رئيس التحرير
عصام كامل

رسائل جمال وتيران للنظام


الأمر يتعدى مرحلة ارتفاع الأسعار الجنونية والتي مست الجميع تقريبا إلا قليلا من مستفيدى الغلاء وصانعيه، لذا استشعر الرئيس الخطر وتوجه بحديث عاطفى رقيق يميل كثيرا نحو اليسار.. تحدث الرئيس إلى النخبة المنتقاة من رؤساء الصحف القومية عن اعتزامه الوقوف بجانب البسطاء وعامة الشعب ضد من يتلاعب بمقدرات حياتهم.. عظيم جدا هذا الكلام الذي تناقضه سياسات الحكومة المهلكة والخانقة للفقراء خاصة وللوطن عامة، مثل تلك التي أتت بطارق عامر رئيسا للبنك المركزى فقام بتعويم الجنيه حتى يسعد السيدة الفاضلة حرمه التي هللت لإغراق الجنيه حتى تستفيد من دولارتها المختزنة ليوم مثل هذا!


قد يكون السيد الرئيس صادقا في نواياه ولكن تلك النوايا وحدها لا تكفى ولا تسمن من جوع في ظل وجود سياسات وقناعات ثابتة تسير في اتجاه الخصخصة وبيع السلع والخدمات للمواطن دون أدنى دعم له ودون تفريق أو تمييز بين من يملكون كل شىء ومن يعيشون على الكفاف ودونه، فلقد بدأ السيد الرئيس فترة حكمه برفع الدعم جزئيا عن المحروقات والوقود والكهرباء ثم كرر ذلك في العام الماضى، وما زال وزراء حكومة شريف إسماعيل يبشرون بتكملة رفع الدعم نهائيا واعتبار ذلك إنجازا. 

فقط لأن الرئيس يؤمن بذلك وأكاد أجزم بل وأقسم بأن هؤلاء على استعداد لنفى كل تصريحاتهم السابقة بل ونقدها والتسفيه منها إن غير الرئيس قناعاته وسياساته وقرر زيادة الدعم أو (إرجاعه) لسابق عهده في عهد مبارك الذي ما زال ابنه جمال يلعب بدلا منه، والدليل حضوره المميز في ستاد القاهره وإلتفاف البعض حوله حنينا لدولة مبارك بكل فسادها وبلاهتها وفقرها أيضا.. لكنه كان فقرا محتملا يسمح لهم بهامش من الحياهة يتشوق له الكثيرون ممن طحنهم الفقر المدقع والقاهر الحادث الآن !

لذا على الرئيس أن يقرأ تلك الرسالة جيدا خاصة أن نظام مبارك قادر بالدفع بمن ينافس الرئيس، وحتى وإن لم يكن جمال أو علاء فهناك الكثيرون ممن يستيطعون القيام بدور المخلص المنتظر والملهم الجديد حلال العقد والمشكلات في يونيو 2018 القادم، خاصة في ظل غضب وحنق عام مس الكثيرين من مؤيدى الرئيس الذين لا يستيطعون الدفاع عن سياسته مثلما كانوا يتبارون في ذلك سابقا، وذلك بسب الغلاء الذي لم يدع لهم فرصة للقيام بذلك وأشياء أخرى تتعلق بالوطن وحكم المحكمة النهائى والبات الخاص بمصرية جزيرتى تيران وصنافير!

أصبح نظام الرئيس الآن مطالبا بالبحث عن إنجاز حقيقى ملموس ذي بعد حياتى يمهد للفترة الثانية والأخيرة للرئيس والذي أوشكت ولايته الأولى على الانتهاء دون القدرة على الخروج ببيان رسمى أو حتى شعبى عاطفى يبرز فيه ما تم إنجازه في صالح المواطن البسيط والذي يمثل أكثر من 70 % من الشعب المصرى. 

دعك من الحديث المكرر عن الإطاحة بالإخوان والحفاظ على الدولة المصرية فهذا لا يثمر مع أي جائع أو فقير مسته يد الغلاء القاسية ابحث عن شىء ملموس يخفف من المعاناة بعيدا عن التعلق بآمال المشروعات الكبرى والعاصمة الإدارية التي لن يستطيع فقير أن يعيش فيها، فحتى مع اهتمام بقايا الطبقة الوسطى بقضية تيران وصنافير والتي تمثل نقطة سلبية في حق نظام الرئيس إلا أن المواطن البسيط لا ينشغل بها قدر انشغاله بزجاجة الزيت وكيلو الأرز المختفى وكيس السكر المتعالى عليه، أو ثمن أجرة الميكروباص التي تضاعفت تحت بصر وسمع المحافظين والوزراء اسم النبى حارسهم وصاينهم!

فقط عما تبقى من الطبقة الوسطى والتي تتلاشى يوميا وتهبط لغياهب فقر الطبقة الأدنى في مصر، تظهر قضية تيران على السطح لتنتقص من نظام الرئيس الذي ما زال يصر على تسليمها للسعودية وكأنها وباء وبلاء على مصر.. موقف غير مفهوم وإن صرح البعض بما يفهمه ربما كان الكلام محرجا وغير لائق.. هنا فقط تظهر الحاجة الملحة للرئيس للبحث عن مستشارين سياسيين بحق للخروج من تلك الورطة، قطعا هناك مستشارون اقتصاديون وسياسيون اسما للرئيس، لكنهم أطاحوا بشعبيته وهبطوا بها كثيرا ربما بحسن نية، ولكنهم جميعا لا يصلحون والدلائل كثيرة وأبسطها وأفدحها في نفس الوقت قرار الشؤم بتعويم الجنيه وما تبعه من غلاء دفع الرئيس للحديث عن تصديه له.. لكن للأسف يبقى هذا مجرد كلام جميل عار عن سياسات عاجلة تغطيه دون تردد.
fotuheng@gmail.com


الجريدة الرسمية