رئيس التحرير
عصام كامل

«كشك» ملك الكاسيت.. شيخ الفتنة


الهجوم على الأزهر ليس بريئًا على الإطلاق، وكثيرون يحملون كلام الرئيس السيسي عن تجديد الخطاب الديني ما لا يحتمل، يبغون مآرب في أنفسهم رئيس البلاد منها براء.


والأغرب من هؤلاء هم من حولوا الدفاع عن الأزهر كجامع وجامعة إلى دفاع عن أشخاص، وكأن الأزهر يموت بموتهم، وكلا الفريقين حاد عن الحق.

فلا يمكن بحال من الأحوال اختزال الدفاع عن الأزهر في شخص عبد الحميد كشك، ضد تصريحات أسامة الأزهري، لأنه لو أمعن الرافضون لتصريحات مستشار رئيس الجمهورية النظر لعلموا أن الأزهري وكشك كلاهما أزهري أشعري صوفي، أي أنه نفس المحتوى الفكري، ولا خلاف بينهما، والدكتور أسامة هاجم منهج الرجل وأسلوبه وليس فكره وإلا كان كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثًا.

والحق أن كشك خرج عن قواعد الخطابة بل كثيرا ما كان شتاما لعانا مخالفا لقواعد الشرع، وهجومه على الحكام كان لمجرد الهجوم، والدليل سخريته من قرار الرئيس الأسبق أنور السادات بمنع نقل الماشية بين المحافظات، وكان إجراء احترازي، ليس هناك ما يمنعه في الشرع، ولكن ما كانت هذه تفوت الكشك، فسخر وأضحك الجمهور في المسجد وعبر أشرطة الكاسيت، عفا الله عنه.

وكشك يستحق بلا منازع لقب شيخ الفتنة الطائفية، فكثيرا ما كان يهاجم الأقباط بجهل شديد يعكس ضحالته العلمية، التي لا أعلم كيف لم يلحظها جمهوره، لكن لا عجب فقديمًا قالوا حبك الشيء يعمي ويصم.

ومن أبرز هجوم كشك على الأقباط الذي يدل على جهله بالإسلام والمسيحية على حد سواء تلك القصة التي زعم أنها حدثت في مدينة البصرة في العراق وبطلها يدعى أبو يزيد البسطامي، وهو لمن يعرف أحد رءوس التصوف، ومتهم (أنه ادعى الألوهية، وأن كان الصوفية يبرئونه من هذه التهمة)

ويزعم كشك أن القصة مذكورة في كتب التاريخ، ولا أعلم أي كتاب في التاريخ هو، ولكنه حكم الكشك ملك شرائط الكاسيت، الذي تسقط أمامه أبسط قواعد العلم.

تزعم القصة أن أبا اليزيد سمع في منامه هاتفًا يقول له قم وتوضأ واذهب الليلة إلى دير النصارى وسترى من آياتنا عجبا فذهب، وعندما سمع الهاتف بعد صلاة الفجر توضأ ودخل الدير عليهم وعندما بدأ القسيس بالكلام قال لا أتكلم وبيننا رجل محمدي قالوا له وكيف عرفت ؟ 

قال: سيماهم في وجوههم.. فكأنهم طلبوا منه الخروج ولكنه قال: والله لا أخرج حتى يحكم الله بيني وبينكم..!!
قال له البابا: سنسألك عدة أسئلة وإن لم تجبنا عن سؤال واحد منها لن تخرج من هنا إلا محمولًا على أكتافنا.. فوافق أبو اليزيد على ذلك وقال له اسأل ما شئت:

قال القسيس:
ما هو الواحد الذي لا ثاني له ؟
وما هما الاثنان اللذان لا ثالث لهما ؟
ومن هم الثلاثة الذين لا رابع لهم ؟
ومن هم الأربعة الذين لا خامس لهم ؟
ومن هم الخمسة الذين لا سادس لهم ؟
ومن هم الستة الذين لا سابع لهم ؟
ومن هم السبعة الذين لا ثامن لهم ؟
ومن هم الثمانية الذين لا تاسع لهم ؟
ومن هم التسعة الذين لا عاشر لهم ؟
وما هي العشرة التي تقبل الزيادة ؟
وما هم الأحد عشر أخا؟
وما هي المعجزة المكونة من اثنتى عشر شيئا؟
ومن هم الثلاثة عشر الذين لا رابع عشر لهم ؟
وما هي الأربع عشر شيئا التي كلمت الله عز وجل؟
وما هو الشيء الذي يتنفس ولا روح فيه ؟
وما هو القبر الذي سار بصاحبه ؟
ومن هم الذين كذبوا ودخلوا الجنة ؟
ومن هم الذين صدقوا ودخلوا النار؟
وما هو الشيء الذي خلقه الله وأنكره ؟
وما هو الشيء الذي خلقه الله واستعظمه ؟
وما هي الأشياء التي خلقها الله دون أب وأم ؟
وما هو تفسير الذاريات ذروا، الحاملات وقرا، ثم ما الجاريات يسرا والمقسمات أمرا ؟
وما هي الشجرة التي لها اثنا عشر غصنًا وفي كل غصن ثلاثين ورقة وفي كل ورقة خمس ثمرات ثلاث منها بالظل واثنان منها بالشمس ؟

فقال له أبو اليزيد الواثق بالله تعالى:
الواحد الذي لا ثاني له هو الله سبحانه وتعالى..
والاثنان اللذان لا ثالث لهما الليل والنهار ( وجعلنا الليل والنهار آيتين )..
والثلاثة الذين لا رابع لهم أعذار موسى مع الخضر في إعطاب السفينة وقتل الغلام وإقامة الجدار..
والأربعة الذين لا خامس لهم التوراة والإنجيل والزبور والقرآن الكريم..
والخمسة الذين لا سادس لهم الصلوات المفروضة..
والستة التي لا سابع لهم هي الأيام التي خلق الله تعالى بها الكون وقضاهن سبع سماوات في ستة أيام فقال له البابا ولماذا قال في آخر الآية (وما مسنا من لغوب) ؟
فقال له: لأن اليهود قالوا إن الله تعب واستراح يوم السبت فنزلت الآية..
أما السبعة التي لا ثامن لهم هي السبع سموات (الذي خلق سبع سموات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت)..
والثمانية الذين لا تاسع لهم هم حملة عرش الرحمن (ويحمل عرش ربك يومئذٍ ثمانية)..
والتسعة التي لا عاشر لها وهي معجزات سيدنا موسى عليه السلام.. فقال له البابا اذكرها !
فأجاب أنها (اليد والعصا والطمس والسنين والجراد والطوفان والقمل والضفادع والدم)..
أما العشرة التي تقبل الزيادة فهي الحسنات (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها والله يضاعف لمن يشاء)..
والأحد عشر الذين لا ثاني عشر لهم هم إخوة يوسف عليه السلام..
أما المعجزة المكونة من 12 شيئًا فهي معجزة موسى عليه السلام (وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينًا)..
أما الثلاثة عشر الذين لا رابع عشر لهم هم إخوة يوسف عليه السلام وأمه وأبيه..
أما الأربعة عشر شيئًا التي كلمت الله فهي السماوات السبع والأراضين السبع (فقال لها وللأرض ائتيا طوعًا أو كرهًا قالتا أتينا طائعين)
وأما الذي يتنفس ولا روح فيه هو الصبح (والصبح إذا تنفس)..
أما القبر الذي سار بصاحبه فهو الحوت الذي التقم سيدنا يونس عليه السلام..
وأما الذين كذبوا ودخلوا الجنة فهم إخوة يوسف عليه السلام عندما قالوا لأبيهم ذهبنا لنستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب، وعندما انكشف كذبهم قال أخوهم (لا تثريب عليكم) وقال أبوهم يعقوب (سوف أستغفر لكم).. أما الذين صدقوا ودخلوا النار فقال له اقرأ قوله تعالى (وقالت اليهود ليست النصارى على شيء) (وقالت النصارى ليست اليهود على شيء)..
وأما الشيء الذي خلقه الله وأنكره فهو صوت الحمير (إن أنكر الأصوات لصوت الحمير)..
وأما الشيء الذي خلقه الله واستعظمه فهو كيد النساء (إن كيدكن عظيم)..
وأما الأشياء التي خلقها الله وليس لها أب أو أم فهم آدم عليه السلام، الملائكة الكرام، ناقة صالح، وكبش إسماعيل عليهم السلام.. ثم قال له إني مجيبك على تفسير الآيات قبل سؤال الشجرة..

فمعنى الذاريات ذروا هي الرياح أما الحاملات وقرا فهي السحب التي تحمل الأمطار وأما الجاريات يسرا فهي الفلك في البحر أما المقسمات أمرا فهي الملائكة المختصة بالأرزاق والموت وكتابة السيئات والحسنات.. وأما الشجرة التي بها اثنا عشر غصنًا وفي كل غصن ثلاثين ورقة وفي كل ورقة خمس ثمرات ثلاث منها بالظل واثنان منها بالشمس، فالشجرة هي السنة والأغصان هي الأشهر والأوراق هي أيام الشهر والثمرات الخمس هي الصلوات وثلاث منها ليلًا واثنتان منها في النهار.

وهنا تعجب كل من كانوا في الكنيسة فقال له أبو اليزيد إني سوف أسألك سؤالا واحدًا فأجبني إن استطعت فقال له البابا اسأل ما شئت فقال: ما هو مفتاح الجنة ؟ 

عندها ارتبك القسيس وتلعثم وتغيرت تعابير وجهه ولم يفلح في إخفاء رعبه، وطلب منه الحاضرون بالكنيسة أن يرد عليه ولكنه رفض فقالوا له لقد سألته كل هذه الأسئلة وتعجز عن رد جواب واحد فقط فقال إني أعرف الإجابة ولكني أخاف منكم فقالوا له نعطيك الأمان فأجاب عليه، فقال القسيس الإجابة هي: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله !!
وهنا أسلم القسيس وكل من كان بالكنيسة، فقد من الله تعالى عليهم وحفظهم بالإسلام وعندما آمنوا بالله حولوا الدير إلى مسجد يذكر فيه اسم الله.

وبالطبع تنتهي القصة بالتكبير والتهليل، ويظل مستمعو الكاسيت يرددونها منذ سبعينيات القرن الماضي، وورثها عنهم جهلة الخطب الديجتال.

ولنا هنا عدة أسئلة أبسطها هل هذه القصة تدل على شيء إلا سطحية المسلمين والمسيحيين على السواء إن صح سندها، هل القبر العائم والشجرة التي في الظل والشمس هي سبب الخلاف بين الملتين، وهل قس المسيحية بهذه السذاجة التي لا تصلح حتى لحواديت الأطفال.

أما علاقة كشك بجماعة الإخوان التكفيرية الإرهابية فهذا ما نكشفه في مقالنا المقبل.
الجريدة الرسمية