رئيس التحرير
عصام كامل

اللهم فأشقق عليه


تلك هي الدعوة التي دعا، بها نبي الرحمة صلوات ربي، وسلامه عليه على كل من، ولي من أمر الناس شيئًا، ولم يرفق، بهم..
فقد قال صل الله عليه وسلم "اللَّهُمَّ مَنْ وَلِىَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِى شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فأشقق عَلَيْهِ وَمَنْ وَلِىَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِى شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ".. هذه الدعوة الباقية إلى يوم القيامة، لكل إنسان ولي من أمر، الناس شيئًا بداية من.. الرجل في أهل بيته، والمدير في شغله، والإمام في المسجد، والضابط في عمله، والقاضي في محكمته، والوزير في وزارته، والحاكم في رعيته، وغيرهم..


فهنيئًا لمن ولي من أمر الناس شيئًا، ورفق بهم لأن له البشرى، بالرفق من الله في أموره، والويل ثم الويل لكل من ولي من أمر، الناس شيئًا وشق عليهم، وهنا يجدر على كل من شَقّ على الناس في أي أمر من أمورهم، لأن الله سبحانه وتعالى سيشُقّ، عليه لا محالة، فقد يشق الله عليه في قلبه، أو بآفة في بدنه، أو في أهله، أو في صدره، أو عمله، وليس من الضروري، أن تظهر تلك المشقة على شخص ما، فقد يكتوي عقله وقلبه، بنار لا يشعر بها أحد سواه.

ومن باب ذكّر فإن الذكرى، تنفع المؤمنين أكتب هذا المقال.. فقد بلغت المشقة، بالناس في مختلف، نواحي الحياة مبلغًا عظيمًا، وكأن من يَشُقّ على الناس، قد نسى قول رسول الله صل الله، عليه وسلم" يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يُعطي على العنف، وما لا يُعطي على ما سواه". وفي رواية أخرى "من يُحرم الرفق، يُحرم الخير".

والعجيب أننا نجد مسئولًا من هنا، يتلذذ بالتضييق على العاملين معه، وغيره هناك يتشدد في استعمال سلطاته الوظيفية في التنكيل بغيره، وحكومتنا المُلهمة تتربع، على رأس قائمة من، يجد الناس على أيديهم المشقة، في كل نواحي الحياة اليومية.

فما من مكان يذهب إليه، المواطن المصري، إلا ويجد المشقة، حوله من كل اتجاه سواء، أكان ذلك في سعيه على الرزق في محاولة منه لإيجاد قوت يومه، أو جهاده في إيجاد وسيلة، للاحتماء من لهيب الأسعار، التي كادت تحرق صدره قبل جيبه، أو من خلال معاناته اليومية، التي لا تنتهي حينما يرغب في إنهاء أي مصلحة ما، مثل.. (استخراج رخصة – بطاقة – ورقة من الشهر العقاري – إلخ من أنواع المعاناة التي لا تنتهي..).

ولا تزال حكومتنا الملهمة، تواصل جهودها في تكبيد الناس المشقة وكأنها استعبدتهم، وكأنها لا ترقب فيهم إلًا ولا ذمة، ونست أنها زائلة، وأنها سترد إلى عالم الغيب والشهادة، وسيحاسبها، على ما قدمت يداها، تمامًا مثلما سيحاسب أيضًا كل من ولي، من أمر، الناس شيئًا ولم يترفق بهم، مهما علا شأنه أو صغر، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو..

لماذا يشق البعض منا على غيره، مخالفة للدين في الوقت الذي نحاول فيه أن نصبغ على أنفسنا صبغة، أننا أكثر أهل الأرض تدينًا، وبالرغم من وضوح تلك الفرية إلا أن الكثير منا لا يزال يُصدقها، وكأنها حقيقة لا تقبل الجدل؟
فيا كل مسئول في أي موقع كان..
الله الله في عباده وخلقه..
فمنصبك، أو قوتك، أو مالك..
لن يغنوا عنك من الله شيئًا..
فأرفق بالناس عسى أن..
يرفق الله بك.
(الله.. الله في مصر)

الجريدة الرسمية