رئيس التحرير
عصام كامل

وزير التعليم لا يكذب


صرح الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، في أكثر من وسيلة إعلامية، بأنه اكتشف وجود تقارير عن تطوير التعليم من منظمة اليونسكو ومن علماء وخبراء في العلوم والرياضيات قبل توليه الوزارة ولم تنفذ.. السؤال الذي يلح هنا هو لماذا تصدر مثل هذه التصريحات في هذا التوقيت؟ رغم أن الدكتور طارق كان واحدًا من العناصر الرئيسية في ورشة العمل التي نظمتها الوزارة حول مناقشة مناهج العلوم والرياضيات ومعرفة أين نقف من مناهج الدول المتقدمة، وذلك بحكم منصبه السابق كأمين للمجلس الاستشاري للتعليم، وشارك في هذه الورشة نحو ١٥٠ عالما وأستاذا متخصصا في العلوم والرياضيات من مختلف الجامعات والجهات التابعة لوزارة التربية والتعليم.


وكانت الوزارة تشترط في خطاباتها للجامعات أن ترسل أسماء الأساتذة الذين تفخر بهم كل جامعة في هذين التخصصين، وصدر عن تلك الورشة تقرير حول المناهج المصرية في العلوم والرياضيات، ومدى قربها وبعدها عن المناهج العالمية.

ولم تكتف الوزارة بهذا الأمر؛ بل تمت مخاطبة منظمة اليونسكو لإعداد تقرير حول المناهج المصرية وقياسها بالمناهج العالمية، باعتبارها جهة محايدة، وبالفعل وضعت اليونسكو خلال أشهر تقريرها والذي جاء مطابقًا بنسبة كبيرة لتقرير الخبراء المصريين، وعقدت الوزارة اجتماعا لمناقشة التقريرين بحضور الدكتور طارق شوقي وقتها وأعضاء لجنة التعليم بمجلس النواب، ونقيب المعلمين خلف الزناتي، وقيادات الوزارة والدكتور الهلالي الشربيني وزير التربية والتعليم السابق، وتمت مناقشة التقريرين، التقرير الصادر عن اليونسكو والتقرير الصادر عن الخبراء المصريين، وبناءً عليه صدر القرار الوزاري رقم ٣٩٦ الصادر بتاريخ ٢٤ نوفمبر عام ٢٠١٦، والذي نص على تشكيل لجان فنية متخصصة لإعداد إطار عام للمناهج الدراسية، وإعداد الوثائق النوعية لمناهج "اللغة العربية واللغة الإنجليزية، والعلوم والرياضيات"، وإعداد أدلة التأليف والتحكيم، بالإضافة إلى دليل المعلم لمناهج العلوم والرياضيات واللغة العربية، واختيار سلسلة جديدة لمنهج اللغة الإنجليزية بدلا من السلسلة التي تدرس حاليًا.

وكان الدكتور طارق شوقي وفقًا لنص القرار المذكور عضوًا في لجنة مناهج الرياضيات، والتي كان يرأسها الدكتور أحمد السيد عبدالحميد، أستاذ مناهج وطرق تدريس الرياضيات بكلية التربية جامعة المنيا، وكان مقرر اللجنة الدكتور أسامة عبدالله، رئيس قسم الرياضيات وعلوم الحاسب بكلية العلوم جامعة الإسكندرية.

لم يشر وزير التعليم في تصريحاته إلى تلك الإجراءات ولا إلى هذا القرار لا من قريب ولا من بعيد، وأنكر اتخاذ إجراءات تجاه تقارير اليونسكو وتقارير الخبراء المصريين حول المناهج، وذلك بالرغم من وجوده عضوا رئيسيا في تلك اللجان ولم يعترض عليها وقتها، بل إنه ألقى كلمة في الجلسة الافتتاحية لورشة العمل التي عقدت في بدايات عام ٢٠١٦، وتشكلت لجان لتنفيذ ما جاء في التقارير وتطوير تلك المناهج لتواكب المناهج العالمية، فلماذا بعد كل هذا جمد وزير التعليم الحالي عمل تلك اللجان التي كانت قد قطعت شوطا كبيرا في عملها، وكان من المفترض أن تسلم تلك اللجنة الإطار العام للمناهج في أول مارس، وبعدها الأطر الفرعية ولم تتممه بعد التغييرات الوزارية الأخيرة؟ ولماذا لم يذكر الوزير شيئًا عن هذا القرار؟ كما أنه جمد عمل تلك اللجان التي أنفقت فيها الدولة مبالغ طائلة.

كما أنه لم يشر إلى اللجنة الوزارية التي شكلها رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل لمتابعة تنفيذ توصيات التقرير الصادر عن ورشة عمل الخبراء المصريين، وكانت تضم وزير التربية والتعليم السابق الدكتور الهلالي الشربيني، والدكتور أشرف الشيحي، وزير التعليم العالي السابق، والمهندس خالد عبدالعزيز، وزير الشباب والرياضة، وحلمي النمنم وزير الثقافة، والدكتور طارق شوقي، ووقتها كان الأمين العام للمجلس الاستشاري للتعليم والبحث العلمي التابع لمؤسسة الرئاسة، واجتمعت تلك اللجنة وانتهت في مناقشاتها إلى توصية بالرجوع لليونسكو كجهة محايدة..

وبعد ذلك اجتمعت اللجنة مرة أخرى لمناقشة تقرير اليونسكو، ثم رفعت تقريرًا لمجلس الوزراء وبناءً عليه تمت الدعوة للاجتماع المشار إليه بحضور نقيب المعلمين وأعضاء لجنة التعليم بالبرلمان، واستمرت تلك الجهود نحو عام ونصف العام، ولكن كلها تم تجميدها من قبل الوزير الحالي، ثم صدرت تصريحاته التي تشير إلى اكتشافه بالصدفة لتقارير "مركونة" من اليونسكو وخبراء مصريين؟ فهل وزير التعليم يكذب على الرأي العام؟! أما أنا فأستبعد أن يكون الوزير الحالي بحجمه العلمي ومكانته الدولية والإقليمية قد صرح بما صرح ليكذب على الناس، ولكني أردت طرح تلك التساؤلات لاستيضاح الأمر ومعرفة القصد من وراء تلك التصريحات.
الجريدة الرسمية