رئيس التحرير
عصام كامل

فساد في وزارة الأوقاف


يعتقد من يقرأ العنوان أننى سوف أتطرق إلى تعيين ابنة الدكتور مختار جمعة، وزير الأوقاف، في وزارة البترول، وهى التي تخرجت العام الماضى في كلية الآداب، لن أتطرق إلى ذلك فربما شعر الأب بضعف تجاه رغبة ابنته فانتشلها من طوابير البطالة وعهد بها إلى زميله وزير البترول الذي وضعها في قائمة المحظوظين بمناصب آبائهم، فقط.. أطالب وزير الأوقاف الذي تحركت مشاعره تجاه ابنته أن تتحرك مشاعره المرهفة تجاه الغلابة ويدرأ عنهم الفساد ويعيد إليهم تحويشة العمر أو مبالغ لم يكن لهم بها طاقة فاقترضوها ودفعوها لشلة فاسدين يعملون بوظائف مختلفة في الوزارة.


الحكاية باختصار تبدأ بأحد السماسرة "وهو أيضًا موظف بالأوقاف" يعرض وظائف على البسطاء من حملة المؤهلات المتوسطة كعمال في المساجد مقابل مبالغ مالية تتراوح بين ثلاثين وأربعين ألف جنيه، ولأن الشباب يجدها فرصة لتحسين مستوى حياتهم وانتشالهم من دائرة البطالة يسارعون ببيع ما يمتلكون من المواشى أو القيراطين من الأرض أو يقترضون، ويسلمون المبالغ المطلوبة لهذا الموظف، ليقعوا بعد ذلك فريسة له ولمن يعمل لحسابهم من موظفي الوزارة..

بعد ذلك تبدأ مرحلة الأمل في استلام الوظيفة وبعدها بشهور قليلة تبدأ مرحلة اليأس ثم الندم، وإزاء بكاء البعض ونحيب البعض الآخر اضطرت شلة الفاسدين في وزارة الأوقاف وتحديدًا في مركز "أولاد صقر" بمحافظة الشرقية إلى وضع خطة للإطاحة بأحلام الشباب الغلابة تدريجيًا، وتتلخص في إقناعهم بأن الوزير وافق على تعيينهم بنظام المكافأة، على أن يتم تثبيتهم في وظائفهم بعد عام..

وخصصت مافيا الاتجار بفقر الغلابة أحد الموظفين في إدارة الأوقاف ليعطى كل شاب مائة جنيه في الشهر، وبالطبع يولد الأمل من جديد، لكن الضحايا سرعان ما يعودون إلى مرحلة اليأس بعد بضعة شهور، حيث تتوقف المكافأة وتكون إجابة الموظف أن وزير الأوقاف أصدر تعليمات بوقف المكافآت وأن الإدارة أرسلت إليه أكثر من التماس لإعادتها دون جدوى، وينتهى الفيلم ويكوش الفسدة على مئات الآلاف من الغلابة الذين اكتووا بنار الاستدانة.

التقيت سيدة تعول طفلين معاقين.. دفع زوجها الذي كان يعمل باليومية تحويشة عمره لمافيا التوظيف بوزارة الأوقاف ثم مات بعدها بثلاثة شهور، أربع سنوات مضت والأرملة المكلومة فشلت في استرداد ما دفعه زوجها وهى تعيش مع ابنيه المعاقين على مساعدات هزيلة من أهالي القرية، ولم تشفع دموعها ولا حالة طفليها عند الفسدة الذين ماتت ضمائرهم.

التقيت شابا آخر استدان ليجمع ثلاثين ألف جنيه وتقاضى مائة جنيه في الشهر لمدة ثلاثة شهور وقطعوا عنه المكافأة بنفس الحجة "تعليمات من وزير الأوقاف" أصيب الشاب بالسكري وفقد بصره ولم تشفع له دموعه ولا دموع زوجته وأبنائه.

حالات كثيرة مماثلة من قرية واحدة، أصبحوا ضحايا لموظفين في وزارة الأوقاف، المدهش في هذه الحكاية أن الفسدة يعملون أئمة في المساجد، يأمرون الناس بالمعروف وينسون أنفسهم، اشتروا أراضي زراعية وشيدوا عمارات بأموال الغلابة بعد أن انهارت ضمائرهم وأيقنوا أنهم بمنأى عن القانون لأنهم اعتقدوا أن من نصبوا عليهم لن تصل أصواتهم إلى المسئولين.

هذه الحكايات نطرحها على الدكتور مختار جمعة، وزير الأوقاف، فإذا تحرك.. فقد درأ عن نفسه شبهة يحاول الفسدة إلصاقها به، وإذا لم يتحرك سيكون شريكًا كما ردد بعضهم من أصحاب الخيالات المريضة.
basher__hassan@hotmail.com
الجريدة الرسمية