رئيس التحرير
عصام كامل

نائب رئيس «القضاء العسكري» الأسبق: القضاء الكسيح لا يصلح لمواجهة الإرهابيين والانتحاريين


  • سد ثغرات المحامين لإطالة أمد القضايا «لعبة القضاء العسكري»
  • يجب تعديل مدد النقض في قانون الإجراءات الجنائية
  • على وزارة التضامن ملاحظة الأسر الأشد فقرًا حتى لا تستقطبهم الجماعات الإرهابية 
  • حقوق المتهم ودرجات التقاضي مكفولة في «العسكري»
  • قضية الإرهابي “عادل حبارة” أخذت وقتًا طويلًا في محكمة الجنايات
  • إغواء الانتحاريين بـ«عقود» ومفاتيح قصور بالجنة وفاتنات لبنان!
  • 300 جلسة لقضية ما تستمر 4 سنوات في القضاء العادي

ثار جدل واسع في الشارع المصري خلال الفترة الأخيرة حول محاكمة الإرهابيين أمام القضاء العسكري لسرعة إنجاز القضايا ولكي ينال الجاني عقابه، وجاء ذلك بعد انتشــار الهجمــات الإرهابية و آخــرها حادث تفجير كمين الهرم و الكنيسة البطرسية بالعباسية.. الجميـع على دراية تامة بأن إجراءات القضاء العسكري سريعة وناجزة وتختلف كثيرًا عن القضاء العادي الذي يستغرق سنوات عديدة للفصل في القضايا، ولذلك ظهرت في الآونة الأخيرة دوائر مخصصة لمحاكمة الإرهابيين من أجل إنجاز قضايا الإرهاب و محاكمــة القتلة.
وفى ذات السياق أكد عدد من رجال القضاء العـادي أن محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري سيعصف بتاريخ القضاء المصري واقترحوا إنشاء أكثر من دائرة لمحاكمة الإرهابيين، وأن يتم تدشين دوائر بمحكمة النقض تتفرغ لنظــر القضايا المطعون فيها أمامها.
كما اقترحوا تعديل قانون الإجراءات الجنائية على أن يكون الفصل في القضايا سريعًا، ومن بين الاقتراحات أيضًا «عندما يتم الطعن في أحكام محاكم الجنايات أمام النقض تتصدى محكمة للفصل في القضية ولا تعود القضية مرة أخرى إلى محكمة الجنايات، ووقتها سيكون أمام المتهم درجتين للتقاضي وهما محكمة الجنايات ثم محكمة النقض، وهو ما يحقق ضمانات التقاضي للمتهم، حيث سيتم محاكمته أمام درجتين».
تساؤلات عديدة وأسئلة محيرة تدور في أذهاننا حول الفرق بين القضاء العادي والعسكري يجيب عنها اللواء "طه سيد طه" نائب رئيس هيئة القضاء العسكـــري الأسبـق... وإلى نص الحـوار:


> ما الفــرق بين القضــاء العــادي و العسكــري؟
لا فرق بين رجل القضاء العادي والعسكري، إلا الزي الذي يرتديه كل منهما فقط فلكل منهما زيه الخاص.
ولا يوجد فرق مطلقًا بين القضاء العسكري، و المدني سواء بالنسبة لأعضائه، أو بالنسبة لإجراءاته، أو فيما يخص إجراءات المحاكمة أو التحقيق، وذلك يكون بدءًا من اختيار الأعضاء حتى آخر الإجراءات سواء في النيابة أو المحكمة فدرجات المحاكم العسكرية هى ذاتها في المحاكم المدنية وهى نفس مراحل التقاضي سواء المحاكم العليا للطعون العسكرية “محكمة النقض” فلا يوجد اختلاف على الإطلاق في العمل، وكل منهم له نفس المواد القانونية ونفس الأحكام لكل قضية للفصل فيها سواء في محكمة الجنح أو محكمة الجنايات سواء في المحاكم المدنية أو المحاكم العسكرية.

> كيف يتم التعامل مع المتهم في حالة عدم وجود من يترافع عنه أمام الهيئة القضائية؟
القضاء العسكري يختلف عن القضاء العادي بأنه متخصص في الشق الجنائي، وهو يعني أن الأفعال المجرمة سواء المخالفة للجنح أو الجناية، فالمحاكم العسكرية تكون علنية مثل القضاء العادي وأي متهم من حقه أن يكون لديه من يدافع عنه أمام المحكمة، وإذا لم يكن لدى المتهم دفاع فتنتدب المحكمة له محاميًا من أجل الدفاع عنه.

> ما هو اختصاص القضاء العسكــري ؟
هو جهة قضائية مختصة بكل الجرائم المتعلقة بالقوات المسلحة والجرائم التي ترتكب من ضباط القوات المسلحة وأفراد القوات المسلحة والعاملين بالمخابرات العامة، وذلك إذا وقع منهم خطأ أثناء تأديـة عملهم.
كما أنه لا يجوز محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري إلا إذا صدر منهم اعتداء على الوحدات والمنشآت والثكنات العسكـرية أو التعدي على أسلحة ومعدات ووثائق القوات المسلحة.
كما صدر مؤخرًا قانون بقرار من رئيس الجمهورية يجعل التعدي على المنشآت الحيوية المملوكة للدولة يأخذ حكم المنشـآت العسكرية، و بالتالي إذا تم الاعتداء على تلك المنشآت تكون من مهام القضاء العسكري الفصل في هذه القضايا.
وقبل ثورة 25 يناير كانت المادة 6 من قانون القضاء العسكري تتيح لرئيس الجمهورية أن يحيل القضايا إلى القضاء العسكري بالجرائم الواردة بالباب الأول والثاني من قانون العقوبات وهى الجرائم المتعلقة بأمن الدولة من جهة الداخل أو من جهة الخارج، فالفقرة الثانية كانت تتيح أن يحيل رئيس الجمهورية القضايا إلى المحكمة العسكرية إذا أعلنت حالة الطوارئ.
وبعد ثورة 25 يناير ألغيت هذه المادة وأصبح اختصاص القضاء العسكري ينحصر فيما نصت عليه المادة 204 من دستور 2014 القائم حاليًا.

> هناك مطالبات من المواطنين والمثقفين بعد انتشار العمليات الإرهابية بإحالة قضايا الإرهاب إلى القضاء العسكري.. فما السبب في ذلك؟
القضاء العسكري يحقق فلسفة العقوبة و هى الردع العام والردع الخاص وذلك بسرعة الفصل في الدعاوى، وهى سمة من سمات القضاء العسكري نظرًا لأنه قضاء متخصص في الشق الجنائي ونظرًا لأنه غير مرتبط بدور انعقاد، فالقضاء العسكري يكون دوريًا وتعقد الجلسات يوميًا حتى يمكن إنجازها.
وبالتالي سرعة الفصل في الدعاوى تؤدي إلى الردع العام، ولكن البطء في الفصل تكون وقائع الجريمة قد مر عليها سنوات كثيرة، وبالتالي لا يتحقق الردع العام لأن المجتمع قد يكون نسى الفعل.

> هل القضاء العسكري هو الوسيلة المثلى لمواجهة قضايا الإرهاب والتفجيرات؟ وما هى الحلول المثلى التي يجب أن تقوم بها الدولة لمواجهة قوى الإرهاب؟
نحن في حالة حرب ولا بد من تضافر كل الجهود من أجل مواجهة هذه الحرب من تفجيرات و إرهاب، فالأزهر له دور مهم في مواجهة الفكر بالفكر، فالإرهابي لا يخشى الإعدام أو السجن المؤبد وبعض الأشخاص يتم إجراء غسيل مخ لهم بهدف التخريب ونشر الفوضى والبلطجة.
وهناك موقف طريف تعرض له أحد زملائي العسكريين في مواجهة الإرهابيين في منطقة سيناء، فأثناء القبض على انتحاري حاول تفجير نفسه في منطقة بسيناء عثر بحوزته على صورة للفنانة نانسي عجرم وعقد بيع وسلسلة مفتاح، وبسؤاله عن سبب وجود صورة نانسي عجرم في جيبه قال: إنها الحور العين وهى زوجته بالجنة.
وتبين أن عقد البيع هو عقد بيع لقصر في الجنة موقع من الجماعة المتطرفة التي ينتمي إليها، وبالنسبة إلى المفتاح قال إنه مفتاح قصره في الجنة.. كل ذلك يتم تدريسه لهم و غسيل مخهم وفكرهم الغائب به.
كما أن لوزارة الأوقاف دورًا كبيرًا في التصدي للإرهابيين بالتوعية من مخاطر التطرف من خلال مساجدها، وعلى سفراء وزارة الخارجية توضيح مخاطر الإرهاب ومشكلاته وما تعاني منه مصر، كما أنه لا بد من اتخاذ إجراءات بالتنسيق والتعاون ما بين الدول العربية والأجنبية، وعلى الإعلام أيضًا التوعية والتثقيف وتوضيح الحقيقة للرأي العام بعيدًا عن التشويه والتضليل، وعلى وزارة التربية والتعليم أن تعلم الأطفال الأخلاق الحسنة والدين الوسطى ونبذ العنف والتطرف، كما يجب على وزارة التضامن الاجتماعي أن تلاحظ الأسر الأشد فقرًا حتى لا تستقطب الجماعات الإرهابية أبناء هذه الأسر واستغلالهم في التخريب والتفجير، وعلى الدولة أيضًا دور كبير من خلال التوسع في مشاريع التنمية ومحاربة الفقر والجهل وخلق فرص عمل ومحاربة البطالة حتى لا يلجأ الشباب إلى الجماعات الإرهابية، كما يجب على مجلس النواب إصدار تعديل المواد التي تحتاج إلى تعديل من أجل ردع الإرهابيين والقضاء على ظاهرة التطرف.

> ما رأيك في مشروعات القوانين المطروحة لإحالة قضايا الإرهاب إلى المحاكم العسكرية؟
لا بد من الإنجاز وسرعة الفصل في الدعاوى المتعلقة بالإرهاب ولكي يتم ذلك لا بد من تدخل تشريعي وتعديل قانون الإجراءات الجنائية بشأن مدد النقض وأيضًا تغليظ العقوبات في الجرائم المتعلقة بالإرهاب أيًا كانت.

> بم تفسر طول فترة نظر معظم القضايا أمام القضاء العادي ؟
لأن القضاء العادي يرتبط بدور انعقاد فـ 300 جلسة لقضية ما ستستمر لـ 3 أو 4 سنوات، أما في القضاء العسكري لا ترتبط بدور انعقاد فتكون يومية وباستمرار.

> هل القضاء العسكري قادر على سد ثغرات المحامين الذين يتعمدون إطالة أمد القضايا برد هيئة المحكمة؟
«دى لعبة القضاء العسكري».. يتم بتكليف مباشر من النيابة العسكرية بتنفيذ كل الطلبات التي يطلبها الدفاع، ويكلف الدفاع بالحضور في اليوم التالي.
كما أن القضاء العسكري في الوقت ذاته يكلف أجهزة الأمن والنيابة العسكرية بدورها في تنفيذ ومتابعة القرارات سواء في الطب الشرعي أو الأدلة الجنائية، فإذا تأخر أحدهم أرسل له يوميًا مندوب شرطة عسكرية بخطاب للرد على التكليف المرسل وسرعة الاستجابة الفورية.

> هل يخلو قانون المحاكم العسكرية من رد هيئة المحكمة مثلًا؟
رد هيئة المحكمة في القضاء العسكري يكون وفقًا للقانون وبذات الإجراءات المتبعة أمام القضاء العام، فإذا رأت الهيئة أن هناك ما يستدعي تغيير الهيئة ورد المحكمة في قضية ما نظرًا لكون أحد أعضاء هيئة القضاء قريبًا لشخص أو له صلة بأحد المتهمين حيث له الحق في إبداء سبب أو لاستشعار الحرج، أما إذا تبين أنه ليس هناك سبب في رد المحكمة وتعطيلها فيتم تغريم الدفاع بمبالغ مالية كبيرة.

> ما رأيك في استغراق نظر قضية الإرهابي “عادل حبارة” أكثر من 3 سنوات؟
من وجهة نظري القضية أخذت وقتًا طويلًا في محكمة الجنايات، وكان من حق المتهم الطعن بالنقض، ومنها تم تغيير هيئة المحكمة ونظرتها مرة أخرى من جديد وأصدرت حكمها للمرة الثانية بالإعدام وهو الحكم النهائي، وتم التصديق على الحكم من رئيس الجمهورية بتنفيذه، وتم التنفيذ بصورة سريعة وعادلة.

> ما ردك على انتقادات بعض المحامين للقضاء العسكري ورفضهم الترافع أمامه؟
في غير محلها ورغبة منهم في إرضاء موكليهم وإطالة الفصل في الدعاوى من أجل جمع الأموال.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لــ "فيتو"
الجريدة الرسمية