رئيس التحرير
عصام كامل

دهسهم بالدبابة في دولة لا تراعي حقوق الإرهابيين!


أفزعتنى لقطة الفيديو التي كشفت عنها القوات المسلحة مؤخرًا، والخاصة بإجهاض عملية إرهابية جديدة في العريش؛ بعدما قرر البطل قائد الدبابة أن يدهس السيارة المفخخة بمن بداخلها من أوغاد قبل دخولها الكمين؛ بسبب رفض قائدها التوقف انصياعًا للتعليمات الأمنية!


اللقطة مفزعة ومحزنة لأنها لا تراعى الحَد الأدنى لحقوق الإرهابيين، ولقد اعتدنا في السنوات الغبراء الأخيرة أن يدافع النخبة والإعلام وصفوة السياسيين (بين قوسين هيئ) عن حقوق الإرهابيين، كما يدافعون عن حقوق المجرمين، واللصوص، والمشاغبين، والقتلة، وحارقي المنشآت العامة، إزاى الإرهابى يتقتل فرمًا هكذا قبل أن تثبت عليه تهمة الإرهاب، وتسيل الدماء أولًا من الأبرياء؟ الطبيعى وطبقًا لجمعيات حقوق الإنسان، ونشطاء السياسة، ومحاميى الغبرة من أصحاب الدعوات القضائية المسلوقة، الطبيعى أن يُمنَح الإرهابى فرصة للتعبير عن نفسه؛ لإثبات كونه إرهابيًا أصيلًا، يقتل له خمسين ستين نَفسا، ويصيب المئات، وبعدين نقوم بمطاردته، مش نضربه في مقتل طوالى كده!

يعنى كان المفروض يتم ترك الإرهابى ليقوم بتفجير الكمين، بضباطه، وجنوده، والمدنيين كمان، ثم نقوم بحسابه عن طريق محاكمة مدنية عادلة، تتوافر فيها كل الشروط القانونية لضمان حقوق الإرهابى، من أكل وشُرب وجماع مع زوجاته، وإلا هيزعل مننا (البرادعي) و(خالد علي) وإحنا مش قد زعلهم، خصوصًا الأخير، يطلَّع لنا صباع من بتوعه تبقى مصيبة!

وبعدين تعالوا هنا ياللى فرحانين أوى باللى عمله الضابط، إنت إيش ضمَّن حضرتك يا أفندم إن الأستاذ الإرهابى كان داخل يفجَّر الكمين ده بالذات؟ مش يمكن كان هيعدى بسلام؟ واحد يقول لى ما هي السيارة فعلًا طلعت مفخخة بدليل أنها انفجرت بعد التأمين الأسطوري من قائد الدبابة البطل، وكان انفجارها هائلًا، ولو تم في قلب الكمين لأودى بحياة العشرات.. وأرُد عليه، لا يا سيدى حضرتك غلطان، مش يمكن الإرهابى ومعاه زمايله كان هيعدى بسلام، ويروح يفجَّر مكان تانى؟ إذن مش من حقك تقتله لأنك لم تتدخَّل في نواياه، وإلا هيزعل مننا ستة إبريل، وإحنا مش قد زعلهم؛ وسلالم النقابة اشتكت لأنها بدورها مش قد زعلهم!

وبعدين تعالوا هنا.. مين قال أصلًا إن قائد السيارة ورفاقه إرهابيين؟ أرجوك لا تستخدم معى حجة إنها كانت ملغمة، بدليل أنها انفجرت بعدين، مش يمكن الجماعة كانوا رايحين حفل زفاف، أو عيد ميلاد، والتفجيرات دى هي اللى بيتم استخدامها لإحياء الليلة زى ما بنشوف؟ جرى إيه يا أخواننا، إحنا ليه أحكامنا بقت سريعة وقاصرة بهذا الشكل القاسى؟ إحنا كده مُمكن نزعَّل مننا (عبد المنعم أبو الفتوح)، وإحنا مش قد زعله، بدل ما يتقمص ويهِج ع السودان، هُما آه هيرفضوا، ويرجعوه تانى زى العادة، ومعاه جواب شُكر لمصر إنها مستحملة العالم اللى زى دى على أرضها، بس برضه، من حق (فتوح) يدافع عن قرايبه، ويؤكد أنهم كانوا رايحين يحيوا ليلة فرايحى ويطفُّوا الشمع.. وعلى رأى المرحوم (توفيق الدقن) في فيلم ابن حميدو "الشمعة دى تحُطها في... عينك.. آه"!

وبعدين فرض جدلى إن الراجل إرهابى، طيب ذنب السيارة إيه؟ هي السيارة إرهابية؟ أبدًا والله، ليه تدهسوها بهذا الشكل القاسى؟ دى سيارة مسكينة بلا إرادة، السيارة ما ذنب السيارة على رأى (محمد بديع) أيام ما كان بيطلع بوجهه سافرًا ليتحدث في السياسة والدين والثورة والهلس، قبل ما ربنا يهديه ويلبس النقاب ويتلَم أيام اعتصام رابعة الإجرامى!

ونرجع تاني.. بفرض إن الراجل إرهابى، والسيارة إرهابية، ليه تدوسوهم بالدبابة؟ كان المفروض التعامل يكون برقة، بحنية، معاملة دينية سمحة على رأى (القرضاوى) الذي لن يهمه الانتحاريين الأوباش الذين تساووا بالأرض بعد حصولهم منه على فتاوى وعقود ملكية ـ وهمية ـ لقصور في الجنة، ولما يموتوا هيكتشفوا إنه نصَّاب زى بتوع الدُنيا تمام، بفارق إن بتوع الدنيا بياخدوا فلوس الشقق ويخلعوا، أما بتوع الآخرة ـ مثله ـ فبياخدوا أرواح المساكين المغفلين ويقعدوا واكلين شاربين متجوزين ومهيصين، وممكن يكون رَد فعل (القرضاوى) مشابهًا لرد فعل (هانى رمزى) في برنامجه الكوميدى بتاع المقالب، وهو بيهتم أكثر بالشيء الأغلى بالنسبة له، ويسأل: "السيارة.. أهم شيء السيارة.. السيارة صار لها شيء؟!"
الجريدة الرسمية