رئيس التحرير
عصام كامل

سوريا في مرمى الصراع الأمريكي- الروسي


كنت أراقب باهتمام شديد مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام خطوات زيارة الرئيس لأمريكا، وأثناء متابعتي وفى منتصف الزيارة ونهايتها وجدت بعض الأقلام والتعليقات على "فيس بوك" تتحدث عن نجاح الزيارة، بل وجدتُ في جريدة "الأهرام" بعض الكُتاب يتحدثون عن نجاح الزيارة بصورة مستفيضة ودعوت في نفسى أن تكون هناك ثمار جيدة من هذه الزيارة التاريخية مساندة للرئيس ولمصر، ولكن كان الشك ينتابنى بأن يكون بالفعل هناك صدق نوايا من الجانب الأمريكى؛ لأنه ببساطة من يقرأ التاريخ ويُحلل الوقائع المهمة في تاريخ مصر والمنطقة العربية يعلم جيدًا هدف النظام الأمريكى..


يُدرك المحللون جيدًا أن سياسات الدول العظمى لا تتغير بتغير الرئيس ولا سيما أمريكا فهى تعمل بصورة مؤسسية ولن تتنازل عن منهجها من بوش وأوباما إلى ترامب، وفى المقابل هناك صدق في نوايا مصر والرئيس عبد الفتاح السيسي في محاربة الإرهاب وبصورة جادة؛ فقد حمل الرئيس السيسي هذا الهدف في عقله عند زيارته لترامب وقد أكد ترامب ذلك من جهة الشكل دون المضمون؛ ولعل حجتي في ذلك ما حدث لسوريا عقب انتهاء زيارة الرئيس السيسي.

فما تفعله مصر من علاقات دولية وإقليمية يمثل حراكًا سياسيًّا تاريخيًّا، وخاصة بعد أن فقدت مصر السنوات السابقة علاقاتها بكثير من الدول؛ بسبب عدم الاستقرار الداخلى بداية من 25 يناير وحتى 30 يونيو، وما كادت أن تستعيد علاقاتها مرة أخرى بصورة كبيرة على الصعيد الإقليمى والدولى بدأت تنظر إلى قضية السلام في المنطقة وبدأت تخطو إليها خطوات في تقديرى صائبة، بل لقد حمل الرئيس السيسي أيضًا هذه القضية معه في الحوار المصرى الأمريكي، ولكن للأسف قد شكلت الضربة الأمريكية إحراجًا كبيرًا للرئيس السيسي ولمصر؛ فقد عُوّل على هذه الزيارة من تقريب وجهات النظر بين واشنطن والقاهرة تجاه قضايا محلية وإقليمية لعل أهمها رؤية النظام المصري بضرورة الحفاظ على النظام السوري ودعم الجيش السوري لتأتي الضربة لتؤكد الفشل التام لهذه الجزئية.

ومصر الآن بين موقفين في غاية الصعوبة بين روسيا وأمريكا فإذا أيدت طرفا خسرت الآخر، ولكن موقف مصر وموقف شعب مصر هو القضاء على الإرهاب والوقوف ضده وتأكيد الحل السياسي، وما حدث من الضربة الأمريكية لسوريا في حقيقة الأمر لم تكن مفاجأة أو لم تشكل هذه الضربة وثبة بما تنطوي على مساندتها الجماعات الإرهابية بالرغم من تحفظي على بعض من ممارسات بشار الأسد، ولكن في كل الأحوال فإنه بهذه الضربة تؤكد أمريكا سياساتها لدعم الإرهاب فهى تتحدث بما لا تُبطن وهذه هي سياسات بعض الدول العظمى التي تريد أن تتحكم في المنطقة؛ والتاريخ يشهد على ذلك، ولعله لا ننسى ما حدث للعراق من جانب النظام الأمريكى فقد استمرت السياسة الأمريكية ولم تعد هناك عراق، بوش في العراق بحجة النووى، وترامب في سوريا بحجة الكيماوى.

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هل النظام السورى هو من قام بهذه المجزرة الكيماوية أم المجموعات الإرهابية هي من قامت بذلك؟ وهل هذا يُعد مبررًا لضربة أمريكا لسوريا والتي تعتبر بالأساس هي ضربة لروسيا ومن ثم تقسيم التورتة، وفى الحقيقة من المتابعة للقضية السورية نجد أن الغرب قد قام خلال عامي 2013، 2014 بنزع كل الأسلحة الكيماوية السورية، ومن خلال قراءتى السياسية والمتابعة وجدتُ أن المجموعات الإرهابية بمسمياتها المُختلفة في المنطقة قد سبق لها واستخدمت أسلحة كيماوية وفقًا لبعض المعلومات التي نُشرت على صحف دولية، وهذا يعنى أن لديهم بعض من هذه الأسلحة، وإذا نظرنا إلى تاريخ الحربين العالميتين نجد أن الغرب هو أكثر من استخدم الأسلحة الكيماوية لا سيما في الحرب العالمية الأولى.

وما يهمنى الآن موقف مصر تجاه هذه الممارسات، بل موقف العرب في ظل تأييد السعودية الولايات المتحدة والإمارات أيضًا، الوضع يختنق والتاريخ يكرر نفسه مرة أخرى، ولكن في نهاية مقالى أود أن أقول إن من يساند مصر هي (مصر بشعبها وجيشها وقياداتها الحكيمة الواعية الوطنية بل والقوى الوطنية الحقيقية البعيدة عن الكراسى والمناصب)، فلا حسابات لهؤلاء سوى تراب هذا الوطن.
الجريدة الرسمية