام وكأن عليًّا رضى الله عنه كان يبحث عن الشرع الرومانى!! هم الإسلاميون فى عهده وهو من عتاة الليبراليين إذن، يا لها من دنيا دوارة وهى على استدارتها تدور بنا ولا نديرها... عدنا إلى عهد الخوارج، فخرج علينا من يرفعون فى وجوهنا القرآن وهم لا يفهمونه، بل هو لا يغادر تراقيهم حين يتلونه، كل واحد منهم إلا من رحم ربى يقول أنا الإسلام والإسلام أنا، طريقتى وفكرى هى الإسلام وغيرى على باطل!!

لم يكن الإسلام شيئا واحدا ولا طريقة حصرية لفريق بعينه من خالفهم فقد خالف الإسلام، ولكن الإسلام لمن يجهلون هو أصل قاعدة "تعدد الصواب"، وهو السعة والمرونة ذاتها، ولم يختلف أحد على أن عالمية الإسلام وشموله اقتضت أن تتغير الأحكام بتغير المكان أو بتغير الزمان، فلا يعقل أبدًا أن يثبت الحكم على اختلاف الأزمنة والأمكنة، فلم يقل أحد أن الشريعة جامدة ليس فيها سعة أو مرونة، أو أنها تقف عند زمن واحد وفكر واحد، بل إن هناك العديد من الأحكام التى أقر الفقه صراحة بلا مواربة بتغيرها بتغير الزمان، ويا ليت من تفرغوا للسياسة والحكم والانتخابات ومشاكلها، ثم تفننوا وتفانوا فى الخروج فى مظاهرات ليس فيها رشد، فلهؤلاء أقول: ليتكم تبذلون من وقتكم وجهدكم عُشر الوقت الذى تبذلونه فى الانتخابات والسياسة فى العمل الدعوى، وفى خلق تلك الحالة الفقهية التجديدية التى نتشوق إلى الشرب من معينها، وكفاكم ساس ويسوس.

نقلا عن جريدة فيتو
الجريدة الرسمية