رئيس التحرير
عصام كامل

لبانة نمضغها ونرميها !


قطعت "داعش" رءوسًا كثيرة، صورت بعضهم بكاميرات ديجيتال، وبثت "الذبح" على يوتيوب، يقول أبو بكر البغدادى إنه جندى لله، تنفى دول إسلامية كلام البغدادى لتناقضه مع تعاليم الدين.. تصف تلك الدول نفسها بالقابضة على مفاتيح الإسلام الوسطى.. ينفون عن داعش الإسلام، وعن جنود داعش العقيدة السلمية.. المعضلة في أن تلك الدول نفسها تقطع الرءوس أيضًا باسم الإسلام والدين القيم والشريعة "السمحة"!


أعدمت دولة إسلامية كبرى 50 بنى آدم خلال العام الماضى بقطع الرأس.. حفرت السلطات خنادق في ميادين عامة.. ودعت العوام للفرجة. استغربت منظمة العفو الدولية، تحالف دول "وسطية" ضد داعش، بينما هي في الوقت نفسه تنفذ بالقانون ما تنفذه داعش "بلا إنسانية"!

مرة زميل فرنسى سألنى عن معانى الإسلام الوسطى، وكيف أن "الوسطيين" يفعلون ما يمارسه غير الوسطيين؟ السؤال في محله.

في الصومال، ومالى.. وبعض مدن باكستان.. وأفغانستان.. تسرى عقوبات الرجم وقطع اليد، وقطع الرأس والأرجل باسم الوسطية، في وحشية أسست لمليون سؤال عن الذي يقُصد حقيقة بـ "وسطية الإسلام"؟

لما شجبت العفو الدولية حملة قطع الرءوس، تشنج المشايخ وقالوا: إعلاء للشريعة، لكن داعش ذبحت مرة صحفيا أمريكيا ومرة أخرى سائقا فرنسيا، ومرة ثالثة مدنيين في عرسال اللبنانية إعلاء للشريعة أيضًا.. فلماذا داعش "متطرفة" بينما الآخرون وسطيون؟

لا يعرف فقه الإسلام عقوبة "قطع الرأس".. قطع اليد في السرقة تسرى وفق ضوابط شرعية في تحرى ملابسات الجريمة، لو طبقت لما قطع أحد يد أحد.. الرجم في الزنى للمتزوج عقوبة غير إسلامية.. أو لم تعد من الإسلام. رجم النبى قبل نزول آية "الزانية والزانى فاجلدوا كل منهما مائة جلدة..".

كثير من أهل الفقه يقولون إن النبى رجم على شريعة اليهود حتى ورد النص بالجلد في القرآن.. تمامًا مثلما صلى المسلمـون في نعالهم كاليهود أيضًا، حتى تغيرت القبلة فمسحوا على الخفوف.. وخلعوها أثناء الصلاة.. إلا في الحرب.

في الفقه "الحدود" غير "التعزير".. "الحدود" منصوص عليها في كتاب الله.. الحدود في الجرائم التي أقر الله فيها عقوبات بعينها. كالزنى.. السرقة.. الحرابة.. أما التعزيرات.. فمن اختصاص ولى الأمر، ومن ابتكاره، زجرا للجانى، وإخافة لآخرين.. منعًا للفوضى.

قطع رءوس مهربى المخدرات "تعزير"؛ لأنه ليس في القرآن حدًا لجالب الكوكايين.. لم يرد نصًا لمهرب الماريجوانا.. صحيح لولى الأمر تقدير العقوبة "تعزيرًا" حسب الجرم وحجمه، لكن "تمادى ولى الأمر في وحشية العقوبة" لا يمكن أن يعلق على شماعة "الشريعة.. وصحيح الدين".. لا يمكن التحجج بإطلاق الإسلام الحرية لولى الأمر في ابتكار ما يراه من عقوبات.

قطع رأس مهرب مخدرات في ميدان عام.. ليس "تعزيرًا شرعيًا"، إنما انتهاك للآدمية.. وقتل معالم ومشاعر البشر.

لا يصدق العالم أننا وسطيون، لأننا لسنا كذلك.. تطرفت داعش.. وتطرفت دول إسلامية أعلنت الحرب على داعش بحجة جرائمها ضد الإنسانية.
الوسطية لبانة.. نمضغها ونرميها!
wtoughan@hotmail.com
twitter: @wtoughan
الجريدة الرسمية