رئيس التحرير
عصام كامل

للأسف نحن شعب طائفى


لا أقصد عموم الشعب، ولكن يمكنك القول إن أغلبية ليست قليلة من المصريين متطرفون وعنصريون.. ودعنى أقول لك أيضًا إنه حان الوقت لأن نعترف بذلك، وإذا لم نعترف فمن الصعب أن نصلح هذا الهوس الدينى المتطرف، والتطرف هنا لا يخص المسلمين وحدهم، ولكنه يخص كل أصحاب الأديان، فما حدث فى الخصوص ومن قبلها كل الاعتداءات والسحل والقتل للمسيحيين فى عديد من الأماكن، لم يكن أمرًا تنظيميًا من فصيل متطرف، ولكنه للأسف مبادرات فردية لمجموعات متطرفة، يساندها مزاج متطرف لدى قطاعات واسعة من المجتمع.


أظنك تعرف أن هناك أسبابًا كثيرة جدًا جدًا، على رأسها من حكموا مصر منذ حركة الضباط فى عام 1952، فمن سوءات الزعيم جمال عبدالناصر أنه استخدم الدين، بل يمكنك القول إنه خلطه بالسياسة، وخاض منافسة شرسة مع التنظيم السرى للإخوان لاستخدامه، وهو ما فعله السادات من بعده، واستمر الحال على ما هو عليه فى عهد مبارك.

فالرؤساء الـ3 لم ينشغلوا بمشروع حقيقى لدولة مدنية حديثة، ومن ثم عمل على أن يتم تأسيس حقيقى للمواطنة، أى المساواة المطلقة فى الحقوق والواجبات بين كل المصريين، أياً كانت عقيدتهم ودينهم وعرقهم وثقافتهم.. إلخ.

لذلك فالـ3 لم يعملوا على تنقية مناهج التعليم من أى تمييز دينى، ولم يهتم الـ3، بعد أن حول عبدالناصر الأزهر إلى مؤسسة تعليمية بالمعنى الواسع وليس الدينى فقط، بتنقية مناهجه من كل ما يدمر الدولة الحديثة.

ليس فقط فى مجال التعليم ولكن فى كل المجالات.. فقد شهدت العهود الـ3 بدرجات متفاوتة نوعًا من التمييز، من المؤكد أنه كان أكثر فجاجة فى عهد الرئيس السادات رحمه الله، فعلى سبيل المثال فقد تحالف مع الإخوان، لتدمير قوى اليسار التى كانت تعارضه، مبارك لم يفعلها، ولكنه فى ذات الوقت لم يغير أسس الدولة التى ورثها من السادات.

هذا لا يعنى أن السلطة الحاكمة فى العهود الـ3 هى المسئولة وحدها، ولكن حتى لو كانت هى التى يجب أن نعلق فى رقابها كارثة التطرف والعنصرية، فقد حان الوقت كمجتمع لأن نعترف بذلك وأن نواجهه.

أول أسلوب المواجهة هو أن تتوقف القوى المعارضة للتنظيم السرى للإخوان عن نفاق هذا المجتمع، فليس منطقيًا أن ينادوا بدولة مواطنة ودولة حديثة، وفى ذات الوقت يرحبوا بأن يكون للدولة كمؤسسات دين، لأنه دين الأغلبية، بل يوافقوا على تطبيق الشريعة الإسلامية، دعك من التصورات المختلفة للشريعة، ودعك من التصور الذى يطرحونه للشريعة، فالأمر له علاقة بالمبدأ، والمبدأ هو أن الدولة بمؤسساتها وحتى السلطة التنفيذية أيًا كانت، لا يجب أن تنحاز لدين ولا لعقيدة، فدورها الوحيد هو حماية حق كل مواطنيها فى أن يعتنقوا ما يشاءون.

الحقيقة المرة هى أن أولى خطوات مقاومتنا لمجتمع للتطرف الذى "يعشش" فينا، هو أن تتوقف النخبة السياسية عن نفاق المصريين، وعليها أن تواجه هذا المجتمع بحقيقة أنه متطرف وحقيقة أنه لا يمكن، وهو كذلك أن يبنى دولة الحرية والعدل.

طبعًا ليس حرية وعدل التنظيم السرى للإخوان ولكن حرية وعدل كل المصريين.

الجريدة الرسمية