رئيس التحرير
عصام كامل

القرآن.. ومؤامرة بني إسرائيل (1)


قال الله تعالى {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} (فصلت 26)، اختار الله محمد عليه الصلاة والسلام رسولا للناس، وكلف الله رسوله أن يحمل كتابًا لا ريب فيه هدى للمتقين، وهو القرآن الكريم تضمنت آياته أنوارًا إلهية تضيء للإنسان طريق الحق والخير والصلاح، قال سبحانه لرسوله أثناء التكليف (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَه وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) (المائدة: 67)..


تلك الآية تحدد بوضوح لا يقبل الشك أن الله سبحانه لم يكلف رسوله بمهمة أخرى غير إبلاغ الناس جميعًا آيات الله التي تضمنها القرآن الكريم بقوله سبحانه (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) (الشعراء: 192-194).

أمر الله رسوله بأن يدعو الناس بالموعظة الحسنة بقوله سبحانه (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (النحل: 125)، ولا تكره الناس على اتباع رسالة الإسلام بقوله (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (يونس: 99)، ذلك بأن الله سبحانه يوضح لرسوله عليه الصلاة والسلام أسلوب الدعوة وحرية الاعتقاد للناس دون إكراه، كما أكد سبحانه لا وصاية على الدين والدعوة إليه بقوله تعالى (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) (الأنعام: 107)

هل ممكن أن يخالف الرسول أوامر الله بالتقيد في إبلاغ الناس ما جاء في القرآن من آيات كريمة تستهدف هدي الناس لطريق الخير ولما يحقق لهم الأمن والسعادة والرحمة والعدل في الحياة الدنيا والأمان يوم القيامه عندما يقدم كل إنسان كتابه، حيث يقول سبحانه (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ) (الحاقة: 19) (وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ) (الحاقة: 25)، هل يقبل العقل والمنطق أن رسول الله سيأتي بأقوال من عنده أو تشريعات غير ما أمره الله بها أن يبلغها للناس، كيف يستقيم المنطق بين المهمة الرئيسية الموكلة إليه من رب العباد لعباده وعشرات الآلاف من الروايات التي تمكنت أن تطغى على آيات القرآن الذي أنزله الله على رسوله بواسطة الروح الأمين نسبت إليه ظلمًا وعدوانًا وافتراءً، فهل نزل ملك آخر يبلغ رسول الله بأن يبلغ الناس أقوالا وأحاديث غير التي يتضمنها القرآن الكريم؟!!

والله يقول سبحانه (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ) (الجاثية: 6)، تؤكد لنا هذه الآية بألا حديث غير آيات الله ولا تشريع إلا من عند الله ولا طاعة إلا لله ولما ينقله رسوله عن ربه من حكمة وموعظه وعبادات حينما يقول الله سبحانه في كتابه الكريم (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) (الأحزاب: 21)، فالله يأمر المسلمين بأن يقتدوا بالرسول في كل أمر يتعلق بشرح مراد الله من آياته يعلمهم الحكمة ويعلمهم العبادات ممارسة فعليه من صلوات كانت أم صيام أو حج البيت حتى التعامل بين الناس يتعلم منه المسلمون أسلوب التعامل والعلاقات الإنسانية ويتعلمون منه القيم النبيلة من رحمة وعدل وإحسان وتعاون، كان عليه الصلاة والسلام قرآنا يمشي والقدوة هي الممارسة والسنة هي القدوة في تفعيل التوجيهات الإلهية مع الناس.

نســــتنتج ممــــــا ســــــــبق بــأن إلهنا واحــــــــــــد سبحانه جل وعلا هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إلَــــــــــهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزــُ الْجَبَّـــــــارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ.. نؤمن بما جاء في كتابه المبين من تشريع وقيم وعدل ورحمة وتعامل بين الناس بالعدل والإحسان.

نؤمن بأن محمد عليه الصلاة والسلام إماما ورسولا من الله للناس جميعا جاء يحمل لهم خطابا الهيا احتوى كلمات الله ليهدي الناس إلى ما يصلحهم فلا أمام غيره ولا قول جاء به غير ما كلفه الله بابلاغه للناس وهو القرآن الكريم وما عداه يتفق مع قوله سبحانه (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا (61) (النساء: 60-61) وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ(7) وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (8) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (9) (محمد: 7-9).

هل من الصدفة أن يتولى جمع الروايات على لسان الصحابة وغيرهم منسوبة للرسول عليه الصلاة والسلام، الأربعة الكبار في أواسط القرن الثالث بعد وفاة الرسول وهم البخاري / وأبو داوود / والترمذي/ وابن ماجة / في نفس التوقيت وأن يكونوا جميعهم ولادتهم في الدولة الفارسية أثناء حكم بلادهم والتي اتخذت المجوسية ديانة لها..
ونكمل في المقال القادم.

الجريدة الرسمية