رئيس التحرير
عصام كامل

جماعة راسبوتين


الحقيقة يا عزيزى أنا أستطيع الحديث عن ماضى الحركة الإسلامية، كما أستطيع الحديث عن مضارع الحركة الإسلامية، ولكننى قد يغم عليَّ الأمر إذا أردت الحديث عن مستقبل الحركة الإسلامية، وسبب غم الأمر ـ غم الله نفس اللى فى بالى ـ


هو أن الحركة الإسلامية ما زالت تعيش فى فترة المراهقة سواء من الناحية الفكرية أو السياسية أو التنظيمية، ولا أظن أن الحركة الإسلامية وفى القلب منها جماعة الإخوان ستصل إلى مرحلة الرشد والعقل فى المستقبل القريب، كما أن أولويات الحركة الإسلامية أصابها الخلل، وأغلب الظن أن هذا الخلل راجع إلى عدم قدرة جماعة الإخوان ـ باعتبارها الألفة ـ قراءة الواقع قراءة صحيحة، ورؤية الآخرين رؤية منضبطة، فآفة ما تمر به الجماعة هو أنها ترى الآخرين ومصر والعالم من خلال مرآة.

فكلما نَظَرَت إلى المرآة لا ترى إلا نفسها، فتظن أن غيرها ليسوا على شىء، وليسوا على صواب، وكلما نظرت إلى المرآة قالت كما كانت الساحرة الشريرة فى قصص الأطفال تقول: يا مرايتى يا مرايتى من فى الدنيا أجمل منى، وتسمع الجماعة نفسها ـ لا المرآة ـ وهى تقول: جماعة الإخوان طبعا هى أجمل من فى الدنيا!!.


الجماعة إذن، ومعها الحركة السلفية لا ترى ولا تسمع إلا رجع صدى صوتها ولكنها أصمت أذنها عن سماع الآخرين، لذلك فهى لا تفهم تلك اللغة الغريبة التى تتكلم بها كل الطوائف السياسية وتكاد تقسم أنهم يتكلمون بلغة "خنفشارية" غير مفهومة، وبالتالى فإنها على يقين من أن رموز الحركة السياسية والوطنية المختلفون معهم هم أعداء الإسلام، وأنهم من الملحدين والكفرة، وحين كتبت أنا شخصيا فى فيتو مقالة عن ليبرالية عمر اتهمنى أحد شيوخ الإسكندرية بالكفر والإلحاد.

لذلك فإننى أرى أن الحركة الإسلامية ستظل تحبو فى ربوع المراهقة حتى تدرك أن العدل والحرية هما من مقاصد الإسلام العليا، وإذا كانت العدالة غائبة عن الحركة الإسلامية بزعم المحافظة على التنظيم، وكانت الحرية مكبلة بالأغلال الفكرية السقيمة حتى أن السمع والطاعة والاستعباد التنظيمى هم الدين الذى يتقرب به هؤلاء إلى الله، فإننى لا أستطيع أن أقول للحركة الإسلامية إلا: يا جماعة راسبوتين، يا من رفعتم شعار الدين، وسلكتم سلوك الشياطين، وضع الله رؤوسكم فى الطين، آآآآمين.

الجريدة الرسمية