رئيس التحرير
عصام كامل

«بيع المحميات الطبيعية جملة وقطاعي».. برلمانية: تقرير المركزي للمحاسبات أدان وزير البيئة بإهدار ملايين.. مدير المحميات: خصصنا جزءا من «الغابة» للاستثمار ولا يمكننا حمايتها

محمية رأس محمد -
محمية رأس محمد - صورة أرشيفية

أمام سيل الاتهامات وكشوف الجهات الرقابية التي تناولت وزارة البيئة بسبب إهمال ملف المحميات الطبيعية، بدأ مسئولو الوزارة وعلى غير العادة في حالة "هدوء تام"، معترفين بأن قطار الخصخصة قادم لا محالة إلى المحميات، حتى وإن عرض ثروات مصر للتخريب، وكله في النهاية "باسم الاستثمار".


اعتراف الوزير
وتتواصل الحملة التي أطلقها الكاتب الصحفي عصام كامل رئيس تحرير فيتو، بشأن غياب دور الوزارة في التعامل مع المحميات الطبيعية والاتجاه إلى خصخصتها، بعد عرض حقائق لم يجد الدكتور خالد فهمي، وزير البيئة، بدا من الاعتراف بها.
 
حيث أكد الوزير خلال استضافته مع الإعلامي أسامة كمال في برنامج "مساء DMC" أن ما يتم تداوله بشأن بيع محمية "نبق" في سيناء لمستثمرين سعوديين أو من جنسيات أخرى، له خلفيات، وأن هناك منطقة ملاصقة للمحمية ملك هيئة التنمية السياحية، ولا يوجد بها منفذ على البحر، وتم الاتفاق بين الهيئة وجهاز شئون البيئة لاستقطاع جزء من المحمية لاستخدام شاطئ لخدمة الفنادق والمنتجعات، وأقر الوزير بأن رجل الأعمال حسن الشربتلي حصل على جزء من داخل المحمية لتكون ممرًا على البحر للمنتجع السياحي الذي يمتلكه بمقابل مادي.

قطار البيع
ولم يقف وزير البيئة عند بيع محمية نبق بل قال في تصريحاته تالية: إنه تم الاتفاق مع هيئة الخدمات الحكومية التابعة لوزارة المالية على تقدير حديقة السلام بشرم الشيخ بالكامل لطرح مناقصة قريبًا؛ لجذب مستثمر لإدارتها وليس لامتلاكها، وتم تكوين لجنة من البيئة أيضا لتقييم المناقصة.

طلب إحاطة
ومؤخرًا، تقدمت النائبة شيرين فراج بمجلس النواب بطلب إحاطة للدكتور خالد فهمي، وزير البيئة، مؤكدة بيع الوزير لمحميتي وادي دجلة والغابة المتحجرة، وأظهرت مخالفة الوزير لبعض القوانين الخاصة بالمحميات الطبيعية، مضيفة: «ورد بتقرير الجهاز المركزي للمحاسبات المرسل إلى مجلس النواب وقائع لإهدار المال العام طبقًا لنتائج الرقابة المالية على وحدات الجهاز الإداري للدولة عن الفترة منذ أول يونيو 2015 حتى آخر 2016».

حرمان من الإيرادات
وشمل تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات للعام 2015-2016 بملف المحميات "حرمان صندوق حماية البيئة من إيرادات بلغت 24.158 مليون جنيه بمحمية نبق بجنوب سيناء، وعدم متابعة المسئولين لتنفيذ أحكام القضاء بشأن التعديات على محميات (علبة بالبحر الأحمر، سانت كاترين بجنوب سيناء، الصحراء البيضاء بالوادي الجديد)؛ حيث اعتدت شركات وأشخاص على النطاق البري والبحري وارتكبوا مخالفات من شأنها الإضرار بالبيئة البحرية والبرية والتكوينات الجيولوجية، وبلغ ما تم حصره من تعويضات مستحقة طرف المعتدين 10.277 ملايين جنيه وتم تقييم الأضرار بتاريخ 30 يونيو 2016، بحساب سعر صرف الدولار 8.780، 9.703 لليورو.

تجريم التدمير
وأضافت شيرين فراج: القانون رقم 102 لعام 1983 بشأن المحميات الطبيعية نص على أن "يحظر القيام بأعمال أو تصرفات أو أنشطة أو إجراءات من شأنها تدمير أو إتلاف أو تدهور البيئة الطبيعية أو الإضرار بالحياة البرية أو البحرية أو النباتية أو المساس بمستواها الجمالي بمنطقة المحمية"، متسائلة: "ما الضمان لوزير البيئة أن مشروعات التطوير بالمحميات لم تمس المحمية بضرر بيئي هل الوزير ينتظر الإضرار بالمحمية حتى تفقد حساسيتها البيئية وخصخصتها؟!".

الوزير الصامت

وتابعت: "الدكتور خالد فهمي جاء وزيرا للبيئة 4 مرات متتالية بالتغييرات الوزارية، ولم يفعل شيئا للمحميات للحفاظ عليها، قائلة: "لماذا صمت الوزير عن كل التعديات 4 سنوات متتالية؟!".

وأكدت النائبة في طلب الإحاطة أن الدكتور خالد فهمي عقد صفقة مع شركة المعادي للتنمية تقضي بتعديل حدود محمية وادي دجلة لصالح مشروع دجلة الجديد، وإهدار 89 مليون جنيه سنويا، مقابل مبنى إداري تم تخصيصه من الشركة للوزارة بالفسطاط بحق الانتفاع.

الوزارة تدافع
وأمام الاتهامات التي تلاحق وزير البيئة، قال الدكتور أحمد سلامة، مدير عام المحميات الطبيعية: إنه "تم طرح مساحات من أراضي الغابة المتحجرة بالقاهرة الجديدة لوزارة الإسكان لتطرحها للبيع للمستثمرين"، مضيفًا: "نحن كوزارة ندير المحميات فقط".

وأكد "سلامة" أن من حق أي مستثمر أجنبي أو عربي أو مصري الشراء والدخول في المناقصة التي سيتم طرحها من قبل وزارة الإسكان، مرجعا سبب الطرح إلى فقدان مساحات من الغابة المتحجرة حساسيتها البيئية مما جعل وزارة البيئة تطرحها للإسكان لخصخصتها لإقامة مشروعات قومية، وبعد أن تكون ملكية عامة للدولة ستكون ملكية خاصة لمن ترسو عليه المناقصة، مشيرا إلى أن دور وزارة البيئة فقط إدارة المحميات وحاليًا لا حاجة لجزء من هذه الأرض، ولذلك يتم إعادتها للدولة لخصخصتها، وتم إعادة تعيين محمية الغابة المتحجرة للحفاظ عليها من التعديات، خصوصًا أنها تعرضت لسرقات من الأخشاب والرمال بها وقت الانفلات الأمني بالبلاد.

حدود المحمية
وأكد "سلامة" أنه تم تعديل حدود محمية وادي دجلة بإخراج منطقة شق التعبان منها للحفاظ عليها من التعديات، قائلا: "تم بالخطأ ضم منطقة شق الثعبان للمحمية، وحاليا نصحح حدود المحميات ونعيد تعيين حدود بعض المحميات للحفاظ عليها".

وبالنسبة لمحمية وادي الريان، أوضح "سلامة" أنها تعرضت لتعديات زراعية تصل إلى ألف فدان وتم إزالتها، وجميع التعديات حدثت وقت الانفلات الأمني بالثورة، وحاليًا تقوم الوزارة بإزالة التعديات التي تعرضت لها المحميات على مدى السنوات السابقة.

تكلفة التطوير
ومن ناحية المبالغ التي تتحملها الدولة لتطوير المحميات، قال: "7 ملايين جنيه مرحلة أولى، والتطوير سيتم على أكثر من مرحلة بالدفعة الأولى من المحميات والتي تشمل 3 فقط، هي: وادي دجلة، والريان، والغابة المتحجرة، وتم اختيارها طبقًا لكثرة السكان المجاورة لها ووجودها وسط القاهرة، والوزير نفسه صرح من قبل بأن المرحلة الأولى من تطوير 3 محميات ستبلغ 57.5 مليون جنيه يتم إنفاقها على مراحل.

وأضاف "سلامة" أن تطوير المحميات يتمثل في إقامة كافيهات، ومخيمات، وصالات جيم، واستراحات، ودورات المياه، ورفع الوعي البيئي، ومسابقات للسباحة، ومطاعم، ورحلات غطس، وزيادة الخدمات المقدمة للزائرين، وجذب استثمارات داخل المحمية بمقابل مادي يتم استثماره في تطوير المحميات.

ضعف التأمين
وعن التأمين المحميات، قال مدير عام المحميات الطبيعية: "لا نستطيع السيطرة على المحميات الطبيعية من التعديات؛ فالمحميات تبلغ مساحتها 15% من مساحة مصر الإجمالية، وهى مساحة كبيرة للغاية، ما جعل وزارة البيئة تستعين بشركات تأمين لتأمينها، وكلما ابتعدت المحمية عن الأحياء السكنية كلما زاد الأمان بها"، لافتا إلى تفكير الوزارة في زيادة أسعار تذاكر دخول المحميات للمصريين والأجانب؛ حيث إنها أسعار قليلة للغاية.
الجريدة الرسمية