رئيس التحرير
عصام كامل

الاطمئنان والثقة الزائدة وأشياء أخرى


لا أحد ينكر تلك الجهود العظيمة التي تبذلها القوات المسلحة ووزارة الداخلية، فضلا عن الأجهــزة الاستخباراتية والأمنية المتخصصة في مواجهة العناصر الإرهابية.. ولا أحد ينكر أيضًا أن الإرهاب اليوم غيره بالأمس، وأن هناك تراجعًا كبيرًا قد حدث فيما يخص أعمال الاغتيالات والتفجير والتخريب والتدمير..


من ناحية أخرى، لا أحد يتصور أن الأعمال الإرهابية سوف تنتهى أو تتوقف، والذي يلقى نظرة على ما حدث ويحدث في أوروبا وأمريكا يمكن أن يضع الصورة في مكانها الصحيح، بل إن ما يجرى حولنا من حروب طائفية ونزاعات عرقية وصراعات مذهبية وما نتج عنها من ضحايا ودماء؛ في ليبيا والعراق وسوريا واليمن..إلخ، فضلا عمن يقف وراء ذلك من دول إقليمية ودولية وأجهزة استخبارات عالمية، يؤكد أن العمليات الإرهابيــة لن تتوقف، على الأقل في المدى المنظور..

وهذا يدفعنا إلى إلقاء الضـــوء على بعض السلبيات والثغرات التي نعانى منها، والتي لو تم علاجها لاستطعنا تقليص حجم الخسائر إلى أقل درجة ممكنة.. خذ على سبيل المثال سلبيتى الاطمئنان والثقة الزائدة وكيف أنهما يعطيان صاحبهما إحساسًا بأنه لم يعد هناك خطر على الإطلاق -حتى وإن كان محتملا- ومن ثم له أن يتحرك دون حذر!!

ونظرة مبدئية على كثير من الاغتيالات التي وقعت لشهدائنا -من الجيش والشرطة- خلال الفترة الماضية تؤكد أن هاتين السلبيتين تسببتا في وقوع حوادث اغتيالات.. قديمًا قالوا: "الاطمئنان يورث الغفلة"، وقالوا أيضًا: "يؤتى الحذر من مأمنه".. والذي يلقى نظرة سريعة على عملية اغتيال الشهيد العميد عادل رجائى، يدرك دون عناء أن العملية سبقها رصد مبكر لحركته، سواء في خروجه من منزله أو في عودته إليه، وهل هناك تأمين مناسب لحركته أم لا؟ بالطبع كانت هناك معلومات متوافرة لدى الإرهابيين مثل عنوان السكن، واختيار مكان قريب لتسهيل عملية الرصد، وما يتطلبه ذلك من بحث واستئجار للمكان (قبلها بفترة) بشكل طبيعى وعادى منعًا للفت الأنظار، ثم توفيــر السلاح، والسيارة للهروب، وغير ذلك من أمور لازمة وضرورية..

لو تخيلنا أن الشهيد العميد لم يكن خروجه أو عودته رتيبًا؛ من حيث التوقيت، وأن مبيته داخل أو خارج منزله لم يكن هو الآخر رتيبًا، إذا لأصبحت المهمة صعبة على الإرهابيين.. أيضًا لو أن هناك ملاحقة ميدانية ومتابعة دقيقة وحصر سريع لعمليات تأجير الشقق وساكنيها، لأمكن إحباط عمليات الاغتيال قبل وقوعها..

كما أن ارتياد طرق مختلفة في الذهاب والإياب، بالنسبة للشخصيات المهمة، أو فيما يتعلق بالمركبات والمدرعات التي تتحرك على محاور بعينها داخل سيناء سوف يجعل المهمــة أكثر صعوبة، وهكذا.. ومن السلبيات الخطيــرة، مسألة الاختراقات التي تحدث لبعض أجهزتنا للحصول على معلومات بقصد استهداف شخصيات بعينها من الجيش أو الشرطة أو القضاء، أو حتى بقصد الهروب من السجون، كما حدث مؤخرًا.. كما أن الإهمال في تأمين وحراسة المطارات، وكذا الكمائن الأمنية الثابتة، وأيضًا التقاعس أو التلكؤ أو التباطؤ في جمع المعلومات المطلوبة عن الإرهابيين وما ينتوون عمله، كل ذلك يلعب دورًا كبيرًا في إتاحة الفرصة لعناصر الإرهاب من ارتكاب جرائمها...
الجريدة الرسمية