رئيس التحرير
عصام كامل

محمود الجوهري.. قائد غزوة الفراعنة لمونديال 90 بإيطاليا «بروفايل»

محمود الجوهري
محمود الجوهري

تحل اليوم الخميس ذكرى تأهل المنتخب الوطنى لبطولة كأس العالم التي أقيمت بإيطاليا عام 1990 ففى مثل هذا اليوم الموافق 17 نوفمبر من عام 1989 استطاع المنتخب المصرى أن يفوز على شقيقه الجزائرى بهدف نجم وهداف الأهلي السابق حسام حسن في اللقاء التاريخى الذي جمع المنتخبين بإستاد القاهرة الدولى في حضور أكثر من 100 ألف مشجع مصرى.


ولا يستطيع أي مواطن مصرى عاصر هذا الحدث التاريخى أن يغفل صاحب العرس وصانع فرحة المصريين وقاهر الجزائريين الجنرال الراحل محمود الجوهرى الذي قاد الفراعنة لتحقيق حلم المونديال بعد غياب 56 عاما حضر فيها الفراعنة بنهائيات كأس العالم للمرة الأولى عام 1934 وكانت في إيطاليا أيضا.

ومن الطريف أن تأتى ذكرى تأهل الفراعنة لمونديال 90 بإيطاليا هذه المرة لتواكب احتفالات المصريين بالفوز على منتخب غانا يوم الأحد الماضى بالجولة الثانية من التصفيات المؤهلة لمونديال روسيا 2018 وهو الفوز الذي عزز فرص الفراعنة في الظهور مجددا بالعرس الكروى الأكبر الذي ينتظره سكان العالم كل 4 سنوات.

وتستعرض "فيتو" بهذه المناسبة السيرة الذاتية لجنرال الكرة المصرية الراحل محمود الجوهرى آخر من قاد الفراعنة للتأهل لهذا المحفل العالمى.

محمود نصير يوسف الجوهري، هو الاسم الكامل لجنرال الكرة المصرية الأشهر والأفضل في تاريخ التدريب المصري، ويكفى ذكر اسم محمود الجوهري، لتذهب قلوب وعقول كل المصريين فورًا إلى عام 1990، وتتوقف للحظات طويلة تستعيد فيها ذكريات هذه الأيام الخوالى.

وتحت قيادة الجنرال الجوهري، يرتفع العلم المصري في إيطاليا للمرة الثانية في تاريخ نهائيات كأس العالم، وتقدم الكرة المصرية أوراق اعتمادها الحقيقي بعد غياب طويل، في تجربة لم تتكرر حتى الآن، ثم يبدأ عصر الاحتراف الذي يدين فيه الجميع بالفضل الأول إلى هذا الرجل، «السابق لعصره»، مطور التفكير الكروي في مصر في تلك المرحلة الزمنية.. إنه الجنرال الذي سيبقى في ذاكرة التاريخ وقلوب المصريين مهما تقدم بهم الزمن أو العمر.

مولده
ولد الجوهرى في 20 فبراير 1938، وقضى أربعة وسبعين عامًا بين أركان ومدرجات الملاعب المختلفة لاعبًا فذًا ومدربًا عظيمًا وقديرًا، حقق خلالها العديد من الألقاب والبطولات والإنجازات، التي ستظل عالقة في أذهان الجميع، لتعترف بموهبته وشخصيته وقدراته الخاصة، وقبل كل هذا عشقه لبلده مصر، والتي كان يمثل لمنتخبها الأول المنقذ والملهم، فكلما اشتدت المنافسات وتأزمت الأمور، يسرع إليه رؤساء الاتحاد السابقين لينقذ ما يمكن إنقاذه، وكثيرا ما خرجت مشاعر الجماهير جياشة وتلقائية في شكل تظاهرة أو هتافات مدوية تطالب بعودته.. «جوهري.. جوهري».

بطولاته كلاعب
وأنهت الإصابة مسيرة الجوهرى اللاعب بعد 10 سنوات من اللعب حافلة بالبطولات فكانت إصابة الركبة سببًا مباشرًا في حرمان النادي الأهلي ومنتخب مصر من مهارات وموهبة الجوهري لاعبًا، وكان قد بدأ اللعب في النادي الأهلي منذ عام 1955 وحتى 1965، حقق خلالها مع ناديه 8 بطولات «6 بطولات دوري ما بين عامي 1955 حتى 1961»، وبطولتين لكأس مصر موسمي «55-56» و« 60-61».

وحصل مع منتخب مصر على بطولة كأس الأمم الأفريقية عام 1959، وتوج هدافًا لها أيضا برصيد «3 أهداف»، سجلها كلها في مرمى إثيوبيا في مباراة واحدة «هاتريك»، وهو الشخص الوحيد الذي أحرز بطولة كأس الأمم الأفريقية كلاعب وكمدرب لاحقًا، ورغم أنه لعب لمدة تعتبر قصيرة «10 سنوات فقط»، إلا أن إنجازاته ربما لم يصل إليها كثيرون ممن لعبوا كرة القدم في مصر.

الجوهرى مدربا
واتجه بعد ذلك الجوهري إلى التدريب، حيث عمل داخل ناديه الأهلي، بمجرد اعتزاله عام 1965، في تدريب فريق الناشئين تحت 16 عامًا، واكتشف أغلب جيل 90 الذي دربه لاحقًا في المنتخب، ثم كمساعد مدرب حتى عام 1977، ثم توجه بعد ذلك في نفس المنصب لكن هذه المرة بالمملكة العربية السعودية، وتحديدًا نادي اتحاد جدة، منذ عام 1977، حتى ترقى إلى منصب المدير الفني للفريق عام 1981، وقضى موسمًا واحدًا فقط في منصبه الجديد هناك، حتى عاد سريعًا بعدها لقيادة النادي الأهلي كمدير فني لمدة عامين «1982 – 1984»، فاز خلالهما ببطولة الدوري المصري، وبطولة أبطال الدوري الأفريقية لأول مرة في تاريخ القلعة الحمراء، وبطولتين لكأس مصر.

رحيله للإمارات
ورحل الجوهري مجددًا، وهذه المرة كانت إلى دولة الإمارات العربية المتحدة ليتولى القيادة الفنية لفريق «الشارقة» لمدة موسم واحد «84-85»، ويعود إلى بيته الأول سريعًا، ليقود النادي الأهلي مرة أخرى لتحقيق الفوز ببطولة كأس مصر، وأيضًا بطولة أبطال الكئوس الأفريقية في موسم واحد فقط «85-86»، قبل أن ينتقل إلى السعودية للمرة الثانية والأخيرة في مسيرته التدريبية لقيادة فريق «أهلي جدة» لمدة موسمين «1986-1988».

«الجوهري المونديالي»
وتبدأ مسيرة محمود الجوهري الكبيرة والتاريخية مع منتخب مصر، مديرًا فنيًا في عام 1988، ليتمكن بعد أقل من عامين من قيادة مصر للوصول إلى نهائيات كأس العالم 1990 في إيطاليا للمرة الثانية والأخيرة حتى الآن في تاريخها الكروي.

ورحل الجوهري وعاد عدة مرات، فبعد قيادته الناجحة للمنتخب المصري في كأس العالم، وفي إحدى المباريات الودية العالمية الكثيرة التي شارك فيها المنتخب تحت قيادته، تعرض المنتخب لهزيمة كبيرة أمام منتخب اليونان «1-6» في أواخر عام 1990، لتتم إقالته رغم إنجازه الكبير قبلها لمجرد الهزيمة في لقاء ودي، قبل أن يعود إليه سريعًا مرة أخرى بقرار جمهورى وقتها خلفًا لفايتسا الألماني، بعد إخفاق المنتخب في دورة الألعاب الأفريقية، ليقود مصر إلى الفوز ببطولة كأس العرب في سوريا 1992، بعد تغلبه على السعودية في النهائي «3-2».

«الجنرال» زملكاوى
وقرر الجنرال بمحض إرادته الاستقالة من تدريب المنتخب المصري، عقب الإخفاق في التأهل إلى نهائيات كأس العالم 94، بسبب واقعة زيمبابوي الشهيرة، ثم ينتقل لتدريب نادي الزمالك، في مفاجأة كبرى وقتها، وكعادته وخلال موسم واحد فقط «93- 94»، حقق مع الزمالك بطولة أبطال الدوري الأفريقية، بعد غياب استمر 7 سنوات، وبطولة كأس السوبر الأفريقي للمرة الأولى في تاريخه وقتها.

أمم أفريقيا 98
وانتقل بعدها الجوهرى إلى الإمارات مجددًا وللمرة الأخيرة أيضًا، ليقود فريق «الوحدة» لمدة عام واحد، نجح معه في الفوز بلقب كأس الإمارات 1996، ثم انتقل مديرًا فنيًا لمنتخب عمان لمدة عام واحد أيضًا، إلا أن نداء منتخب بلاده المصري جاء سريعًا بعد تدهور نتائجه في التصفيات المؤهلة إلى كأس العالم 1998 عقب رحيل الهولندى كرول وتولي الثنائي محمود الخطيب وفاروق جعفر المسئولية، إلا أن الجوهرى لم يتمكن من إنقاذ المنتخب في معركة المونديال الصعبة، لكنه فاجأ الجميع واقتنص لقب كأس الأمم الأفريقية 1998، رغم تصريحه الشهير «المنتخب المصري قد يحتل المركز الثالث عشر في تلك البطولة»، ليعود اللقب الغالي إلى أحضان المصريين بعد غياب طال 12 عامًا.

ورغم هذا الإنجاز الكبير الذي جعله أعظم مدربي مصر في هذا الوقت، إلا أن الإطاحة به جاءت سريعة للغاية عقب الهزيمة الكبيرة أمام منتخب السعودية «1-5»، في بطولة كأس القارات بالمكسيك 1999، ويرحل الجوهرى متأثرا بشدة هذه المرة.

«الجوهري» يودع الفراعنة للمرة الأخيرة
وابتعد الجوهرى عن التدريب لفترة حتى ثارت الجماهير المصرية مطالبة برجوعه مجددًا، وللمرة الرابعة والأخيرة، عام 2000 بعد تجربة جيرار جيلي «الفاشلة»، ليعود الجوهري لقيادة المنتخب في التصفيات المؤهلة إلى كأس العالم 2002، ورغم تقديمه لمباريات جيدة وتأرجح وضع الفريق صعودًا وهبوطًا، إلا أنه خرج منها في النهاية صفر اليدين، وهو ما حدث أيضا في بطولة كأس الأمم الأفريقية في نفس العام، ليرحل الجوهري سريعًا هذه المرة في أقصر فتراته التدريبية مع المنتخب، وتنتهى تلك الرواية الطويلة التي جمعت بينهما على مدى 2934 يوما، بدأها عام 88 وأنهاها 2002 بعد 14 عامًا، وكانت فترته الأطول مع منتخب بلاده في المرة الثالثة وامتدت لـ 875 يومًا، بينما الأخيرة هي الأقصر وامتدت فقط لـ 609 أيام بالتمام والكمال.

الجوهرى بطل قومى في الأردن
واتجه الجوهري بعدها إلى الأردن، ليقود ثورة التغيير الكبير في كرة القدم هناك، ويتقلد منصب المدير الفني لمنتخب الأردن، ثم يصبح الخبير الكروي الكبير منسقًا ومخططًا عامًا للكرة الأردنية ومشرفًا عليها، وعرض عليه نفس المنصب لاحقًا من القائمين على المنظومة الكروية المصرية للاستفادة من خبراته الواسعة التي جعلته أحد أشهر مدربي العالم في كرة القدم، ولكنه تمسك بمواصلة نجاحاته مع الكرة الأردنية حتى أصبح الملهم للجماهير الأردنية وبطلها القومى.

أوسمة الجنرال
وبينما يعانى الجوهري من صراع مع المرض، سيتوقف التاريخ طويلًا عند كل إنجازاته الشخصية والتدريبية والإنسانية، فعبر سنوات عمره الطويلة، حصد الجوهري صاحب بكالوريوس العلوم العسكرية أربعة أوسمة جمهورية هي « وسام الرياضة من الدرجة الثانية 1983، نوط الرياضة من الطبقة الثانية 1986، وسام الرياضة من الطبقة الأولى 1991، ثم وسام الرياضة من الطبقة الأولى 1998».

كما فاز الجوهري بلقب أفضل مدرب عربي 3 مرات أعوام 89، 96 و98، وأيضا لقب أفضل مدرب في القارة الأفريقية عام 1998، وهو نفس العام الذي اختاره فيه الاتحاد الدولى لكرة القدم واحدا من أفضل عشرين مدربًا خلاله.

وحقق الجوهرى إجمالًا 12 لقبا مع منتخب مصر والأندية التي قادها، بالإضافة إلى التأهل التاريخى إلى نهائيات كأس العالم مع المنتخب المصري 1990، وخلال مسيرته مع منتخب مصر، قاده في 155 مباراة «69 منها مباريات رسمية»، فاز في 67، منها 36 رسمية، وتعادل في 49 مباراة «18 رسمية»، وخسر 39 «15 رسمية».

أحرز المنتخب المصري تحت إشرافه 221 هدفا «بمعدل 1.5 هدف / مباراة»، منهم 107 أهداف في مباريات رسمية، واستقبلت شباكه 143 هدفا بمعدل يقل عن هدف واحد في كل مباراة، منها 50 هدفا في مباريات رسمية.
الجريدة الرسمية