رئيس التحرير
عصام كامل

البداية ليست من الصفر!


المبادرة التي أعلن عنها الرئيس عبدالفتاح السيسي، بالعفو عن الشباب الذين لم يتورطوا في أعمال عنف خلال الفترة السابقة، جاءت في وقتها المناسب تماما، كخطوة جادة لإزالة الاحتقان بين قطاع واسع من الشباب المهتم بقضايا وطنه، وبين الدولة.

دعا الرئيس إلى تشكيل مجموعة من الشباب المشاركين في أعمال المؤتمر الوطني للشباب، لمراجعة قوائم وأسماء المحبوسين في السجون، ووعد بأنه سيقوم بتوقيع قرارات العفو إذا كانت متوافقة مع أحكام القانون والدستور.

ولا يجب أن تبدأ اللجنة من الصفر، هناك جهود سابقة في مجال مراجعة قوائم المحبوسين، قامت بها لجان أخرى من قبل، ويجب أن تستعين بها اللجنة الجديدة، واذكر على سبيل المثال اللجنة التي تشكلت من شباب الصحفيين، الذين تحمسوا لأداء تلك المهمة النبيلة، لإدراكهم أن الوقيعة بين الشباب الذي يمثل وقود ثورتي يناير ويونيو وبين القيادة الشجاعة التي خلصت البلاد من حكم الإخوان الرهيب، لا تصب في مصلحة الوطن، بل تخدم القوى المعادية لمصر سواء في الخارج أو الداخل، وفي مقدمتها جماعات الإسلام السياسي.

وليس سرا يذاع أن هناك أجهزة داخل الدولة يحركها الهاجس الأمني دون أدنى مراعاة للبعد السياسي إلى الدعوة إلى اتخاذ خطوات عنيفة ضد الشباب، خاصة لو كان ينتمي إلى أحزاب معارضة، بل لم يتوقف الأمر عند الشباب المعارض، بل امتد إلى كل من يعبر عن رأيه سلميا، وفقا لقوانين تتعارض مع حقوق الإنسان والدستور المصري.

ويستخدم هؤلاء العديد من الحجج، للضغط على الدولة لاستخدام الشدة مع الشباب، ومنها الدفاع عن هيبة الدولة.. وحماية أمنها، وكأن الوقفات السلمية التي تتم بين الحين والآخر على سلالم نقابة الصحفيين ستؤثر على هيبة الدولة.. أو تهديد الأمن القومي.
ولا يراعي أصحاب تلك التوجهات مدى ما أصاب الشباب من إحباط لعدم تحقيق الأهداف التي ثاروا من أجلها على نظام مبارك وأسقطوه، وقد أبدي الرئيس عبدالفتاح السيسي، تفهمه الكامل لمعاناة الشباب، ماد فعه للاستجابة لمطلب المفكر السياسي أسامة الغزالي حرب بالعفو الرئاسي عن الشباب المحبوسين، واستجابة الرئيس لدعوته.

ولا شك أن تلك المبادرة أسعدت ملايين المصريين، ولم تقتصر على اسر الشباب وحدهم، إنما الذين يعترضون على حبس المواطنين بسبب آرائهم السياسية، ويؤمنون بأن المعارضة مكون أساسي لنظام لحكم.. وأن من حق المواطن أن يعبر عن رأيه بالوسائل المحتلفة طالما أنه لا يستخدم العنف.

ولا شك أن دعوة رموز المعارضة للمشاركة في أعمال المؤتمر، كانت خطوة شديدة الأهمية على طريق إحداث التقارب بين مختلف التيارات السياسية، وإحداث توافق مجتعي على أن الإرهاب يمثل العدو الرئيسي للوطن، الذي يجب أن توجه كل الجهود لهزيمته، ولا تتبدد في خلافات بين دعاة الدولة المدنية، تبعدهم عن المواجهة مع القوى المعادية.

وقد تبين من خلال المؤتمر أن الحوار وحده هو الطريق الصحيح لاستعادة الشباب بالمشاركة الفعالة بدلا من اتخاذ مواقف سلبية مما يجري على الأرض من مشروعات، وكأنهم غير معنيين بإنجازها.

كما كشفت أعمال المؤتمر عن أن مقاطعة بعض الأحزاب للمؤتمر، بحجة استمرار حبس زملاء لهم، لم يكن قرارا صائبا، وكان عليهم أن يشاركوا ويطرحوا آراءهم، ويعبروا عن مخاوفهم، ويناقشوا أصحاب الآراء المخالفة، بدلا من المقاطعة السلبية التي ثبت أنها بلا جدوي.

ويحسب للحكومة أنها عرضت جلسات المؤتمر على الهواء مباشرة ليتابعها ملايين المشاهدين.

ويبقي أن على اللجنة التي أمر الرئيس بتشكيلها لإعداد قوائم المحبوسين أن تقدم تقريرها خلال ١٥ يوما، ألا تغفل القائمة التي أعدها المجلس القومي لحقوق الإنسان، وتضمنت أسماء المحبوسين، وعلي الأجهزة الأمنية أن تستوعب أهمية المصالحة بين النظام والشباب، وتتفهم ترحيب الشباب المشارك في المؤتمر بوعد الرئيس بالإفراج عن المحبوسين، ولا تضع العقبات أمام اللجنة الجديدة كما سبق أن وضعتها أمام لجان عديدة سابقة.
الجريدة الرسمية