رئيس التحرير
عصام كامل

عن تيران وصنافير وأبو تريكة


المحكمة الإدارية العليا تعلن استقلال القضاء الإداري وتصدر حكما نهائيا ببطلان اتفاقية التنازل عن تيران وصنافير، ورفض طعن الحكومة على حكم أول درجة.. الحكم يقع في 58 صفحة وحيثياته كتبت بمداد من عشق لتراب هذا الوطن، كل حرف فيها رصاصة موجهة إلى قلب كل من يفرط في تراب هذا الوطن، ومما ورد في الحكم أن الحكومة عجزت أن تقدم ولو دليلا واحدا على ادعائها بسيادة دولة أخرى على تيران وصنافير، ومما ورد فيه أن جيش مصر العظيم لم يكن أبدا جيش احتلال، ولم يخرج عن حدوده يوما إلا لحماية الحضارة الإنسانية ومساعدة الأشقاء، وسطر حكم الإدارية العليا البات، والذي لا يمكن الطعن عليه، مبادئ تحاول تنظيم الفوضى التي سبقته..


ففند أحكام محكمة الأمور المستعجلة التي نظرت ما ليس لها عليه ولاية من قرار توقيع المعاهدة وهو قرار إداري في موضوع مآله إلى مجلس الدولة، وهو ثبوت السيادة المصرية على الجزيرتين، وعرجت على ادعاءات اختصاص مجلس النواب بنظر الاتفاقية رغم أن الدستور نص بوضوح على عدم جواز إبرام أي اتفاقية أو معاهدة تتضمن تنازلا عن جزء من الوطن، وأن مجلس النواب ليس جهة إثبات أو نفي السيادة، وطالما ثبت بحكم القضاء النهائى أن الجزيرتين مصريتان قطعا فقد بطل كل إجراء يحمل ولو إحتمالية التنازل عنهما.

وفند الحكم محاولات الحكومة اليائسة والبائسة في تضييع أرض الوطن بالتحايل على رفض ايقاف تنفيذ حكم أول درجة بعد أن طعنت الحكومة على ذلك أمام المحكمة الدستورية العليا غير ذات الاختصاص في ذلك.

خلاصة القول إن الحكم القضائى انتصر للحق وأنهى الجدال حول تبعية الجزيرتين، وفضح الموقف المخزي للحكومة التي تحاول التنازل على الأرض، ولا تملك أي مستند حقيقى يبرر ادعاءاتها، ورغم ذلك اتخذ الإعلام بعد الحكم نهجا غريبا في تصوير الأمور أنها ملتبسة، وأن الآراء لازالت مختلفة، وأن هناك تفسيرات متعددة لما ورد في الحكم الذي نص على أن الجزر مصرية قطعا، إلا أن الواضح أن قطاعا كبيرا من الشعب لم يعد مستعدا لدعم محاولات الحكومة مهما فعلت أو استغلت أعوانها في الإعلام لتسويقه وظنى أن التهدئة ستكون سيدة الموقف في الفترة القادمة.

أبو تريكة الإرهابي:
وعلى الجانب الآخر وافقت محكمة الجنايات على طلب مقدم من لجنة حصر أموال الإخوان بإدراج أسماء 1500 ممن قامت بالتحفظ على أموالهم على قوائم الإرهاب ومن بينهم اللاعب محمد أبو تريكة.

وكانت لجنة الحصر قد أصدرت قرارا بالتحفظ على أموال اللاعب إلا أن اللاعب طعن على القرار وحكمت المحكمة بإلغاء قرار التحفظ، إلا أن اللجنة رفضت تنفيذ الحكم وتحايلت عليه بتقديم طلب للمحكمة الجنائية لإدراج أسماء من اختارتهم دون محاكمة على قوائم الإرهاب.

وظنى أن هذا الموضوع به شقان أولهما قانوني وإصدار قرار بإدراج أسماء 1500 مواطن على قوائم الإرهاب دون محاكمة حقيقية تتاح للمتهمين فيها فرصة عادلة للدفاع عن أنفسهم، إضافة إلى ذلك فإن العدد الكبير من المواطنين أغلبهم لم يتم توجيه اتهامات جنائية ضدهم أو صدور أحكام نهائية تدينهم بجرائم إرهابية، ولا زال الجدل القانوني قائم حول إمكانية تطبيق قانون الكيانات الإرهابية بأثر رجعي وهل يعتبر كل من كان منتميا يوما ما وقت أن كانت هذه الكيانات غير مصنفة ككيان إرهابي إرهابيا..

وإذا اتخذنا جماعة الإخوان كمثال والتي قدرت أعداد من انضموا إليها بمئات الآلاف على أقل تقدير فهل يعتبر هؤلاء كلهم إرهابيون ويضاف إليهم كل من تعاون معهم يوما أو دخل معهم في شراكة تجارية أو غير ذلك. 

الأغرب من ذلك أن يتم إدراج شخصيات عامة معروف أماكنها على قائمة الإرهاب رغم عدم صدور أي حكم نهائي أو توجيه أي اتهام جنائى لهم أو خضوعهم لأي محاكمة.

وثانيهما سياسي ففي كل الدول المستقرة ولاعتبارات الأمن القومى يتم تطبيق القانون أحيانا بطريقة خاصة مع كبار السياسيين أو ذوي الشعبية الجارفة بعد التأكد تماما من إدانتهم، حيث توضع مصلحة الوطن والأمن القومي فوق طريقة محاسبة شخص مهما كان جرمه أو ثبوت إدانته فتستخدم عقوبات غير منصوص عليها في القانون كتحديد الإقامة أو النفي خارج البلاد أو حتى الإجبار على الانتحار أو الاغتيال..

بعد الحكم الغريب بإدراج اسم محمد أبو تريكة على قوائم الإرهاب تساءل البعض عن الجدل حول هذا المواطن بالذات دونا عن باقى الأسماء رغم وجود أغنياء وسياسيين كبار ورؤساء سابقين... والإجابة أن أبو تريكة أكثرهم شعبية وقيمة إنسانية لدى غالبية الشعب المصري وأنه صار رمزا بعمله وباستخدام الدولة له لسنوات للتقرب من الشباب...

إن هدم الرموز بالشبهة يضر بالبلاد ويزيد من التصدع الوطنى، والفجوة بين الأجيال... أؤمن بسيادة القانون على الجميع وأؤمن بأن مصالح البلاد العليا تقتضي الحذر الشديد في التعامل مع مثل هذه الملفات وإعدادها جيدا قبل اتخاذ القرار فيها وأن تكون المحاكمات فيها شخصية وليست شمولية وشفافة وعلنية حتى لا يتسبب ادعاء تطبيق القانون على أشخاص بعينهم في هدم ما بقى من لحمة وطنية وضياعا لسمعة مصر بالخارج واحترام السلطة من قطاعات من الشعب في الداخل..

الباشا تلميذ:
من التصريحات التي صدمتني هذا الأسبوع تصريح وزير الصحة أنه كالتلميذ في الفصل وأن التلميذ لازم يسمع كلام الناظر! التصريح يحمل كثيرا من التهرب من المسئولية فهو يحمل في مضمونه أنه غير مسئول عن شيء، وأنه ينفذ الأوامر، ورغم أن الكثيرين يتهمون وزراء في الحكومة الحالية أنهم مجرد صور على الكراسي تخفى من يديرون شئون الوزارات، لكن الجديد أن يقوم وزير بفضح نفسه ومن ورائه ويسئ إلى الحكومة كلها، الأغرب من ذلك كله أن كل الاحتمالات مفتوحة أمام التعديل الوزاري !

الجريدة الرسمية