رئيس التحرير
عصام كامل

بالفيديو.. الغلاء الفاحش يعيد زمن المراوح الجميل

فيتو

"المروحة" ذلك الحل الأقل تكلفةً للقضاء على حر الصيف، يرجع الفضل لـ"سكايلر سكاتس هويلر" في اختراعه عام 1882، لتظل المروحة لعقود هي رمز الثراء الفاحش في مصر، فمن يمتلك مروحة قد حِيزت له الدنيا بهوائها الطلق في ظل الحر الحارق.


كما كانت من أبرز العلامات على قدوم عامل مصري من خارج البلاد، فالمسجل والمروحة والتليفزيون كانت من مظاهر الثراء والأبهة والتباهي، إلى أن أصبحوا في متناول الجميع، ليحل التكييف محل المروحة، ويصبح هو سيد الموقف في ظل ازدياد درجات الحرارة الملتهبة.

فمهندس أمريكي شاب، اخترع جهازا من باب "الحاجة أم الإختراع"، حيث لم يكن "ويليلس كاريير" يريد أن يبرد بيته من حر الصيف، بل كان يريد أن يطور جهاز التبريد ليقي مطبعته من إفساد الحبر للورق، لينتشر هذا الجهاز العبقري "التكييف" الذي يتحكم في الطقس، ويحول حر الصيف إلى صقيع القطب الشمالي بضغطة زرٍ واحدة.

انتشر التكييف في المنازل بشكل شعبي بعد الحرب العالمية الثانية 1945، ليكون بمثابة الحافز الذي دفع العديد من سكان الشمال للنزوح للأماكن الحارة ضامنين أن يجدوا طقسًا مناسبًا.

أما عن مصر فقد كان يوجد أكثر من ثمانية ملايين جهاز تكييف فيها، ويُحدد استهلاك التكييفات في الكهرباء على حسب قوة الحصان لكل تكييف وليس على نوعه سواء كان "إل. جي" أو شارب أو كارير أو يونيون اير.

ويبلغ إجمالي الطاقة التي تستهلكها التكييفات في مصر نحو ٣٣٪ بمعدل استهلاك سنوي يصل إلى ١٠ مليارات كيلووات، وذلك بعد ارتفاع أعدادها إلى 12.5 مليون جهاز تكييف في ٢٠١٧.

وتوالت الأزمات الاقتصادية في الآونة الأخيرة لنعود إلى زمن المراوح الجميل، تاركين رفاهية التكييف، فلم يعد الوضع ملائمًا، لا الأموال كافية ولا حتى استهلاك الكهرباء للتكييف أصبح في متناول الطبقة الوسطى التي تندثر الآن أمام مرأى ومسمع من الجميع.

تقول "حنان فهمي": "أنا عندي تكييف لكن جبت مروحة ومبقتش استخدم التكييف كتير"، أما عن باعة الأجهزة الكهربائية فتجد أن أكثر ما يُباع عندهم الآن هي المراوح بأنواعها المختلفة، إذ يقول "هشام محمد"، عامل في محل أجهزة كهربائية بالعتبة، "الإقبال على المراوح كبير جدا رغم زيادتها بنسبة 100%، لكن الحر بيخلي الناس تشتري، وما شاء الله سوق المراوح معانا ماشي تمام"، وتتراوح أسعار المراوح بداية من مئتي جنيه لتصل إلى الألف جنيه، لكن عادة يتم الإقبال على المراوح التي تتراوح ما بين 200 جنيه إلى 600 جنيه، ليعود زمن المراوح الجميل كأنه العصر الذهبي لباعة الأجهزة الكهربائية.

وبعد أن بلغت أعداد التكييفات في مصر 12.5 مليون تكييف، تراجعت أسواق التكييف، إذ يقول محمد محمود، عامل في محل أجهزة كهربائية في شارع عبد العزيز: "التكييفات الإقبال عليها قليل عشان الشعب المصري حالته المادية ضعيفة جدًا، لكن الإقبال على المراوح عالي عشان الحر"، وبهذا تجد أن التكييفات التي تتراوح أسعارها من 5 آلاف جنيه إلى 20 ألف جنيه تتراجع بشكل كبير أمام المراوح هذا العام.

وهناك فئة أخرى من الشعب المصري المطحون في همومه اليومية، الذي لم يكن قد دخل في زمن التكييف، يعود إلى المروحة، فيقول "أمير محمد إبراهيم"، سائق سوزوكي بشارع عبد العزيز: "طول عمري وأنا نفسي أجيب تكييف لكن هجيبه منين؟ لو معايا فلوسه هروح أجهِز بنتي بثمنه"، أما "محمود مصطفى" فقد كان له رأي آخر، إذ واجه الغلاء بالاستغناء رغم مقدرته على أن يشتري التكييف فيقول: "معايا فلوس أجيب تكييف لكن لزمته إيه؟ الواحد مبيفضلش في الشقة على طول والكهربا غالية، أنا عندي مراوح والمراوح كفاية"، وأضاف "أبو عبد الله": "أنا بدفع 150 جنيها كهرباء في الشهر في شوية أجهزة بسيطة، التكييف عايز ميزانية للكهرباء لوحده".

يتقدم العالم أجمع مُنتقِلًا من ثورة تكنولوجية إلى أخرى، ونحن نعود إلى الأزمنة القديمة، فكما قال المثل المصري الأصيل "من فات قديمه تاه!" ومعاذ الله أن نتوه، فها نحن نرجع للقديم من جديد.
الجريدة الرسمية