رئيس التحرير
عصام كامل

ليس من حق المواطن


تمتلئ شوارع القاهرة عن آخرها بحملة مدفوعة الأجر تحت عنوان "من حقك أن تشاهد" والمقصود بها مشاهدة مباريات كأس الأمم الأفريقية التي تقام حاليا مجانا داخل مراكز الشباب والأندية.


الحكومة بطبيعة الحال تريد توصيل رسالة أنها تحمى الشباب من جشع أصحاب المقاهى وأنها حريصة على أبسط حق من حقوق المواطن المصرى حتى لو كان مباراة في كرة القدم.. لن أتحدث عن التكلفة المادية للحملة التي كانت كفيلة بستر عشرات الاتحادات التي منعت عنها الوزارة الدعم وتوقف نشاطها تقريبا ورفعت شعار من يريد أن يمارس الرياضة فعليه الدفع مقدمًا..

أيضا الحملة المكثفة التي تطالعك في كل مكان تذهب إليه تشعرك بأن إتاحة مشاهدة المباريات مجانا.. حدث مهم يجب أن يتوقف عنده الجميع وأن يتم توثيقه للأجيال الجديدة حتى يعرف الجميع أن ما فعلته هذه الحكومة عجزت عن فعله عشرات الحكومات السابقة.. وأن هذه الحكومة تطارد الشباب بحملة مدفوعة الأجر من أجل مشاهدة مباريات كرة القدم والحصول على حقوقه كاملة ولكن ليس لديه الوقت للحصول على هذه الحقوق وأن هذا الحق أحد الحقوق التي نص عليها الدستور ولا يجب التنازل عنه والحقيقة أن ما تفعله الحكومة هو ترجمة حقيقية لكثير من أجهزة الدولة التي لا يراها أحد سوى في المناسبات تقف في منتصف صورة أي حدث لتقول أنها موجودة ثم تختفى ولا أحد يراها سوى في مناسبة جديدة وكأن هذا البلد ليس له صاحب.

الرئيس يزور أسوان بمناسبة مؤتمر الشباب تتحرك جميع أجهزة الدولة إلى هناك ولا صوت يعلو على صوت أسوان والنيل وأهل النوبة الكرام وأن زيارة الرئيس بداية لتدفق السياحة وبمجرد مغادرة الرئيس يتم إنزال الستائر الحمراء والصفراء وتنتشر القمامة في كل مكان وفى حضور الرئيس كل شيء مجاب وكل شيء ممكن وبعد انصرافه العين بصيرة والإيد قصيرة ونحن دولة فقيرة.

حق المواطن لا يقتصر فقط على مشاهدة مباريات كرة القدم مجانا فأبسط حقوقه أن يجد حكومة تستمع إلى صوته عندما يتألم من ارتفاع الأسعار وأنه لم يعد قاردا على مواجهة الأزمات وألا تحمله الحكومة مسئولية أزمة السكر والزيت وارتفاع أسعار اللحوم والدواجن..

من حق المواطن محدود الدخل أن يجد الحكومة بجواره طوال العام وليس في المناسبات فقط وألا يكون الرد على شكواه من ارتفاع الأسعار ابتسامة باردة من المسئولين وكأنهم يقولون له نعرف كل شيء.

ولا داعى لترديد هذا الكلام السخيف البعض يراهن على التعديل الوزارى الذي سيجرى خلال أيام والحقيقة أن هذه الحكومة صورة طبق الأصل من حكومات سابقة ولاحقة تبدأ بأحلام وتنتهى بتبرير سبب الفشل تبدأ بالحديث عن المواطن محدود الدخل والفقير ثم تنتهى بالحديث عن نفس المواطن ولكن بتحمله مسئولية الفشل فهو الذي لم يتعاون ولم يشارك ولم يتبرع ولم يبادر ولم يتحمل ولم يصبر و...و...

حقوق المواطن في مصر كثيرة الحكومة تعرفها جيدا وهى لا تحتاج إعلانات مدفوعة الأجر حتى يعرفها المواطن فهو يشعر بغيابها يوميا في المستشفيات والطرق والمواصلات والمدارس والخدمات الحكومية ولكن هذه الحقوق ليس من حق المواطن أن يتحدث عنها أو يطالب بها.
الجريدة الرسمية