رئيس التحرير
عصام كامل

نورهان غنيم تكتب.. الإصلاح الاقتصادي خطوة لابد منها ولكن(٢)

نورهان غنيم
نورهان غنيم

اليوم أستكمل حديثي عن الإصلاح الاقتصادي وضرورة وجود إجراءات حماية اجتماعية، فلا شك أن الحماية الاجتماعية هي حجر الزاوية ببرنامج الإصلاح الاقتصادي، وأن أي إصلاح اقتصادي بهذا الشمول وبهذه القوة يحتاج إلى دعم وحماية محدودي الدخل وأن نستكمل منظومة بخطوات تنفيذية أخرى وسياسات وإجراءات استثمارية محفزة مع برنامج حماية اجتماعية لمحدودي الدخل والتوسع في برامج وأدوات لتخفيف المعاناة على الطبقات متوسطة الدخل الذين يعانون من ارتفاع الأسعار. فمن يقرأ أدبيات وتقارير صندوق النقد الدولي يجد أن كل سطر فيها يلزم الدول بضرورة حماية ودعم محدودي الدخل، من خلال برامج تكافل وكرامة ومعاش التضامن الاجتماعي وترشيد الدعم حتى يصل لمستحقيه. 


من الضروري أيضا الإسراع بخطوات تنفيذية نحو توفير ما نستخدمه من موارد النقد الأجنبي، مع محاولة زيادة حصيلة إيراداتنا منه حتى نساعد على استقرار منظومة أسعار الصرف في المدى القصير. يجب أن نعي أنه عادة بعد تحرير أسعار الصرف يمر السوق بفترة من التذبذب، ولكن بنهاية هذه الفترة يستقر الدولار عند السعر العادل والوصول إلى حالة الاستقرار مرتبط بتعاون الجميع وعدم شراء الدولار إلا عند الحاجة الدولية لذلك، والإسراع بتنفيذ خطوات الإصلاح الاقتصادي وقدرته على جذب استثمارات أجنبية مباشرة وغير مباشرة في سوق المال. ومن المهم أن تقدم الحكومة برنامج متكاملًا بأرقام محددة وإطار زمني واضح، تحدد فيه المستهدف الوصول إليه بعد هذه الإجراءات من زيادة في معدلات التشغيل وارتفاع في مستويات الصحة والتعليم، وهو الهدف الأساسي من أي إصلاح اقتصادي.

لابد من ترشيد منظومة الاستيراد مع تحديد الأولويات، وخاصة أن اتفاقية الجات تعطينا حق اتخاذ إجراءات استثنائية في ظل ظروف استثنائية. ويرتبط هذا بزيادة نسبة المكون المحلي ومدخلات الإنتاج في المصانع الحالية وإحلال ما يتم استيراده. ووضع خطط محددة بأرقام مستهدفة لزيادة حصيلة الصادرات السلعية على مدار عامين، مع تفعيل دور هيئة المواصفات والجودة. وإقامة تجمعات زراعية وصناعية ومتكاملة ضمن إستراتيجية دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة. مع تحديد الصناعات ذات الميزة التنافسية في كل منطقة فيجب أن تتجه سياسة الاستثمار الداخلي إلى مبدأ التوزيع الجغرافي للمحافظات، وبالتالي تتم إقامة الصناعات الجديدة في المناطق التي تزداد بها نسب البطالة ومعدلات الفقر وتتم إقامة الصناعات وفقًا للميزة التنافسية التي تتمتع بها كل محافظة.

وأخيرًا وليس آخرًا، فالاهتمام بالبعد الاجتماعي والأخلاقي، وهذا البعد هو في نظري الأهم في منظومة الإصلاح الطويلة المدى، حيث يتعامل هذا البعد مع القيم الإنسانية والسلوكيات المختلفة، ويعلي من قيم الجودة والانضباط والأنماط الاستهلاكية. وهي قيم يمكن الارتقاء بها على المدى المتوسط من خلال التوعية والإعلام والمدى الطويل من خلال منظومة التعليم الجيد. فهذه المنظومة هي أساسية والتي بدونها لا يمكن للاقتصاد أن يحقق التنمية المستدامة التي يهدف إليها.

أدرك وأقدر صعوبة الموقف، ولكن بدون تعاون الجميع حكومة، مجتمعًا مدنيا وأفرادًا، لن تحقق برامج الإصلاح الاقتصادي الأهداف المرجوة منها.
الجريدة الرسمية