رئيس التحرير
عصام كامل

بين مؤتمر الإسماعيلية واستقبال البابا !


لا فائدة أن نعيد وأن نكرر على الناس ما قرأوه أو شاهده أو سمعوه من الآخرين بل هو الملل بعينه.. إنما الفائدة أن نضيف إليهم وننقل لهم ما لا يعرفونه.. فالكتابة ليست مهنة ملء الفراغات ولا تسويد المساحات البيضاء بل هي للارتقاء بوعي الناس ونضجهم مع التعبير عنهم وعن همومهم إن أمكن فعل ذلك كله!


وقد شاهد الكثيرون مؤتمر الشباب بفاعلياته ومناقشاته ورغم أن هذا مدهش وجيد لكن ظللنا نفكر ونحن في قلب الحدث بحلقاته ومناقشاته وحواراته لما يلفت نظرنا وكان السؤال: كيف تم الاستعداد لكي يظهر المؤتمر بهذه الصورة وبما يسمح بحوارات راقية وناجحة.. ولذلك يلح السؤال: كم من الوقت والجهد يستغرقه بناء خيمتين كبيرتين لا يقلان عن مسرح البالون وبجوارهما عدة خيمات أخرى أقل منهما؟ بارتفاعات ضخمة؟ بكهرباء تصل إلى المكان للإضاءة والمكيفات والمراوح الكهربائية؟

وكيف يمكن فرش ذلك كله بانضباط تام؟ ومتي تحديدا نقلت الكاميرات التليفزيونية الخاصة بالرئاسة بتوصيلاتها وأدواتها؟ ومتي تم معاينة المكان المخصص لذلك؟ ومتي انتهوا من فيلم "فدائيو محافظات القناة"، وتم إبلاغهم ونقلهم وإعادتهم إلى محافظاتهم؟ ومتي تم فرز المواهب التي تم تكريمها من بين المتقدمين؟ ومتي صور فيلم تسجيلي قصير عن كل واحد منهم؟ ومتي تم الاتفاق مع المكرمين؟ ومتي صور أيضا فيلم قصير لكل واحد منهم؟ ومتي تدرب الشباب على كل ما قالوه في المؤتمر وفقرة كل منهم والوقت المحدد لها؟ ومتى تم تصميم بيانات مصورة ومكتوبة لتترجم شرح كل منهم؟ ومتى روجع كل ذلك مرة أو أكثر؟ وكيف تم تأمين ذلك كله برا وبحرا؟

جهد جبار جدا بذل لتخرج الصورة كما خرجت ولكن يبقي الأكثر إثارة أن ذلك كله انتهى ليبدأ بعده بساعات قليلة مراسم واحتفالات استقبال البابا فرانسيس بابا الفاتيكان بضيوف آخرين وشخصيات أخرى بدعوات مختلفة وتأمين آخر مختلف تماما ولنذهب إلى القاعة لنجد كاميرات البث المباشر نفسها التي كانت في الإسماعيلية حتى وقت متأخر من مساء الخميس موجودة في نقل استقبال البابا في عصر الجمعة!

سيقولون إنها الرئاسة بإمكانياتها الكبيرة ونقول: إن ذلك يكاد يكون شهريا وإن لم يتم هناك فعاليات أخرى وهي كلها عمل إضافي لم يكن من قبل من صميم عمل الرئاسة!

في قاعة فندق الماسة وفي انتظار استقبال البابا كانت المرة الأولى التي ألمح أن الانتظار لم يتسبب في ملل المنتظرين ولا في تضجرهم بل كانت المرة الأولى التي يظل الوزراء والسياسيون والنواب والفنانون والإعلاميون والصحفيون يشعرون بسعادة وهم في انتظار ضيف مصر الكبير الذي جاء برسالة سلام لمصر وللعالم من مصر ووجدناهم جميعا يقدرون معني الزيارة وأهميتها وأبرز ما فيها مد جسور الحوار بين الإسلام والمسيحية وبين الطواف المسيحية ذاتها ووفرت إدارة القاعة سماعات الترجمة الفورية للجميع دون شكوي واحدة وتم تركها على المقاعد بلا تنبيه واحد!

أربعة أيام من الجهد لم ير المصريون منها إلى غلافها الخارجي دون إدراك الجهد الذي وراءها ولا الإدراك الكامل للرسائل المهمة ومنها: كيف يظل رئيس مصر ومعه كل وزراء مصر وكبار رجال الدولة ومختلف المؤسسات ومئات الشباب على ضفاف قناة السويس وعلى مرمى حجر من سيناء-أي أسخن نقطتين في مصر- ثلاثة أيام كاملة ومتتالية وليل نهار؟
هذه الرسالة وحدها تكفي.. للعالم وللإرهابيين ونعتقد أن الأذكياء وحدهم من سيفهمونها!
الجريدة الرسمية