رئيس التحرير
عصام كامل

«الشركات الوسيطة» في ألمانيا بين إدماج اللاجئين واستغلالهم

فيتو

يعد وضع القدم في سوق العمل الألماني أمرا ليس بالأمر الهين على اللاجئ، حيث شرعت "الشركات الوسيطة لإعارة العاملين" بتشغيل اللاجئين ومحاولة إدماجهم في سوق العمل، وقد يسفر تتبع تجربة للشاب السوري محمد الحسين، عن واقع جديد، فالشاب الذي وصل ألمانيا قبل ما يقارب ثلاث سنوات، أتم مستوى جيدا من اللغة الألمانية وبعدها شرع في البحث عن فرصة عمل، كان الشاب، البالغ من العمر 32 عامًا، يعمل في ترتيب وتنظيف الغرف في فندق صغير في العاصمة السورية دمشق، حاول كثيرًا العثور على عمل في فندق في ألمانيا أيضا، بيّد أن لغته المتواضعة نسبيًا وعدم امتلاكه تدريبا مهنيا، حالا دون ذلك.

في يوليو الماضي صدرت دراسة عن "معهد أبحاث سوق العمل والمهن" التابع لـ "الوكالة الاتحادية للعمل" تناولت وضع اللاجئين في سوق العمل، وحسب الدراسة بلغ عدد العاطلين عن العمل في ألمانيا في أبريل 2017 نحو 4.5 ملايين، من بينهم أكثر بقليل من نصف مليون لاجئ أي نحو 12% من مجموع العاطلين عن العمل.

الحل
وجد محمد "ضالته" أخيرًا في "الشركات الوسيطة لإعارة العاملين" كما يقول في تصريح لمهاجر نيوز، يتلقى معظم العاملين في تلك الشركات الحد الأدنى للأجور في ألمانيا، وهو ثمانية ونصف يورو عن كل ساعة عمل، وتدفع تلك الشركات كل التأمينات والضرائب والمستقطعات الأخرى على الراتب (ضريبة دخل وتأمين صحي وتأمين التقاعد وتأمين البطالة وغيرها). وتقوم الشركة بإعارة العامل إلى شركات أخرى لا ترغب بتوظيف عمال لفترة طويلة وإنما تحتاجهم فترة مؤقتة.

وحسب دراسة "الوكالة الاتحادية للعمل"استطاع خلال الفترة من مايو 2016 حتى أبريل 2017 نحو 51 ألف لاجئ من أكبر ثماني دول مصدرة للاجئين إلى ألمانيا (سوريا، أفغانستان، أريتريا، إيران، العراق، باكستان، والصومال، ونيجيريا) إيجاد فرصة عمل، وبالتالي الاستغناء عن المساعدة الاجتماعية. ومن بين الرقم السابق هناك 41 ألفًا أفلحوا في شق طريقهم للمرة الأولى إلى سوق العمل، وحسب الدراسة فقد بلغ عدد من يعملون في شركات وسيطة من أولئك في ديسمبر 2016 أكثر من 11 ألف لاجئ، مقارنة بـ 5800 قبل عامين من ذلك التاريخ. أي أن ربع من حصل على عمله الأول من اللاجئين في ألمانيا، كان عن طريق شركة من ذلك النوع، وبالتالي فإن تلك الشركات أكبر مشغل للاجئين.

تشغّل شركة "غيت" ما يقارب 1500 عامل من 36 بلدًا، من بينهم 200 لاجئ، حسب تصريح لمديرها هيلموت ماير لصحيفة "زود دويتشه تسايتونج"، وتعتبر شركته رائدة في ولاية تورنغن بما يخص إدماج اللاجئين في سوق العمل.

فرصة عمل
تقول المتحدثة باسم "وزارة العمل الاتحادية" إن هذا النوع من العمل يوفر الفرصة للاجئين "لوضع موطئ قدم لهم في سوق العمل"، وبشكل أكثر تحديدًا تفصّل دراسة "الوكالة الاتحادية للعمل" في ذلك: "يفيد هذا النوع من العمل الأجانب في تطوير لغتهم وبناء علاقات والتعرف على ثقافة العمل ورفع مستوى معلوماتهم ومعارفهم"، ويثني هيلموت ماير كذلك على تجربته مع اللاجئين: "العمل ستة أسابيع يحسن لغتهم أكثر من ثلاثة أشهر في دورة للغة".

يلخص محمد تجربته بعد ما يقارب من السنة في العمل من خلال "شركة وسيطة" بالقول: "لمست فرقًا كبيرًا بين العمل هنا وعملي السابق في بلدي. منحني العمل هنا فرصة ثمينة للتعرف على بيئة العمل وأخلاقياته وعقلية الألمان في العمل. كما وفر لي الاحتكاك مع الألمان، فرصة للحديث بالألمانية ما كانت للتوافر لي في أي مكان آخر". ويطمح محمد الآن إلى "الحصول على عمل ثابت".

صورة ليست مشرقة
تقوم الفكرة المؤسسة لتلك الشركات على إعارة العامل إلى أكثر من شركة ليتعرف على أكبر عدد ممكن من الأعمال ويجد فرصة عمل ثابتة له في إحدى تلك الشركات، من وحي تجربته يقول اللاجئ السوري ح. ع. لمهاجر نيوز: "ما يحصل في الواقع هو ترك العامل المعار في نفس الشركة شهورا وربما سنوات دون نقله لمكان آخر ليجد فرصته"، وحسب صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" لم يفلح سوى عشر بالمائة من العاملين اللاجئين لدى هيلموت ماير في الحصول على عمل ثابت في شركة ما.

كما يشكو السوري ح. ع. من قلة عدد أيام الإجازة المأجورة وتعويضها المادي مقارنة بالعامل العادي. والأنكى من كل ذلك هو أن الشركة المعار إليها ترى أن "لا جدوى من الاستثمار في العامل المعار وتطويره مهنيًا لأنه سيغادر ذات يوم" حسب ح. ع، ويؤكد ذلك الخبير في شئون العمل ألكسندر شبيرمان للصحيفة الألمانية قائلًا: "هناك صعوبة في تطوير النفس مهنيًا كعامل معار"، وحسب دراسة "الوكالة الاتحادية للعمل"، ففي خلال فترة إعداد الدراسة كان لدى "16 بالمائة من الشركات المعار إليها اللاجئون خططًا لتثبيت بعضهم" و"ثمانية بالمائة من تلك الشركات كانت تفكر في منح لاجئين فرص تأهيل مهني".

أقرّ البرلمان الاتحادي الألماني (بوندستاج) في العام المنصرم تعديلًا على القانون الخاص بـ"الشركات الوسيطة لإعارة العاملين"، "اعتبارًا من أبريل 2017، يتوجب على الشركة إعطاء أجر للعامل المعار مماثل لنفس أجر العامل المُثبت، وذلك بشرط أن يمضى تسعة أشهر في تلك الشركة"، قد يساعد ذلك على تقوية فرص تثبيت العمال المعارين، إلا أن الواقع يقول غير ذلك: "بدأت شركات الإعارة بالتحايل على ذلك التعديل بإرسال العامل المعار لمكان عمل آخر لمدة ثلاثة شهور أو في إجازة، ومن ثم تعيده لنفس الشركة ليقضِ فيها تسعة أشهر أخرى" يختم اللاجئ السوري ح. ع. حديثه معنا.

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل


الجريدة الرسمية