رئيس التحرير
عصام كامل

يوسف والي.. وخراب بيت الفلاح!!


العبقري الذي اتخذ قرارا بزيادة أسعار الأسمدة لا يدرك أن هذا القرار سوف تعاني منه مصر كلها ولا يدرك أن المواطنين هم المضرورون قبل الفلاحين، الذي اتخذ قرار زيادة أسعار السماد لا يعلم أنه عنصر أساسي في الزراعة وإنتاج الغذاء، والله العظيم أنا هتجنن كيف لدولة تستورد أكثر من نصف غذائها من الخارج ولديها أزمة طاحنة في الغذاء وأسعاره وتتخذ مثل هذه القرارات التي تدمر الفلاح الذي ينتج الغذاء.


لهذا القرار نتائج ثلاث.. الأولى، أن يشتري الفلاح الأسمدة بأسعارها الجديدة ويرفع أسعار إنتاجه الزراعي، وبالتالي ترتفع الأسعار أكثر على المواطنين، وتزداد معاناتهم.

الثانية، عدم استطاعة الفلاح شراء الأسمدة بسعرها الحالي، وبالتالي ينخفض إنتاجه وتضطر الحكومة للجوء إلى الاستيراد بالعملة الصعبة لسد احتياجات المواطنين، وبدلا من أنها كانت ستدعم الأسمدة بمليار دولار سوف تدفع عشرين مليار دولار للاستيراد، أي تفكير هذا وأي رؤية هذه. 

النتيجة الثالثة لهذا القرار الكارثي، هي أن يترك الفلاح الأرض بورا، وهذا أفضل من الخسائر التي لم يعد يتحملها..

متى تدرك الحكومة أن من لا يملك غذاءه لا يملك قراره؟

الفلاح هو المنتج للغذاء، والدول المتقدمة التي لا تمثل الزراعة شيئا في ناتجها القومي تقوم بدعم الفلاح لدرجة شراء المحاصيل منه وإلقائها في البحر، من أسبوعين كتبت وحذرت من تفكير الحكومة في زيادة أسعار الأسمدة استجابة لضغوط أصحاب المصانع، وقام مجلس الوزراء بتكذيب الخبر..الذي أصبح اليوم حقيقة.

مصر تنتج ضعف احتياجاتها من الأسمدة والخامات محلية فلماذا إذن ترتفع أسعار الأسمدة؟ وإذا كانت هناك ضرورة لارتفاع الأسعار لماذا يتحملها الفلاح ولا تتحملها الدولة؟!

الفلاح المصري الذي يتعرض للظلم على مدى التاريخ ولا يجد من يحنو عليه أو يرفق به رغم أنه الفئة الوحيدة المنتجة حتى في أيام الفوضى كان يعمل حتى لا تنهار الدولة.. وفي الأحداث السياسية والوطنية تجده في مقدمة الصفوف في الميادين وأمام اللجان الانتخابية وأبنائه هم الأكثر استشهادا برصاص الإرهابيين، وفي البحر غرقا وهم يبحثون عن أرزاقهم، وممنوعون من الالتحاق بالوظائف المهمة، كل هذا لا تقدره الحكومة. 

الفلاح يعاني من الفقر والجهل والمرض فلا ضمان اجتماعي ولا تأمين صحي ولا نقابة ولا نواب يدافعون عن حقوقه.

حتى وزارة الزراعة تخلت عنه فالمتحدث الرسمي لها يتهم مجلس الوزراء بأنه هو الذي أصدر قرار زيادة أسعار الأسمدة، وكأنها وزارة في دولة أخرى.

الله يرحم أيام د. يوسف والي الذي لم تحدث في عهده أي أزمة في الغذاء أو الزراعة وحينما طلب منه أصحاب المصانع زيادة أسعار الأسمدة مائة جنيه في الطن رفض وقال لهم الفلاح لا يتحمل ذلك.

يوسف والي كان يوفر للفلاح كل مستلزمات الإنتاج في الجمعيات الزراعية ثم يتقاضى ثمنها من المحصول ولم يترك الفلاح لمافيا استيراد البذور والتقاوي والأسمدة كما هو حادث الآن.. يوسف والي الذي تبنى مشروع البتلو فلم تحدث أزمة لحوم.. يوسف والي الذي لم تشهد مصر في عهده أزمة أسماك لأنه كان يملأ النيل والبحرين والبحيرات بزريعة الأسماك ويمنع الصيد خلال شهر التكاثر وبالتالي يكفي احتياجاتنا طوال العام ويرحم الصيادين المصريين من التشتت في كل الدنيا. 

يوسف والي أكثر من عشرين عاما وهو وزير الزراعة ونائب لرئيس الوزراء لم يتقاض جنيها واحدا من الدولة التي عشقها ولم يتزوج من أجلها، كان يرفض كل دعوات السفر للخارج ويفضل الجلوس مع الفلاحين في الحقول.. يوسف والي من خلال البحث العلمي والإرشاد الزراعي والدورة الزراعية ودعم المحاصيل الإستيراتيجة فحقق الاكتفاء الأمن من الغذاء، الفلاح أصبح يتيما من بعد يوسف والي الراهب في حب مصر، وكل جريمته كانت مجاملة حسين سالم الذي تصالحت معه الدولة!

يا ريت نستعين بيوسف والى أو حتى بأفكاره للقضاء على أزمات الغذاء والزراعة قبل أن تحدث مجاعة، اللهم احفظ مصر.
الجريدة الرسمية