رئيس التحرير
عصام كامل

مرضى الكبد ضحية مصلحة الجمارك!


برنامج زراعة الكبد بمركز جراحة الجهاز الهضمي بجامعة المنصورة لم يتوقف منذ أن بدأ قبل 12 عامًا، حتى خلال فترة الانفلات الأمني عقب يناير 2011 في الوقت الذي كانت فيه كل فئات المجتمع تتظاهر وتعتصم وتقتحم المنشآت وتعطل المصالح وتحرق المؤسسات، كان فريق زراعة الكبد بجامعة المنصورة يقف على قدميه 18 ساعة في غرفة العمليات مرتين في الأسبوع لإنقاذ حياة المرضى بإجراء أكبر عملية نقل أعضاء في مجال الطب وهي زراعة الكبد..


هذا البرنامج توقف أمس وللمرة الأولى بسبب تعنت مصلحة الضرائب في الإفراج عن أمبولات سيموليكت ( semulect) وهي حقن تستخدم فقط في زراعة الأعضاء، ولا تباع في الصيدليات، وقامت جامعة المنصورة بشرائها من إحدى شركات الأدوية والتي استوردتها من الخارج، ومنذ أسبوعين والأمبولات في جمارك مطار القاهرة..

وهناك 14 مريضًا تم تحضيرهم للزراعة منذ فترة، ينتظرون رحمة مصلحة الجمارك وموظفيها، هؤلاء المرضى حالتهم في منتهى الخطورة ومعرضون للوفاة في أي لحظة بسبب تأخير إجراء العملية، وراء كل واحد منهم حكاية تفطر القلب فالذي باع كل ممتلكاته والذي جمع تبرعات أهل الخير وأموال الذكاة والذي والذي..... ولم يشفع لهم ذل وقهر المرض وخراب بيوتهم حتى يرحمهم المسئولون في مصلحة الجمارك ووزارة المالية..

أربع أو خمس كراتين أدوية لماذا يستغرق الإفراج عنها أسبوعين أو أكثر؟

رغم أن هذه الأمبولات تستخدم فقط لمراكز زراعة الأعضاء والتي هي في الغالب مستشفيات حكومية، بعض المرضى أخبروني أن سعر الأمبولة خمسة آلاف جنيه وصل في السوق السوداء إلى عشرين ألف جنيه وغير متوافرة..

الرئيس السيسي بالأمس في اجتماعه مع رئيس الوزراء ووزير الصحة طالبهما بتوفير الدواء للمواطنين وحل مشكلات وأزمات الصحة المتلاحقة وكان الرئيس سبق وأصدر تعليمات إلى وزير المالية ومحافظ البنك المركزي بتوفير الأموال اللازمة لاستيراد الأدوية الاستراتيجية ولكن من الواضح أن هناك بعض المسئولين إما أنهم لا يفهمون تعليمات الرئيس أو يعملون عكسها..

برنامج زراعة الكبد بجامعة المنصورة، وهو برنامج حكومي مصري خالص حقق نسبة نجاح أكثر من 80% يعادل النسبة العالمية، وهو الأقل تكلفة في جمهورية مصر العربية، بل إن الدكتور محمد عبدالوهاب المشرف على البرنامج يقوم بجمع التبرعات للمرضى الفقراء الذين لا يستطيعون تحمل نفقات الزراعة والبرنامج يلقى اهتمام كل المسئولين في جامعة المنصورة، حيث تشمل خدماته كل المصريين وليس أبناء الدقهلية فقط..

فهل تكتب نهايته بسبب مصلحة الضرائب؟

بمجرد أن وصلتني شكوى المسئولين والمرضى سواء من نقص امبولات الزراعة أو المحاليل الطبية (الجلوكوز) أبلغت بها هيئة الرقابة الإدارية تلك الهيئة التي أصبحت تحظى باحترام المصريين لجهودها المتميزة في مكافحة الفساد وأنا على ثقة بأنها سوف تنهي معاناة مرضى الكبد وتنقذهم من الوفاة، الأدوية سلعة استراتيجية ترتبط بحياة المواطنين، فلماذا يتم تحصيل جمارك عليها يتحملها المواطن في النهاية؟

فحتى الوقت الذي نصبح فيه دولة منتجة للأدوية (مثل الأردن على الأقل) يجب إعفاؤها من الجمارك وتسهيل استيرادها لتخفيف المعاناة على المواطنين خاصة أدوية الأمراض المزمنة والأورام إلا إذا كان هناك اتجاه لترشيد استخدام الأدوية على اعتبار أنها سلع استفزازية أو ترشيد المواطنين أنفسهم توفيرًا للأدوية!! واللهم ارحمنا.
egypt1967@yahoo.com
الجريدة الرسمية