رئيس التحرير
عصام كامل

حافظ إبراهيم يكتب: الطراز الديني واللهو الدنيوي

حافظ إبراهيم
حافظ إبراهيم

في مجلة "السفور" عام 1915 كتب الشاعر حافظ إبراهيم، مقالا عن عادات المصريين في الأعياد قال فيه:

أظلنا فصل المواسم ولئن كان من سنتنا أن نزور المقابر في جميع أيام المواسم،فإن أول جمعة في رجب هي البداية، فهي يوم موقوف على زيارة الموتى ليس له من مظاهر الأعياد غيرها، وهو يشبه يوم الأموات عند الفرنجة.ويأتى بعده عيد الفطر وعيد الأضحى وغيرها.


والفرق بين الغربيين وبيننا هو أن أعيادهم ليست دائما ذات صبغة دينية، وليست زيارة الأموات من مراسم الأعياد عندهم حتى لا يخلو منها موسم كما هو شأننا.

هم يذهبون إلى كنائسهم ليحيوا عيد الفصح بالصلاة والذكر، ثم يقصدون الميادين العامة ومواطن استعراض الجيوش ليحتفلوا بأعيادهم القومية حول جنودهم.

إنهم يحملون باقات الأزهار إلى مضاجع الموتى في يوم معين من السنة، ولهم إلى جانب ذلك أعياد يخلدون فيها إلى لهو أنفسهم ومسراتها، أما نحن فأعيادنا كلها مطبوعة بطابع ديني ولو لم ترجع إلى أصل ثابت في الدين.

كل أعيادنا من طراز واحد، هو ذلك الطراز الديني في أبعد مظاهره عن التناسب مع طبيعة الأعياد التي تقتضي شيئا من البهجة والمرح، حتى لقد تلاشت أو كادت تلك المواسم العتيقة التي كانت تمثل روحنا القومية على وجه ما وتعطينا نفحة من اللهو الدنيوي أمثال عيد وفاء النيل وموسم شم النسيم.

ليس لدينا أعياد وطنية تكون متنفسا لنشاط العواطف، وليست عندنا مواسم خلاعة ولهو تخفف من حياتنا ولكن نحيى عيد الأضحى وعيد الفطر بمثل ما نحيي به جمعة رجب بزيارة القبور والبكاء على الأموات. فلا تكاد تجد فرقا بين الدار التي تدخلها ليلة العيد وتدخلها في ليلة مأتم مثلا.

نود لو لقوا منا وراء المواسم الدينية أعياد عامة ذات شكل غير ديني حتى نحفظ لشعائر الذين قدسيتها واحترامها ولا نضيع فرصة للعواطف الدنيوية من حياتنا الاجتماعية.
الجريدة الرسمية