رئيس التحرير
عصام كامل

دراسة حديثة : إسرائيل تسقط فى فخ الطائفية .. والصهيونية تتحور لـ "طور جديد"


ذكرت دراسة حديثة إن إسرائيل تتجه للمزيد من التشدد فى سياستها الخارجية مع الدول العربية، والفلسطينيين على وجه الخصوص على أمل إرغامها على قبول تسويات تحقق هدفها الرئيس وهو ترسيخ طابعها اليهودى.


جاء بأطروحة الدكتوراه التى قدمها الباحث والصحفى أكرم خميس لمعهد الدراسات العربية بعنوان "مستقبل إسرائيل فى الفكر السياسى الصهيونى"، أن الدولة اليهودية تعيش جملة من الأزمات البنيوية التى تمثل تهديدا لوحدة شعبها، وتمهد فى ظل التطابق بين الطائفية من جهة والحزبية من جهة ثانية لفرض صدامات عنيفة بين التوجهات والمصالح المتضاربة.

أشارت الدراسة إلى أن وعى المفكرين الصهاينة بهذا التهديد ودعواتهم المتواصلة للتصدى له، لم تؤد إلى نتائج إيجابية نظرا لأن الصهيونية باعتبارها الفكرة المؤسسة للوجود الإسرائيلى تقوم على نوع من التلفيق الفكرى العاجز عن مواكبة تطورات الواقع.

وأوضحت الدراسة التى أشرف عليها أستاذ العلوم السياسية البارز الدكتور مصطفى كامل السيد، أن الصهيونية التى قامت على أساس جمع اليهود من أنحاء العالم فى فلسطين، لم تتكمن من تحقيق بشارتها الأولى بصهرهم وتوحيدهم فى إطار هوية واحدة، بل إنها اعتمدت وسائل حكم وإدارة عمقت بينهم الفرقة بحيث بات الاثنيات المختلفة كالروسية والمغربية تفرض مطالبها الضيقة على توجهات الدولة.

وتوقعت الدراسة أن تدخل إسرائيل فى حالة من التنافس الطائفى المعزز بالانقسامات الاجتماعية والدينية خلال الفترة القادمة، مشيرة إلى أن السيناريوهات التى وضعها المفكرون الصهاينة تستبعد وقف هذا الاتجاه فى ظل صعود نجم قادة الاثنيات المغلقة كافيجدور ليبرمان، الذى أظهر فى أكثر من مناسبة تحديه لتوجهات الحكومة على الرغم من عضويته فيها.

أضافت الدراسة أن نظام الحكم فى إسرائيل فى طريقه حسب توقعات هؤلاء المفكرين للخضوع لسيطرة تحالف دينى جديد يجمع بين الرؤية الدينية التقليدية من جهة والصهيونية التوراتية من الجهة الثانية، بما يعنى إخضاع السياسة الخارجية والداخلية لآراء رجال الدين.

ونوهت الدراسة إلى أن الفكر الصهيونى خلص بعد فشل قمة كامب ديفيد التى جمعت الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات ورئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق إيهود باراك فى يوليو عام 2000، إلى استحالة عقد تسوية شاملة للصراع مع العرب، وأن الأضمن لبقاء إسرائيل دولة يهودية هو فرض حلول أحادية على مختلف الأطراف سيما الفلسطينيين.

ولفتت الدراسة إلى أن هذه الحلول تحرم الفلسطينيين تماما من إقامة دولة مستقلة كاملة السيادة، وتحمل الدول العربية والمجتمع الدولى مسئولية حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين عبر منحهم تعويضات مالية وتوطينهم فى المناطق الفلسطينية أو فى دول إقامتهم، أما القدس فستبقى حسب هذه السيناريوهات تحت السيادة الإسرائيلية، مع منح سكانها العرب بطاقة إقامة على أن تكون تبعيتهم السياسية للسلطة الفلسطينية أو لكيان أردنى فلسطينى يمكن إقامته مستقبلا.

ووفق المفكرين الصهاينة فإن تخلى إسرائيل عن بعض الأراضى العربية المحتلة لا يعد تنازلا عن الحلم الصهيونى، ولكنه محاولة لمواجهة تزايد السكان العرب الذى يمثل خطورة على يهودية الدولة العبرية، والأهم أنه يوفر لتل أبيب الفرصة لتحصين نفسها أمنيا من خلال مجموعة من آليات الفصل المحكم التى يدخل فى إطارها إقامة الجدار العازل، والانسحاب الذى تم من قطاع غزة فى عام 2005.

وأشارت الدراسة إلى أن المفكرين الصهاينة يعتبرون امتلاك أى من الدول العربية أو الإسلامية لسلاح نووى خطوة فى طريق نهاية إسرائيل، ولذلك لا يخلو أى نقاش حول المستقبل من بحث كيفية التصدى للخطر النووى الإيرانى.

وحسب الدراسة فإن إسرائيل تلقى بمسئولية تخليصها من البرنامج النووى الإيرانى على كاهل المجتمع الدولى، لكنها تشعر بعدم اطمئنان كامل لهذا الخيار وتواصل الاستعداد لشن ضربة منفردة تجهض محاولات طهران لإكمال مشروعها النووى.

وفيما يتعلق بالثورة المصرية، ذكرت الدراسة أن سقوط نظام الرئيس حسنى مبارك فاجأ المفكرين والباحثين الإسرائيليين، وأثار لديهم مخاوف حقيقية على مستقبل الكيان الصهيونى، نظرا للدور الذى لعبه النظام السابق فى دعم الاستقرار فى المنطقة، فضلا عن موقفه المعادى لإيران والجماعات الإسلامية.

ولفتت الدراسة التى شارك فى مناقشتها كل من الدكتور عماد جاد رئيس تحرير مجلة "مختارات إسرائيلية" والدكتورة إيمان حمدى الأستاذ بالجامعة الأمريكية إلى أن وصول الإسلاميين للحكم فى مصر مثل فى بدايته مصدر قلق للباحثين الإسرائيليين، غير أن ذلك تغير تدريجيا بسبب ما أظهرته جماعة الإخوان المسلمين من حرص على استمرار العلاقات بين القاهرة وتل أبيب، ثم دورها فى تهدئة الأوضاع فى قطاع غزة .

الجريدة الرسمية