رئيس التحرير
عصام كامل

قطار الإسكندرية وهيبة الدولة!


عندما كنت ضابطا للتوجيه المعنوى، في قيادة اللواء 49 مدفعية التابع للفرقة السابعة مشاة، ذهبت لأمثل وحدتى في اجتماع عاجل دعا إليه الفريق صادق، وزير الحربية وقتها، وذلك في مقر قيادة الجيش الثالث.. وفى هذا الاجتماع قال لنا كلاما صادما وهو أننا لن نحارب قريبا لأننا لا نملك ما يكفينا في الحرب سوى لثلاثة أيام فقط بعد أن أمسك السوفيت عن تقديم مزيد من السلاح لنا.. وسبب الصدمة أن كل ما كان في الجبهة ضباطا وجنودا كان ينتظر بلهفة موعد الحرب لاسترداد الكرامة قبل الأرض.


كان هذا رأى القائد العام للقوات المسلحة وقتها، ولعله كان سبب إعفائه من منصبه وتعيين المشير أحمد إسماعيل مكانه فيما بعد عندما اتخذ السادات بينه وبين نفسه قرار خوض الحرب.. وخضنا الحرب بذات الأسلحة التي كانت في حوزتنا وبدون الحصول على مزيد منها من السوفيت.. وحققنا نصرا عزيزا غاليا فتح لنا الطريق لاسترداد سيناء كلها.

أي أننا نستطيع في ظل تلك الإمكانيات ونقص الموارد أن ندير مؤسساتنا بطريقة مختلفة.. طريقة صحيحة وسليمة، ولن يتحقق ذلك إلا إذا كانت هذه الإدارة منضبطة وتجيد استخدام ما لديها من موارد أفضل استخدام ممكن لها، وذلك لن يتحقق إلا بتمكين الكفاءات.

إذن.. حادث قطارى الإسكندرية المروع لا علاقة مباشرة له بنقص الإمكانيات أو اختلال الأولويات، وإنما سببه المباشر هو الإدارة غير السليمة التي تفتقد القدرة على الاستخدام الأمثل لمواردها المحدودة، وحتى لو أنفقنا مال قارون على إصلاح السكك الحديدية بدون إدارة تتسم بالكفاءة والانضباط سوف نظل نبكى على ضحايا حوادث السكك الحديدية.. وللعلم ذلك أحد أسس هيبة الدولة.
الجريدة الرسمية