رئيس التحرير
عصام كامل

موافقة البرلمان على قانون «الهيئات القضائية» تثير الجدل.. قضاة مجلس الدولة يستغيثون بالرئيس.. النيابة الإدارية: ننسق لاجتماع مع الرئاسة.. و«الوفد»: يسمح للسلطة التنفيذية بالتدخل في

مجلس النواب
مجلس النواب

أثارت موافقة البرلمان على مشروع قانون تعديل تعيين رؤساء الهيئات القضائية حالة من الجدل بين النواب والقضاة، حول مدى دستورية تمرير التعديلات، وتجاهل ملاحظات مجلس الدولة، والذي رأى أن التعديلات تمثل اعتداء على استقلالية القضاة.


وذكر مجلس الدولة في ملاحظاته على مشروع القانون، أن مجلس النواب أعطى رئيس الجمهورية وهو رئيس السلطة التنفيذية بموجب المادة 139 من الدستور، سلطة اختيار رؤساء الجهات والهيئات القضائية، وهذا تغول من السلطة التنفيذية على السلطة القضائية وفيه إهدار لمبدأ الفصل بين السلطات.

وانتقد قسم التشريع عدم عرض مشروع القانون على الجهات القضائية لأخذ رأيهم، بالمخالفة لنص المادة 186 من الدستور التي نصت على أخذ رأي الهيئات القضائية في مشروعات القوانين المنظمة لشئونها.

اقرأ.. البرلمان يتجاهل ملاحظات مجلس الدولة بشأن «الهيئات القضائية»

موافقة البرلمان
ووافق البرلمان خلال الجلسة العامة اليوم، على مشروع قانون تعديل آليات تعيين رؤساء الهيئات القضائية، المقدم من النائب صلاح حسب الله، عضو ائتلاف دعم مصر، بشأن تعديل قانون السلطة القضائية وقوانين مجلس الدولة وهيئة قضايا الدولة وهيئة النيابة الإدارية، بشأن اختيار رؤساء الهيئات القضائية.

وحرص رئيس البرلمان على أن تكون الموافقة على القانون «وقوفا»، مؤكدًا أن الأمانة العامة أبلغته أن النِصاب القانوني مكتمل، حيث إن الموافقة النهائية تستوجب موافقة الثلثين.

اقرأ أيضًا.. نص مادة الأزمة بين البرلمان والقضاء في قانون الهيئات

التهديد بالاعتصام
وفي أعقاب الموافقة، هدد خالد عبد العزيز شعبان، عضو مجلس النواب، بالاعتصام في مكتب رئيس المجلس، الدكتور على عبد العال، لحين تنفيذ مطالبهم في التصويت الإلكتروني، والتأكد من موافقة ثلثي الأعضاء، على قانون تعيين رؤساء الهيئات القضائية.

وجاء التهديد بعدما انسحاب نواب تكتل 25/ 30 من الجلسة العامة عقب التصويت على مشروع قانون الهيئات القضائية وإعلان رئيس المجلس الموافقة النهائية على القانون، دون الأخذ بملاحظات مجلس الدولة.

تابع.. تكتل «25-30» ينسحب من البرلمان بعد تمرير قانون الهيئات القضائية

غير دستورية
وفي نفس السياق، أكد محمد العتماني عضو لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، أن تجاهل ملاحظات مجلس الدولة بشأن تعديلات قانون تعيين رؤساء الهيئات القضائية، يؤدي للطعن على القانون أمام القضاء الإداري، الذي سيقضي حتما بعدم دستورية هذه التعديلات.

وأوضح في تصريح خاص لـ«فيتو» أن الحل في رؤساء الهيئات القضائية بسبب السن، ومن الممكن أن يتم تلافيه من خلال تخفيض سن الخروج للمعاش، لافتا إلى أن وجهة نظر مقدم التعديل الهدف منها التخلص من اشتراط أن يكون رؤساء الهيئات القضائية «الأكبر سنا».

تدخل السلطة التنفيذية
من ناحيته، أعلن الدكتور محمد فؤاد، عضو مجلس النواب، المتحدث باسم الهيئة البرلمانية لحزب الوفد، رفضه التام تعديل قانون السلطة القضائية، موضحًا أنه لا يجب للبرلمان أن يرسخ تدخل من السلطة التنفيذية على أعمال السلطة القضائية، وأنه يتعين العدول عن هذا التعديل، مشددا على ضرورة استقلال جميع سلطات الدولة ومن بينها السلطة القضائية.

وأكد "فؤاد" أن هناك رفضا عارما من الهيئات القضائية لتعديلات القانون، مشيرا إلى أن اقتصار التعديلات على مادة بعينها من القانون، هو أمر غير مفهوم، لافتا إلى أنه يحذر الجميع من وقوع صدام بين السلطتين التشريعية والقضائية بسبب تعديل هذا القانون، حيث إن الأقدمية هي من المبادئ الراسخة في القضاء وتعديلها يعد تدخلا غير مبرر في أعمال السلطة القضائية.

استبداد برلماني
وعلى جانب آخر، وصف المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، موافقة مجلس النواب على مشروع قانون الجهات والهيئات القضائية بأنها "استبدادًا برلمانيا غير مسبوق في تاريخ البرلمانات العالمية؛ لأنه تخطٍ وتقييد وتكبيل لسلطات الجمعيات العمومية صاحبة الاختصاص الأصيل في اختيار رؤسائها".

رسالة للرئيس
وأرسل رسالة إلى رئيس الجمهورية، مطالبا بالتدخل لأن القانون يعد عدوانا على استقلال القضاء، بالإضافة إلى أن مجلس النواب تجاهل الدراسات القانونية والثوابت الدستورية حول استقلال القضاء واصر على إصداره قبل انعقاد عمومية مجلس الدولة بأيام لاختيار رئيس مجلس الدولة الجديد بناء على معيار الأقدمية.

وطالب المستشار خفاجى رئيس الجمهورية بضرورة الامتناع عن الموافقة على ما أقره مجلس النواب من مشروع قانون الهيئات القضائية كما سبق ورفض التوقيع على قانون الجمعيات الأهلية لأنه يضر بالعدالة قائلا: "إذا اهتز القلم في يد القاضي وهو على المنصة ارتعش المدفع في يد المقاتل في الميدان".

عهد مبارك

وأضاف أن الموافقة على القانون يعيد للأذهان ما جرى في عهد مبارك حينما عرض مجلس الشعب بعد منتصف الليل قانون يكبل حرية الصحافة وتصدت الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين له وظلت في انعقاد دائم لمدة شهور واستطاعت إسقاط هذا القانون واضطرت البرلمان إلى التراجع وصدر قانون آخر توافقى ليتفق مع صحيح الدستور.

وقال المستشار خفاجي إن القانون يخلق مبدأ جديدًا اسمه مبدأ الاحتراب بين السلطات بديلًا لمبدأ الفصل بين السلطات فضلًا عن أن طريقة نصوصه البدائية تعيد ظاهرة تسييس القضاء وهي الظاهرة الأسوأ عالميا، تضير العدالة لأن مبدأ استقلال القضاء صار من ثوابت الدولة القانونية ولا يجوز لمجلس النواب أن يدير ظهره لنصوص الدستور رافضًا كل ما انتهت إليه الجهات والهيئات القضائية في مجالسها العليا مما يجعله استبدادًا برلمانيا غير مسبوق.

اجتماع مع الرئيس
من جانبه، أكد المستشار عبد الله قنديل رئيس نادي هيئة النيابة الإدارية، أن موافقة مجلس النواب على قانون الهيئات القضائية كان متوقعا، مشيرًا إلى أن الهيئات القضائية ليس أمامها سوى رئيس الجمهورية للاحتكام إليه لوقف إصدار القانون.

وأوضح قنديل أن رئيس الجمهورية يملك من الصلاحيات الدستورية والقانونية التي تسمح له برفض القانون وعدم إقراره احتراما للمؤسسة القضائية، لافتًا إلى أن هناك تنسيقا مع رئاسة الجمهورية لعقد اجتماع من أجل وقف إصدار القانون لكن لم يحدد الأطراف التي ستشارك فيه.
الجريدة الرسمية